إيلاف من بيروت: الحمد لله على نعمة الهجرة... حمدٌ تسمعه مكررًا في لبنان، إذ صار المهرب من عدد كبير من الأزمات التي يجترها المجتمع "المدني" اللبناني، ولا علاج لها سوى التأجيل والتأويل والمحاصصة التي تؤدي إلى أزمات أخرى.

إلا أن المخرجة والممثلة اللبنانية عايدة صبرا لم تهاجر بعد. ومن شاهد مقطعي فيديو نشرتهما على صفحتها الفايسبوكية ظنها من الذين ضاقوا ذرعًا بلبنانيتهم، فهجرتها إلى كندا. فهي، كما أسرّت لـ"إيلاف" تزور كندا شهرًا، لا أكثر.

ريفيرس سايكولوجي

تتهكم صبرا في شريطيها المصورين، مستعينة بالـ "ريفيرس سايكولوجي"، من كل ما تعانيه في لبنان، وما يعانيه اللبنانيون الذين يعون تداعيات مشكلاتهم اليومية وآثارها فيهم، وفي أولادهم من بعدهم.

في المقطع المصور الأول، تستاء صبرا من هجمة "الغابة" الكندية على بيتها الموقت هناك: "شجر شجر شجر... أنا ما فيني أتحمل هيك"! وتستاء من سكون يطبق على أنفاسها كيفما تحركت في تلك البلاد، حيث لا عمارات إسمنتية تسد نظرها، ولا غسيل يتدلى من الشرفات، ولا جيران تستيقظ على مشاجراتهم كل صباح، في مقارنة تهكمية بالـ "أكشن" اللبناني الذي تشتاق إليه، وكأنها تدعو نفسها اللبنانية وأترابها اللبنانيين إلى ملاحظة الفارق الهائل بين بلاد الأرز ومصدّر الحرف، وبين هذه الجنان الخضراء التي لم يغزها الإسمنت.

وفي المقطع المصور الثاني - وثمة مقاطع جديدة آتية كما وعدت – تستمر في استيائها من دولة تبذّر أموالها كيفما اتفق من أجل أن تمدّ مواطنيها بالتيار الكهربائي. فساعة الحائط تجاوزت السادسة... أين التقنين؟

بلاد المحاسبة

قالت صبرا لـ"إيلاف" إن في إمكان اللبناني، لحظة تطأ قدمه الميمونة أرض كندا، أن يتخلص من آفات المجتمع اللبناني كلها، "شرط أن يقرر التصرف والعيش وفق هذا اﻷساس، لذلك ترى بعض الوافدين يسلكون هذا المسلك، ويسعون إلى الانخراط في المجتمع الكندي فيتعلمون ويتبوأون مراكز وظيفية عالية، وثمة بعض آخر طبعًا ينقل آفاته معه، فلا يغيّر عاداته، لأنه آتٍ ليحصل على الجنسية ويستفيد من الخدمات المقدمة"، ولسان حالها أن في إمكاننا أن نكون في لبنان كما نكون في كندا، التي تصفها بأنها بلاد جميلة، "واﻷهم انها بلاد يحكمها القانون والنظام والمحاسبة، وهذه أمور بتنا نفتقدها بقوة، ما حوّل العيش في بلادنا الى أمر منهك وصعب".

أضافت: "نعم... بلادنا جميلة وطاقاتها رائعة، وأنا ألقي باللوم على الناس الذين يسمحون بتفاقم الأمور لتسير من سيئ الى أسوأ، فالطوائف خربت بلادنا، وارتهان الناس لطوائفها هو ما يُبقي اﻷمور على حالها".

تتهكم صبرا، وهي الخبيرة بفن التهكم المسرحي، وفي نيتها إرسال أكثر من رسالة إلى الشعب اللبناني، الذي لا يعرف إلا "النق". فهل من يتّعظ؟&