يعترف العالم اليوم بمهارات المرأة ومواهبها، ويتبدى هذا الاعتراف في تولي نساء مناصب ومسؤوليات كبيرة في انحاء العالم، وأحدث مثال على ذلك هو تسلم تيريزا ماي رئاسة الحكومة في بريطانيا.&

عبد الاله مجيد: بعد ٢٦ عاما تولت امرأة ثانية رئاسة الحكومة البريطانية بعد مارغريت تاتشر التي سُجلت لها أطول ولاية لرئاسة الحكومة في بريطانيا امتدت من 1979 الى 1990.& وكانت زعيمة حزب المحافظين من 1975 الى 1990 ايضاً، وأصبحت تيريزا ماي رئيسة الوزراء بعد استفتاء 23 يونيو على عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي واستقالة ديفيد كاميرون بعد تصويت أغلبية البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد. &

ولدت تيريزا ماي في 1 اكتوبر 1956 لعائلة من الطبقة الوسطى وكان والدها قساً، حيث نشأت ماي في قرية صغيرة وكانت تعمل في مخبز خلال عطلة نهاية الاسبوع لكسب بعض المال تضيفه الى مصرف جيبها المتواضع.& ولكنها كانت من البداية تطمح في الانتقال الى لندن والاقامة في عنوان محدد هو 10 داوننغ ستريت.& إذ كانت ماي تريد أن تصبح اول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في بريطانيا ولكن هذا الامتياز كان من نصيب تاتشر وتعين على ماي ان تقبل بالمركز الثاني. ويبدو انها امتعضت حين اصبحت تاتشر صاحبة هذا الشرف. &

تعلمت ماي في المدارس الحكومية ثم قُبلت في جامعة اوكسفورد.& وفي عام 1976 عرَّفتها زميلة لها في اوكسفورد الى الشاب الذي أصبح زوجها.& وكانت زميلتها بينظير بوتو امرأة قوية أخرى تخطت الحواجز السياسية في باكستان لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في هذا البلد وما زالت المرأة الوحيدة التي بلغت هذا المنصب حتى الآن.&

أثبتت قوتها

في عام 1997 أصبحت تيريزا ماي عضوا في مجلس العموم عن منطقة ميدهيد ثم وزيرة الداخلية في عام 2010 وكانت ولايتها ثاني أطول ولاية في قيادة وزارة الداخلية منذ 100 عام.& ورغم أن زملاءها لم يتوقعوا بقاءها طويلا في هذا المنصب الحساس فإنها أثبتت انها أقوى مما كانوا يظنون، وفي عام 1999 انضمت تيريزا ماي الى حكومة الظل بوصفها وزيرة التربية في هذه الحكومة التي كان يرأسها زعيم المعارضة وليام هيغ وفي عام 2002 اصبحت أول امرأة تتولى رئاسة حزب المحافظين.&

حين تولت تيريزا ماي وزارة الداخلية كافحت جرائم الكراهية بحزم وخاصة جرائم الكراهية ضد المسلمين وتعهدت أن تتعامل مع هذه الجرائم على انها من الجرائم الخطيرة.& واعلنت ان لا مكان في بريطانيا لجرائم الكراهية وانها تريد القضاء على هذه الجرائم قضاء مبرماً، وكان هذا نبأ ساراً للمسلمين البريطانيين الذين يتعرضون في اعتداءات ومضايقات متزايدة بسبب مظهرهم وملبسهم. ويأمل كثيرون الآن بأن تواصل ماي العمل الذي بدأته ضد جرائم الكراهية بعد ان أصبحت رئيسة الحكومة.& ولكن قطاعاً من مسلمي بريطانيا ما زال يشعر بالقلق نظرا للخطوات التي اتخذتها لمكافحة الارهاب بسياسات تقييدية جعلت البعض ينظر الى ماي على انها معادية للمسلمين، وهناك من يرى ان هذه النظرة قد تكون خاطئة لأن تيريزا ماي دافعت عن حق الأشخاص في ارتداء ما يشاؤون ضد الآراء التي ترفض ملبس بعض المسلمين في بريطانيا وخاصة الحجاب الذي ترتديه المسلمات. &

كانت ماي دائماً صاحبة مواقف نسوية وتدافع عن حقوق المرأة ومن هنا قناعتها بأن من حق الجميع ان يرتدوا ما يشاؤون وخاصة المرأة. وقالت ماي في إحدى المناسبات ان للمرأة ان تتحجب إذا اختارت التحجب وليس من حق أحد ان يملي عليها ملبسها ، واضافت ان المرأة يجب ان تنزع حجابها عند الحاجة لأسباب أمنية ، كما في المطارات وغيرها من الأماكن.&&

الاختلاف بين تاتشر وماي

ويأمل المسلمون في بريطانيا بأن تستمر ماي في حماية هذه الحقوق من موقع رئاسة الحكومة، حيث كان من المتوقع ان تُعقد مقارنات بين ثاني امرأة في الحكم وسابقتها تاتشر التي كانت معروفة بلقب المرأة الحديدية نظرا إلى مواقفها القوية من بعض القضايا.& ولكن لدى إمعان النظر يتضح ان المرأتين مختلفتان تماماً في تعاملهما مع القضايا المختلفة ربما بسبب تغير الزمن والمرحلة الى جانب عوامل أخرى.& والأرجح ان تيريزا ماي ستترك بصمتها هي في التاريخ السياسي لبريطانيا ولن تعيش في ظل مارغريت تاتشر.&

كما ان ماي تتخذ مواقف قوية من قضايا لم تكن تعتبر مهمة قبل 26 سنة.& ولكنها سياسية تحديثية تنتقد ما تعده آثارا ضارة على الحزب ورثها من عهد المرأة الحديدية.& وبخلاف تاتشر التي كانت تحرص على بقائها المرأة الوحيدة في مجلس الوزراء ولم تكن تهتم كثيرا بتشجيع المرأة على الارتقاء الى مناصب وزارية فان ماي دعت الى ترشيح مزيد من النساء عن حزب المحافظين للوصول الى البرلمان من خلال مبادرة أطلقتها عام 2005.&

ويتوقع مراقبون ان تشهد بريطانيا في عهد ماي تغييرات مثيرة يمكن ان تسهم في اعادة اللحمة الى البلد بعد انقسامه بين مؤيد ومعارض للاتحاد الاوروبي.& وسيتعين عليها ان تتخذ قرارات مهمة وخطوات كبيرة خلال الأشهر المقبلة، ولكن لدى تيريزا ماي الى جانب صلابتها في قيادة الحزب والحكومة ، هوايات لطيفة.& فهي تهوى الطهي ولديها مجموعة تضم 100 كتاب في الطهي.& وكان ذوقها في اختيار الأحذية موضع اعجاب وقوة مغناطيسية تجذب المصورين لا سيما أحذيتها المرقطة ذات الكعوب العالية.& كما انها تهوى رياضة المشي في الجبال.& &

يتابع كثيرون باهتمام ما سيحدث من تغييرات في العالم وأوروبا بوجود امرأتين تقودان اثنتين من أكبر الدول الاوروبية ، هما المانيا وبريطانيا.& وإذا انتُخبت هيلاري كلينتون ايضاً رئيسة للولايات المتحدة في نوفمبر المقبل فان امرأة قوية أخرى ستصعد على المسرح الدولي ليكون مشهده أشد اثارة.&

اعدت إيلاف المادة عن مجلة ذي نيوز

المادة الأصل هنا

&