إيلاف من القاهرة: طالب الدكتور عبد الله المغازي، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة إقالة حكومة المهندس شريف إسماعيل، واصفاً إياها بـ"حكومة الموظفين"، كما وصف أيضاً إسماعيل بأنه "موظف وربنا كرمه".

وأضاف المغازي، وهو المتحدث الرسمي السابق باسم الحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي، أن "الرئيس يفكر بعقلية استراتيجية"، ونفذ العديد من المشروعات القوية، بينما تعجز الحكومة عن الاستفادة منها وتحويلها إلى مصانع وورش منتجة، على حد قوله.

وأشار إلى أن السيسي يتخذ قراراته بناء على معلومات وبعد مراجعة المسؤولين والمختصين في محتلف القطاعات، بعيداً عن تأثيرات الشارع.

وأوضح أن رجال الأعمال يسيطرون على صناعة الإعلام والأحزاب السياسية في مصر، ولديهم تأثير في صناعة القرار السياسي.

وقال المغازي في الحلقة الأولى من مقابلته مع "إيلاف"، إن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن جميع دول العالم تقع بها انتهاكات حقوقية. ودعا إلى ضرورة تطبيق القانون بحق أي شخص يرتكب أية خروقات قانونية.

ووصف المغازي مصر بأنها "دولة تمر بمرحلة تحول ديموقراطي، وليست دولة ديموقراطية".

يعمل عبد الله المغازي، أستاذاً للقانون الدستوري، وشغل منصب عضو المجلس الاستشاري للمجلس العسكري الذي تولى حكم مصر بعد اسقاط حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في العام 2011. وعيّنه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، نائباً بمجلس الشعب في العام 2012.

في شهر أبريل 2014، اختاره عبد الفتاح السيسي، مستشاراً له ومتحدثاً باسم حملته الانتخابية. وبتاريخ 22 يناير 2015، شغل منصب معاون رئيس الحكومة إبراهيم محلب، واستمر في منصبه لمدة سنة.
&
· كنت من المشاركين الفعالين في ثورة 30 يونيو، كيف ترى الأوضاع في مصر بعد ثلاث سنوات؟

كنت في هذا التوقيت عضواً في جبهة الإنقاذ، وكنت المتحدث الرسمي لحزب الوفد، ونظمنا أكبر فعالية أمام قصر الاتحادية، احتجاجاً على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسي.

ورغم أن الجبهة كان بها بعض الإشكاليات، ولكن يكفى أنها كانت صاحبة الشرارة الأولى، &لثورة 30 يونيو. كانت الفرحة الكبرى بعد انتهاء الـ48 ساعة، المهلة التي أعطتها القوات المسلحة للجميع، واستقبلنا "إعلان 3 يوليو"، استقبالاً حافلاً، وكنا نعلم أن جماعة الإخوان بطبيعتها سوف تفتعل المشاكل، وقد كان.

وفي ما يخص الأوضاع بعد ثلاث سنوات، فمن الناحية الخارجية هناك تحسن &كبير في العلاقات الخارجية المصرية، وأصبحت علاقاتها تقوم على المصالح المشتركة.

وأصبحت مصر لا تعمل وفقاً لمبدأ التبعية، لاسيما أن محمد مرسى نقلنا من تبعية أميركا إلى تبعية قطر وتركيا وجماعة الإخوان، ولكن الآن لدينا استقلال في القرار الوطني، ولدينا علاقات طيبة مع مختلف دول العالم.

وأما داخلياً، فهناك تحسن واضح في الأمن، ويتم تنفيذ مشاريع بنية تحتية قوية جدًا، ولا ينفي ذلك وجود سلبيات منها المشاكل الاقتصادية وارتفاع الأسعار والتضخم وزيادة البطالة، وزيادة حجم الدين العام، إلا أن الوضع الاقتصادي بشكل عام &يسير إلى الأمام.

·لكن المعارضة تقول إن هناك نوعاً من الانسداد السياسي، وتدهوراً شديداً في ملف حقوق الإنسان، وإن الديمقراطية الموجودة شكلية تضاهى لما كان يحدث في عهد مبارك؟

أرى أن هناك تأثيراً على بعض الحريات، وتزعجني سيطرة لون واحد على الإعلام، ولكن السبب الرئيسي فيه يرجع إلى سيطرة رجال الأعمال على صناعة الإعلام، وهم لديهم علاقات قوية مع السلطة، ولذلك يتم استبعاد أي مذيع لديه سمة اعتراض، وللأسف رجال الأعمال هم المسيطرون على الأحزاب السياسية أيضاً. السمة المميزة هي ضعف الأحزاب السياسية، لذلك أتمنى أن تستعيد الأحزاب دورها، وإذا صادفها تضييق أمني أو سياسي أن تخرج للناس وتقول لهم ذلك.

· التقارير الحقوقية للمنظمات الدولية أو المحلية تقول إن مصر بها انتهاكات لحقوق الانسان، وهناك حالات تعذيب واعتداء على محامين وصحافيين من قبل أفراد الشرطة؟

لا توجد أية دولة في العالم بدون انتهاكات لحقوق الإنسان، ففي الولايات المتحدة الأميركية، &وقعت حوادث قتل لمواطنين من السود على أيدي الشرطة.

· ولكن من المفترض أن تتم عملية القياس على الأوضاع الصحيحة وليس على الخاطئة؟

&أنا لا أقيس. لدينا في مصر انتهاكات بالفعل، ولابد من معاقبة أي شخص يقوم بهذه الانتهاكات. نحن نعيش في دولة &تمر بمرحلة تحول ديموقراطي. من قال إن مصر دولة ديموقراطية؟! فمصر ليست دولة ديموقراطية، ولكنها في مرحلة انتقالية للتحول الديموقراطي، وقد تظل حتى الفترة الرئاسية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالتالي هناك بعض الانتهاكات، ولابد من التشديد على عقاب أي شخص ينتهك القانون.

· &ذكرت أن رجال الأعمال يتحكمون في مجال الإعلام، هل معنى ذلك أن رأس المال هو من يحكم فعلياً؟

&بالطبع لا، لكنّ له دورًا في صناعة القرار السياسي بشكل كبير، بما يمتلكونه من تأثير، فرجال الأعمال يسيطرون على الصحف والقنوات الفضائية ومعظم الأحزاب السياسية. ومن يتحدث عن أنهم غير مؤثرين في صناعة القرار مخطئ، وعندما تتأزم الدنيا معهم ينحازون إلى مصالحهم، ويحاولون ان&يتوافقوا مع السلطة ويجدوا طريقًا وسطًا.

· عاصرت فترات مهمة بعد ثورة يناير 2011، وكنت قريبًا من السلطة في بعضها، كيف كان يتم اتخاذ القرار السياسي في مصر؟

القرار السياسي كان يتأثر بالشارع &في الفترة التي تلت ثورة يناير، وصدرت بعض القرارات الخاطئة، نتيجة تأثر متخذ القرار بالشارع، مثل الاستفتاء على تعديل الدستور في 19 مارس، رغم أننا طالبنا بدستور جديد، ولكن رفض هذا المطلب، وجرى الاستفتاء على 11 مادة من دستور 1971، وكان من المفترض العودة إلى "دستور 71"، وهذا لم يحدث، وتم اصدار إعلان دستوري جديد يضم 63 مادة. فما علاقة هذا بالاستفتاء؟ وهذه أخطر أخطاء مع بعد ثورة 25 يناير، لأن الخطوات التالية كانت خاطئة أيضاً، سواء انتخابات مجلس الشعب أو الانتخابات الرئاسية أو مجلس الشورى.

أما الآن، نستطيع &القول إن متخذ القرار يعتمد على المعلومات الدقيقة أكثر من اعتماده على تأثيرات الشارع، وليس معنى ذلك أن كل القرارات صحيحة.

· لكنّ المراقبين يرون أن فترة ما بعد 25 يناير 2011، كانت تدار بالتنسيق بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري، وكلاهما كان يراعي مصالح الآخر بعيدًا عن تأثيرات الشارع؟

هذا طبيعي، ولا يتنافى مع تأثير الشارع في اتخاذ القرار السياسي في تلك الفترة، لأن جماعة الإخوان كانت تحرك الشارع بنسبة كبيرة، بل إنها كانت تستخدم الثوار استخدامًا سيئًا كليًا، ثم بعد ذلك تخلت عنهم لاحقاً، عندما بدأت تخطط للاستحواذ على مجلسي الشعب والشورى، وبعد أن سيطرت الجماعة على مقاليد الأمور، صارت هي صاحبة القرار. بالتأكيد كانت هناك مصالح مشتركة بين المجلس العسكري والجماعة، ولكن ليس توافقًا كاملًا، والدليل أن الجيش انحاز إلى الشعب في ثورة 30 يونيو.

· كنت على علاقة قوية مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، وعملت معه مستشارًا في حملته الرئاسية، كيف يفكر الرئيس ويتخذ قراراته؟

الرئيس السيسي لا يتخذ أي قرار إلا بعد الاستماع إلى الجميع كل في مجاله. وجلس مع المتخصصين وأعد ملفات لجميع المشكلات، فمثلاً عقد اجتماعات مع المسؤولين المختصين في قطاع السياحة والأمن، ودرس العوامل التي أدت إلى تدهور السياحة أو الأمن ووضع معهم الحلول اللازمة.

أعد ملفات للمشكلات والأزمات التي تعاني منها مصر أثناء الحملة الانتخابية، والمشاريع التي يقوم بها حاليًا ليست وليدة اللحظة، ولكنها كانت موجودة ضمن ملفاته، وأيضا كانت هناك مشروعات موجودة بالفعل أبان فترة &حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقام السيسى بتفعيلها وتشغليها لأنه يرى أنها جيدة. ومنها مشروع التفريعة (قناة السويس الجديدة)، الذي نفذه في سنة واحدة، بعدما أكد له كثير من الخبراء ضرورة حفرها، حتى لا يكون هناك مجرى ملاحي واحد، فهذا التوقيت أصبح فيه تفريعتين، مما أعطى أريحية كبيرة للسفن في حالة حدوث أي مشكلة في إحدى التفريعات.

&رغم ذلك تتفاقم بعض المشكلات، لاسيما الاقتصادية، ما السبب؟

الرئيس السيسي يفكر بعقلية إستراتيجية، وعنده ملفات معدة مسبقًا وتضم الحلول، ولكن أرى أنه يحتاج إلى حكومة قوية تستطيع أن تستفيد من المشروعات الكبرى، وأن تكون لديها القدرة على ابتكار مشروعات إنتاجية وصناعية تستفيد من مليارات &الجنيهات التي صرفت على البنية التحتية ومشروعات الطاقة والصرف الصحي والطرق والكهرباء وتحولها إلى مصانع وورش منتجة تستفيد من الاسواق العالمية المفتوحة لمصر.

إذا نجح الرئيس في اختيار حكومة قوية، بعيدًا عن حكومة الموظفين التي يتولها شريف إسماعيل، سوف تعبر مصر أزمتها الاقتصادية. رئيس الحكومة شريف إسماعيل في الأول والآخر موظف، وربنا كرمه، كما أن الظروف خدمته وخاصة من وزير إلى رئيس وزراء. ولكن أتمنى من الرئيس أن يتخلى عن حكومة الموظفين هذه، لأن مصر تمر بمرحلة تحتاج إلى مبدعين ومفكرين ومثقفين يستطيعون أن يستفيدوا من المشروعات القوية التي نفذها.