لندن: كشف التقرير الصادر عن اللجنة البريطانية المكلفة التحقيق في حرب العراق، أن السعودية كانت قد حذرت مبكرًا من خوض تلك الحرب. 

وورد في التقرير أن تقييم لجنة الاستخبارات الحكومية المشتركة الصادر في 19 أبريل 2002 كان قد ذكر أن "السعودية أعلنت عن موقفها الصريح والواضح بمعارضة الهجوم، ومن غير المرجح بالنسبة للمملكة أن توفر الإسناد المطلوب لمثل تلك العمليات العسكرية". 

وحذرت السعودية، وفقًا للتقييم، من التداعيات الاقتصادية والأمنية للحرب على العراق والمنطقة. وأشار التقرير إلى موقف الدول المجاورة للعراق الرافض للحرب.

وكان وزير الخارجية الأمير الراحل سعود الفيصل آنذاك قد أكد في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على أن "السعودية تعتقد أن الحرب على العراق ستهدد المنطقة بأكملها، خصوصًا أنها لم تحظَ بدعم أو موافقة قرار من الأمم المتحدة". وقال الأمير سعود الفيصل إنه "متخوف من ارتفاع نبرات وبوادر التطرف في كل الغرب، وبالأخص في الولايات المتحدة الأميركية".

قمة الهذيان!

من جانب آخر، لم يبدِ معلقو الصحف البريطانية الكثير من التعاطف مع توني بلير الذي دعا الى الكف عن التشكيك في نواياه بشأن الحرب الكارثية على العراق بعد ان وجه له تقرير شيلكوت انتقادات لاذعة.

وكتبت صحيفة "ذي صن" الاكثر مبيعًا أن بلير "لكي لا يفقد عقله لا يزال عليه أن يردد لنفسه أن العالم افضل حالاً، واكثر امانًا، بسبب انضمامه الى الهجوم الذي شنه جورج بوش على العراق. انها قمة الهذيان".

واضافت أن "بلير يقر بأن التخطيط لما بعد الحرب كان كارثيًا. هذا كل ما يقر به، وهو لا يرى سببًا للاعتذار عن قراره خوض الحرب، ويصر على انه سيفعل الشيء نفسه مجددًا. انه لا يزال يعتقد انه لم يكن لديه خيار. كان بوسعك أن تقول لا، يا توني".

بعد نشر التقرير الاربعاء عقد بلير مؤتمرًا صحفيًا مؤثرًا استمر ساعتين، اعترف خلاله بارتكاب اخطاء لكنه دافع عن نواياه، وقال انه كان سيفعل الشيء نفسه في الظروف نفسها.

وركزت الصحف الخميس على توجيه انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء العمالي الاسبق الذي فاز في ثلاثة انتخابات، ثم تنحى في 2007 عندما اندلعت حرب طائفية في العراق وتلطخت صورته الى حد كبير.

وقال بلير، وهو يكاد يبكي، انه يشعر بالحزن اكثر مما يمكن لأي كان أن يتصور بسبب الحرب.

وكتبت المعلقة آن بركنز في صحيفة "غارديان" أن "التشكيك في صدق احد يبدو وضيعًا في مثل هذه الظروف (...) لكني رأيته بمظهر المتأثر سابقًا ومثل ملايين الناخبين فانا لم اعد اثق به". واضافت انه مذنب باظهاره "عجرفة لم تضعف" في تبرير افعاله.

وكتب مايكل ديكون من صحيفة "ديلي تلغراف" المحافظة أن بلير رفض الاعتذار عن غزو العراق. وقال: "ما الذي نفهمه من هذا؟ نداء صادق صادر عن رجل محطم من اجل ان نتفهمه؟ ام أنه مجرد تمثيل، وتجسيد بارع للشخصية".

وقال جون كريس من "غارديان" إن اداءه يظهر حزنه على نفسه في المقام الاول. "انا، انا، انا. الحرب لا تعني 179 جنديًا بريطانيًا ومئات الآلاف من العراقيين القتلى. الامر كله يتعلق به هو على الدوام".

وقال مستشهدًا بفيلم "حياة براين" الكوميدي، "كانت عينا توني تشعان بقناعته بأنه شهيد. لم يكن فتى شقيًا، بل كان المسيح".

 وكتب تريفور كافانا من "ذي صن" ان بلير "كان على الدوام مهووسًا بإرثه كرئيس وزراء. ربما كان يحلم ان يكون مثل بطل حرب اميركي مع كل ما يتصل بذلك من منافع مجزية".

واضاف "بدلاً من ذلك سنذكره باعتباره من اشعل عاصفة من اللهب الارهابي في عالم ضعيف وغير مستقر".