أسامة مهدي: بدأت ضغوط شعبية واسعة ضد امتيازات ضخمة يعد البرلمان العراقي لمنحها الى أعضائه تؤتي ثمارها بتراجع واضح عنها وتهديد قوى سياسية باللجوء الى القضاء لوقفها .. فيما لمح الصدر اليوم لإمكانية شن عصيان مدني للمطالبة بالاصلاح وبحكومة تكنوقراط وإنهاء الفساد.

وخلال جلسة لمجلس النواب العراقي الثلاثاء،&أوضح رئيس المجلس سليم الجبوري أن قانون مجلس النواب الجديد"الذي يمنح امتيازات مالية ضخمة وجوازات سفر دبلوماسية مدتها ثماني سنوات" لم يصوت عليه المجلس بعد بل تمت قراءته قراءة اولى وستتم التعديلات عليه خلال القراءات اللاحقة .

واضاف الجبوري أن المجلس أعدّ اﻻجندة التشريعية لهذا الفصل التشريعي داعيا الكتل السياسية واللجان المختصة الى متابعة القوانين واﻻستعداد للتشريعات الحساسة والمهمة التي تحتاج إلى مناقشات.

&وأوضح&أن جميع مشاريع القوانين التي تقرأ قراءة أولى ومن بينها قانون التقاعد الموحد ستتاح لها فرصة التعديل في المراحل اللاحقة للتصويت.

نقاش علني عام وتعديلات متوقعة

ومن جانبها، قالت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب إن عددا من مواقع التواصل الاجتماعي تداولت منشورات انتقدت فيها مشروع قانون مجلس النواب الذي أنهى المجلس القراءة الاولى له قبل ايام .. موضحة في بيان صحافي تسلمته "إيلاف" ان مشروع القانون ما زال في مراحله التشريعية الاولى حيث سيخضع للقراءة الثانية والمناقشة العلنية عبر شاشات التلفزيون والتي ستشهد قيام النواب بطرح مقترحات وأفكار لإنضاج مشروع القانون وتعديله فضلا عن المقترحات التي يقدمها المواطنون عبر الموقع الالكتروني لمجلس النواب ليتم بعدها عرضه للتصويت على ضوء التعديلات التي يطالب بها ممثلو الشعب في جلسة علنية وبمنتهى الشفافية .

واكدت الدائرة الاعلامية ان القراءة الاولى للقانون لا تعني تشريعه "حيث لابد له ان يستكمل دورته التشريعية التي يتم عبرها تغيير بعض فقرات مشروع القانون" بحسب قولها.&

ومن جهته،&هدد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم باللجوء الى القضاء لمنع البرلمان من تشريع القانون الذي يتضمن منح امتيازات مالية كبيرة للنواب.

وقال الحكيم في تصريح صحافي ارسل نصه الى "إيلاف" لقد "شعرنا بخيبة أمل كبيرة ونحن نتابع القراءة الأولى لمشروع قانون مجلس النواب العراقي المقترح لما يتضمن ما نعده تراجعا في مسيرة مجلس النواب جراء الإمتيازات الكبيرة وغير المعقولة التي وضعت فيه لأعضاء المجلس نوابا وهيئة رئاسة".

وأضاف أن القانون "يخالف منهج الإصلاح الذي كان يأمل أبناء شعبنا تطبيقه من قبل أعضاء مجلس النواب قبل غيرهم من مسؤولي الدولة العراقية " .. مؤكدا "أننا إذ نرفض وبشكل قاطع أي تشريع يتضمن إلتفافا على مسيرة الإصلاح، فإننا سنلجأ الى السبل القانونية والدستورية للحيلولة دون تمرير هذا القانون".

وكان مجلس النواب قد قرأ في جلسته الاثنين الماضي القراءة الاولى لمشروع قانون مجلس النواب والمقدم من اللجنتين القانونية والمالية في حين رفض رئيس المجلس سليم الجبوري طلباً لكتلة التحالف الوطني بتأجيل قراءته.

امتيازات ضخمة وموازنة بأكثر من نصف مليار دولار

ويمنح قانون رواتب وامتيازات مجلس النواب البالغ عددهم 328 نائبا امتيازات ومخصصات مادية ضخمة كما يمنح النائب وأفراد عائلته جواز سفر دبلوماسيا لمدة ثماني سنوات بعد انتهاء الدورة التشريعية للمجلس البالغة اربع سنوات . كما نص القانون في مادته العاشرة على أن "يتقاضى الرئيس ونائباه ما يتقاضاه رئيس مجلس الوزراء ونائباه من راتب ومخصصات" ..&

ويشير الى انه "يتقاضى النائب ما يتقاضاه الوزير من راتب ومخصصات".. كما "يمنح النائب وافراد عائلته جواز سفر دبلوماسيا ويحتفظ به لمدة ثماني سنوات بعد انتهاء الدورة التشريعية" .. وايضا "يمنح الرئيس ونائباه والنواب منحة مالية غير قابلة للرد غير قابلة لمرة واحدة فقط خلال الدورة الانتخابية لتأمين المستلزمات الاجتماعية والامنية لهم يحدد مقداره بقرار من الرئيس ونائبيه" وهو ما يشير الى امكانية حصولهم على مبالغ ضخمة غير واجبة السداد.

ويمنح القانون رئيس البرلمان ونائبيه حق الحصول على مكافآت وامتيازات يحددونها بأنفسهم&حيث يشير "يصدر الرئيس بالتوافق مع نائبيه تعليمات تحدد فيها مكافآت للرئيس ونائبيه والنواب وامتيازاتهم ومخصصاتهم".

&كما وافق مجلس النواب بشكل اولي على ميزانيته السنوية للعام المقبل وهي تتضمن تخصيصات عالية شملت الملابس والايفادات والعلاجات المرضية بمبلغ نصف مليار دولار. ويبلغ مقدار هذه الميزانية 528 مليار دينار عراقي (حوالى نصف مليار دولار اميركي) وهي اعلى من موازنة العام الحالي.
وقد اثار هذا الفساد المقنن الذي يختفي وراءه البرلمان العراقي غضبا شعبيا وتعليقات ساخطة تابعتها "إيلاف" على مواقع التواصل الاجتماعي .

&وقد وصفت صحف غربية مؤخرا البرلمان العراقي بأنه الافسد في العالم .. فيما اتهم النائب مشعان الجبوري الطبقة السياسية في العراق بالفساد واكد ان اعضاء البرلمان والحكومة كلهم فاسدون مشددا على ان هذا الفساد قد حرق العراق. وقال ان جميع الطبقة السياسية في العراق فاسدة ولكل منا دوره في هذا الفساد .

&وكانت منظمة الشفافية الدولية قد أشارت مطلع العام الحالي الى ان العراق قد احتل المرتبة السادسة ضمن الدول العشر الاكثر فسادا في العالم لعام 2015 وجاء في المركز 161 ضمن 167 دولة شملها تقرير لها. &
&&
الصدر يلمح لامكانية شن عصيان مدني

قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اليوم ان الوقت لم يحن لاعلان العصيان المدني لكنه اشار الى انه اذا كان سلميا فيمكن القيام به.

جاء ذلك ردا للصدر على سؤال وجهه له احد اتباعه اطلق على نفسه "أحد ابناء الثورة السلمية الكبرى" قال فيه "بعد ان اصر الفاسدون على عدم سماع اصواتنا المطالبة بالاصلاح ومع اصرارنا المستمر الذي لاينقطع عن المطالبة بالاصلاح ومن اجل ازاحة كابوس الفساد الجاثم على صدر العراق وشعبه فإننا وحسب النظم القانونية الموضوعة من قبلهم بأحقية التظاهرات..ومن باب التصعيد السلمي فإننا نطمع برأيكم لكونكم راعي الاصلاح ومع كل الشعوب المظلومة فإننا نطمع برأيك حول التصعيد السلمي بالعصيان المدني من اجل الضغط على الفاسدين للاستجابة لمطالب الشعب العراقي الثائر".

وقد أجاب الصدر على ذلك بالقول "اذا كان العصيان المدني سلميا وكان خيارا للشعب فهو مرضي من قبلي".. لكنه استدرك بالقول "لا اظن ان وقته قد حان" كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "إيلاف" الثلاثاء.

وينظم التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر تظاهرات في بغداد ومدن عراقية أخرى أيام الجمعة من كل اسبوع تطالب بحكومة تكنوقراط مستقلين ومواجهة الفساد وتقديم الفاسدين الى المحاكمات واسترجاع اموال الشعب التي نهبوها. &

وكان فشل البرلمان في استكمال التشكيلة الوزارية الجديدة في 28 من ابريل الماضي قد اثار تظاهرات احتجاج شعبية اقتحم خلالها المتظاهرون المنطقة الخضراء ومبنى مجلس النواب واحتلوه لساعات محطمين اثاثه واجهزته الالكترونية .. ثم كرروا الاقتحام في الاسبوع التالي الامر الذي أرغم القوات الامنية على التصدي الى المقتحمين بالسلاح ما أدى الى مصرع ثلاثة منهم.&

يذكر ان الفساد قد أصبح المعضلة الكبرى في العراق كما ان الهبوط الكبير في أسعار النفط عام 2014، أدى الى تقليص ميزانية الدولة العراقية في وقت تحتاج فيه إلى المزيد من الموارد لتمويل حربها ضد تنظيم داعش الذي احتل مساحات واسعة من البلاد.

&