إيلاف من لندن: ترأس ديفيد كاميرون الثلاثاء اخر مجلس وزراء له، قبل ان تحل محله الاربعاء وزيرة الداخلية تيريزا ماي على راس الحكومة البريطانية لتنفرغ بشكل خاص لمهمة تنفيذ قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

وهكذا ستصبح تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة يوم الاربعاء لتقود بلادها في عملية خروجها من الاتحاد الاوروبي، بعد انسحاب منافستها الوحيدة وزيرة الدولة للطاقة اندريا ليدسوم من السباق على خلافة ديفيد كاميرون. 

وبقيت ماي المرشحة الوحيدة على الساحة بعد انسحاب ليدسوم، التي واجهت انتقادات بعد تلميحاتها بأنها اكثر أهلية لمنصب رئاسة الوزراء لأنها انجبت. 

وقال كاميرون إنه يتوقع أن تعقد الحكومة آخر اجتماع برئاسته اليوم، وسيجيب عن أسئلة في البرلمان لنحو 30 دقيقة يوم غد الأربعاء. وأضاف كاميرون للصحافيين أمام مقره في لندن، «بعد ذلك أتوقع أن أذهب إلى قصر باكنغهام وأقدم استقالتي. سيكون لدينا رئيس جديد للوزراء في هذا المبنى الذي أقف أمامه بحلول مساء الغد».

العمل يحتاج اليقين

وقالت أندريا ليدسوم، التي انسحبت من المنافسة على خلافة ديفيد كاميرون، إنها تعتقد أن ماي قادرة بشكل مثالي لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأفضل شروط ممكنة. وأضافت «ليدسوم» العمل يحتاج اليقين... إننا الآن في حاجة لرئيس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن».

من جهتها، أوضحت تيريزا ماي، إن البلاد سوف تظل ملتزمة بالكامل بقرار الخروج من الاتحاد الأوروبي رغم موقفها السابق المعارض لمغادرة التكتل. وقالت إن الحزب المحافظ تحت قيادتها سوف يكون «في خدمة الأشخاص العاملين... والتأكد من أن اقتصادنا يعمل حقاً لصالح الجميع».

وتواجه بريطانيا اسوأ ازمة سياسية منذ اجيال بعد التصويت الصادم بالخروج من الاتحاد الاوروبي في الاستفتاء الذي جرى في 23 يونيو، والذي دفع كاميرون الى الاستقالة. 

وشهد حزب المحافظين الذي يتزعمه، سباقًا مريرًا على خلافته، فيما يواجه زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن كذلك تحديًا لزعامته. 

واطلقت ماي (59 عامًا)، التي قد تصبح اول إمرأة تتولى رئاسة الوزراء بعد مارغريت تاتشر، حملتها السياسية الاثنين معلنة انها ستقود بريطانيا في عملية الخروج من الاتحاد الاوروبي، رغم انها دعمت معسكر البقاء في الاتحاد قبل الاستفتاء. 

وقالت ماي في تصريحات تلفزيونية، "قرار البريكست نهائي، وسنقوم به بنجاح".

واضافت: "لن نبذل أية محاولات للبقاء داخل الاتحاد الاوروبي، ولن نسعى الى اعادة الانضمام من ابواب خلفية، ولن نجري استفتاء ثانيًا (...) ساضمن أن نغادر الاتحاد الاوروبي".

السرعة افضل

وكانت ماي وعدت ببدء المحادثات الرسمية للخروج من الاتحاد الاوروبي بنهاية العام في اقرب وقت ممكن، في وقت يضغط زعماء دول الاتحاد على بريطانيا لتسريع البدء في هذه المحادثات.

وكرر يورين ديسلبلوم، وزير المالية الهولندي الذي يرأس المجموعة الاوروبية التي تضم 19 من نظرائه في منطقة اليورو، دعواته لنقل السلطة في بريطانيا بالسرعة الممكنة. 

وصرح للصحافيين: "كلما حسمنا هذه المشكلة أسرع، كلما كان ذلك افضل" .

ثاني امرأة بعد تاتشر

وماي (59 عامًا) هي ابنة قس وستصبح ثاني امرأة تتولى هذا المنصب بعد تاتشر (1979-1990). 

وقدمت نفسها على انها القائد الذي يمكنه ان يوحد البلاد بعد الحملة المريرة التي قسمت البلاد قبل الاستفتاء، كما انها مفاوض صعب تستطيع أن تتصدى لبروكسل في المحادثات التي وصفتها بالصعبة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. 

ويعني خروج ليدسوم ان كبار المسؤولين الذين قادوا حملة الخروج من الاتحاد الاوروبي وهم بوريس جونسون ومايكل غوف وليدسوم، وزعيم حزب "استقلال بريطانيا" المستقيل نايجل فاراج، تخلوا عن المناصب القيادية. 

وقال الكاتب سلمان رشدي على تويتر: "دعاة الخروج من الاتحاد الاوروبي ألقوا بالحجارة على النوافذ، والان يهربون من المنزل". 

واطلقت النائبة انجيلا ايغل رسميا حملتها لمنافسة كوربن على زعامة حزب العمال. 

 صرخة ألم 

وفي احدث المفاجآت التي تشهدها بريطانيا مؤخرًا، اطلقت النائبة عن حزب العمال انجيلا ايغل حملتها لتولي زعامة الحزب المعارض خلفًا للاشتراكي المخضرم كوربن، ودعت الى اجراء انتخابات عامة بعد وقت قصير من تولي ماي مهام منصبها.

 وكان كوربن يتمتع بتأييد واسع بين اعضاء حزبه، الا انه خسر ثقة ثلاثة ارباع نواب حزب العمال على الاقل. 

وقالت ايغل، وهي من اليسار "المعتدل" في حزب العمال، واول نائبة تعقد شراكة مدنية مع صديقتها في 2008، إن بريطانيا تواجه "اوقاتًا خطرة". 

واشارت الى انها تعتبر التصويت في الاستفتاء "رسالة للملايين في هذا البلد الذين شعروا لفترة طويلة أن لا احد يستمع اليهم (..) وبالنسبة للعديد منهم فقد كانت صرخة ألم". 

وبعكس ما حدث في حزب المحافظين، فان زعامة حزب العمال يلفها الغموض.

وستقرر اللجنة التنفيذية الوطنية الحاكمة في الحزب ما اذا كان كوربن سيدخل المنافسة على الزعامة بشكل تلقائي ام انه سيحتاج الى الحصول على ترشيح من 51 نائبًا، وهو الامر الذي سيكون صعبًا عليه. 

عريضة

إلى ذلك، وقع أمس أكثر من 1000 محامٍ بريطاني بارز عريضة لحث رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على السماح للبرلمان بالبت في مسألة انسحاب البلاد من الاتحاد. 

ووصف الموقعون، وهم محامون من إنجلترا واسكتلندا وشمال إيرلندا وويلز، من بينهم 100 استشاري كبار، الاستفتاء الذي جرى على انسحاب بريطانيا من الاتحاد بأنه استشاري، واستند إلى «تحريف الحقائق ووعود لا يمكن الوفاء بها».

وأضافوا في الخطاب الذي نشرته صحيفة «الغارديان»، أنه يجب إجراء تصويت حر في البرلمان، واقترحوا أن تشكل الحكومة «لجنة ملكية» لمراجعة الأدلة قبل أن تبدأ رسميًا إجراءات الانسحاب من الاتحاد وتقديم تقرير عن مزايا ومخاطر تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة.