مع ترقب اعلان هيلاري كلينتون ودونالد ترامب عن هوية مرشحيهما لمنصب نائب الرئيس والذي سيكون مع الفائز في 8 نوفمبر، يتجدد النقاش حول مدى أهمية هذا المنصب ومكانته في أميركا، خصوصاً بعد تغير نظرة الأميركيين خلال العقود القليلة الماضية عن فاعلية نائب الرئيس، الذي بات أكثر حضوراً وتواجداً في البيت الأبيض.

واشنطن: يتولى نائب الرئيس دورًا مهمًا وفق الدستور الاميركي إذ إنه يترأس مجلس الشيوخ لكن من دون تصويت إلا إذا عجز أعضاء المجلس المائة عن الحسم.

وترتبط وظيفته الثانية بالحوادث المأسوية فهو يحل محل الرئيس في حال الوفاة او الاستقالة كما حدث مع ليندون جونسون بعد اغتيال جون كينيدي وجيرالد فورد بعد رحيل نيكسون اثر فضيحة ووترغيت. وهو دور اثار مشاعر الاحباط عند من تولوه.

قال هيوبرت همفري في 1969 بعد اشهر من تخليه عن منصب نائب الرئيس ان "المنصب يشبه ان تكون وسط عاصفة وحيدا وما من احد يمد لك العون ما عدا عود ثقاب يبقيك دافئا".

ويقول جول غولدشتاين من كلية الحقوق في جامعة سانت لويس ان المنصب شكل ولفترة طويلة "معضلة سياسية". قبل جورج بوش الذي خلف رونالد ريغان في 1989، كان مارتن فان بورين في 1836 آخر نائب رئيس انتخب رئيسا. لكن المنصب تطور لاحقًا.

قبل الحرب الباردة والدخول في حقبة التسلح النووي "شعر الرؤساء بان الناس يريدون ان يطلع نائب الرئيس على تفاصيل الامور في حال حصل شيء"، كما يقول غولدشتاين.

هاري ترومان على سبيل المثال، الذي اصبح رئيسا في أبريل 1945 بعد وفاة فرانكلين روزفلت، لم يعرف الا بعد توليه المنصب بوجود "مشروع مانهاتن" وهو الاسم السري لبرنامج ابحاث وتطوير السلاح النووي.

ولفترة طويلة ظل نائب الرئيس في موقع بعيد عن البيت الابيض حيث كان مكتبه في مجلس الشيوخ.

منصب شكلي

حصل التغيير في الشكل كما في الجوهر في عهد جيمي كارتر (1977 - 1981) الذي أعطى نائبه والتر موندالي مكتبا في الجناح الغربي الراقي. ولم يدخل احد اي تعديل منذ ذلك الحين وبات مكتب نائب الرئيس موجودا بين مكتبي السكرتير العام ومستشار الامن القومي. يقول غولدشتاين ان "هذا القرب من السلطة التنفيذية له اهمية عملية وكذلك رمزية كبيرة".

من الناحية العملية، يتصرف نائب الرئيس المعاصر كما لو أنه "كبير مستشاري" الرئيس ويشكل جزءا من الدائرة الاولى. جو بايدن على سبيل المثال يشغل مكانة جيدة في الصورة الشهيرة الملتقطة في قاعة الازمة في البيت الابيض خلال العملية التي ادت الى قتل اسامة بن لادن في 2011.

رونالد ريغان استفاد بشكل كبير من خبرة جورج بوش في السياسة الخارجية باعتباره سفيرا سابقا لدى الامم المتحدة ومديرا سابقا لوكالة الاستخبارات المركزية. بيل كلينتون اعتمد بدوره على آل غور لخوض عدد من المعارك السياسية.

ومع نائب الرئيس ديك تشيني تم التقدم خطوة اضافية اعتبرها بعض المراقبين كبيرة حيث بات تأثير نائب الرئيس لا سيما بعد 11 سبتمبر كبيرًا بحيث انه اثار تساؤلات حول الدور الفعلي لجورج بوش الابن.

وقال باراك أوباما لاحقا خلال عشاء للمراسلين في البيت الابيض بلهجة ساخرة "ديك تشيني قال انني كنت اسوأ رئيس عرفه. هذا مضحك لأنني اعتبره اسوأ رئيس عرفته".

أما جو بايدن فكانت شراكته مع باراك اوباما حقيقية وبرز دوره في عدد من الملفات منذ ثماني سنوات سواء خطة الانعاش الاقتصادي وسحب القوات الاميركية من العراق ومفاوضات التسلح.

قال بايدن في 2012 راسما ابتسامته العريضة خلال تجمع انتخابي "انا عمليا اخر من يبقى مع الرئيس، هكذا نعمل".

ويتناقض هذا التصريح تماما مع تصريح جون آدمز أول نائب للرئيس في التاريخ الاميركي قبل قرنين والذي اشتكى بمرارة من دوره في رسالة لزوجته ابيغيل كتب فيها "لقد منحتني بلادي بحكمتها الكبيرة المنصب الاقل اهمية الذي تصوره الانسان على مر العصور".