انتقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الثلاثاء، استعجال القضاء في تبرئة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري من التهم التي وجّهها إليه وزير الدفاع خالد العبيدي، وسرعان ما ردّ الجبوري مستغربًا تصريحات العبادي ودعاه إلى الاهتمام بواجباته وعدم التدخل في أداء السلطتين التشريعية والقانونية، فيما أعلن العراق فتح أجوائه أمام الطائرات الروسية لضرب أهداف داعش في سوريا.

إيلاف من بغداد: أبدى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الثلاثاء "استغرابه" ازاء سرعة حسم ملف الفساد الذي طال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، فيما رد الأخير مستغربًا أيضًا لتصريحات العبادي، لكنه كان اكثر حدة، فطالب رئيس الوزراء بعدم التدخل في أداء السلطتين التشريعية والقضائية، في حين هاجم زعيم التيار الصدري توجه البرلمان إلى تشكيل مجلس السياسات الاستراتيجية، وقال إن الفاسد لا يصدر منه إلا الفاسد.

سرعة حسم القضية
رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وفي مؤتمر صحافي قال "لا استطيع التعليق على القضاء، لكن كمواطن استغربت سرعة حسم القضية". وكان يشير بذلك الى سرعة قرار القضاء غلق القضية، التي اثارها وزير الدفاع خالد العبيدي، واشار فيها الى تعرّضه للابتزاز من قبل الجبوري.

واوضح العبادي أنه "إطلعت على الملف، وأرى انه يحتاج تكثيف النظر فيه، الاتهام الذي حدث في مجلس النواب ليس عاديًا، فقد صدر من وزير، وليس من شخص مجهول". ودعا الى "تتبع الاتصالات الهاتفية والتحقيق اكثر".

ورأى انه كان يتعيّن على القضاء "التأني في متابعة والتحقيق في الاتهامات التي وجّهها وزير الدفاع خالد العبيدي، وانه كان يجب أن يؤخذ بها على محمل الجد"، داعيًا القضاء الى "لعب دور أكبر وعدم اصدار الأحكام بهذه السرعة".

وأبدى العبادي، "تخوفه من قانون العفو العام"، متعهدًا "بعدم السماح بتمرير القانون من دون أن تكتمل مفاصله القانونية بشكل يتناسب مع الوضع العام للبلاد".

تبرئة الجبوري
وكان العبيدي اتهم، خلال جلسة استجواب امام البرلمان، الجبوري ونوابًا آخرين بالابتزاز والفساد، ما دفع رئيس الوزراء الى دعوة القضاء الى التحقيق. وطلب الجبوري في حينها رفع الحصانة عنه، وهذا ما حدث، وتوجه مباشرة الى القضاء، الذي اصدر قرارًا سريعًا جدًا اثر تحقيق لم تتجاوز مدته 40 دقيقة، واعلن تبرئة الجبوري.

وقد فاجأ العبيدي البرلمان خلال جلسة الاثنين الماضي عندما وجّه اتهامات مباشرة بالفساد الى الجبوري. ابرز التهم هي محاولة الجبوري الحصول على عقد تجهيز طعام الجيش العراقي. وتصل قيمة العقد الى ترليون و300 مليار دينار عراقي (اكثر من مليار دولار)، وفقًا لوزير الدفاع.

العبادي قال إن "العراق بدأ بتعامل اولي مع منظمات دولية وجهات متخصصة في متابعة وكشف ملفات الفساد"، مؤكداً أنه "يعرف الفاسدين جيداً". وأضاف أن "الفاسدين اتجهوا الى الجريمة المنظمة من اجل الحصول على الاموال"، متعهدًا "بملاحقة المفسدين وجعلهم يعيشون في قلق وملاحقة من يحاول اخراج اموال الى الخارج او تسجيل عقارات باسمه او باسم شخص آخر".

فصل السلطات
وسرعان ما رد الجبوري على العبادي داعيًا المسؤولين في السلطة التنفيذية في بيان "الى الاهتمام بواجباتهم وعدم التدخل في شؤون المؤسستين التشريعية والقضائية". واضاف انه "يستغرب تدخل" العبادي في "شؤون القضاء وابداء رأيه في ملف يخص الاجراءات القضائية".

ولفت رئيس مجلس النواب العراقي الى ان "نظام الحكم في العراق قائم على الفصل بين السلطات" ماضيًا الى القول وهو "ما يوجب عدم تدخل السلطة التنفيذية في شؤون السلطات الاخرى".

الجبوري الى ايران وتركيا
ويعتزم رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، القيام بزيارة إلى كل من تركيا وإيران قريبًا، لبحث ملفات عدة في البلدين الجارين للعراق، ومن بينها الاستعدادات الجارية لشن حملة عسكرية لانتزاع مدينة الموصل، في شمال البلاد، من مسلحي تنظيم "داعش".

وأفاد بيان لمكتب الجبوري، تلقت "إيلاف" نسخة منه، بأن الأخير، الذي يرأس أيضًا "اتحاد برلمانات الدول الاسلامية"، "سيجري زيارتين رسميتين قريبًا لكل من إيران وتركيا"، من دون الإشارة إلى موعد محدد للزيارتين.

البيان أوضح أن الجبوري سيجري، خلال الزيارتين، عدداً من اللقاءات المشتركة مع المسؤولين في البلدين، في إطار تفعيل بنود ومقررات مؤتمر اتحادات برلمانات الدول الاسلامية الأخير، إضافة إلى "مناقشة عدد من الملفات المهمة، وفي مقدمتها الوضع الإقليمي، وجهود محاربة الإرهاب والتطرف".

وأضاف أن رئيس البرلمان العراقي سيبحث في أنقرة وطهران "تطورات الوضع الميداني (في العراق)، والاستعدادات الجارية لتحرير مدينة الموصل وكامل مدن محافظة نينوى ومعالجة المشاكل الموجودة في عدد من المحافظات غير المستقرة على الصعيدين الأمني والسياسي وفي مقدمتها محافظة ديالى.

الأجواء مفتوحة "بشروط"
يأتي الإعلان عن هذه الزيارة في وقت قالت فيه وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، إن قاذفات روسية متمركزة في إيران قصفت عددًا من أهداف تابعة &لفصائل ارهابية داخل سوريا، بعدما نشرت موسكو طائرات حربية في قاعدة تابعة للسلاح الجوي الإيراني في إطار توسعة حملتها في سوريا.

وقالت الوزارة إن القصف تم بقاذفات توبوليف-22أم3 طويلة المدى والقاذفات المقاتلة سوخوي-34 انطلاقاً من قاعدة همدان الجوية الإيرانية.

وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي كشف، الثلاثاء، أن العراق فتح اجواءه امام الروس "بشروط" لم يحددها، موضحًا أن "الحكومة العراقية سمحت بفتح الأجواء امام القاذفات والطائرات الروسية لمحاربة داعش في سوريا، لان داعش عدونا".

وقال إننا "سنختار من يشارك في عملية تحرير الموصل وأطمئن الجميع بأن جميع القوات التي ستشارك ستكون منضبطة". اضاف العبادي "لن نسمح لأحد بأن يتجاوز على العراقيين، ولن نسمح لأي شخص أو جهة ان تتدخل في تحديد القوات التي ستشارك في عملية التحرير"، مبينًا "اننا لن نستطيع التقدم اكثر في محاور القتال ما لم نطمئن إلى سلامة النازحين ووضع آليات في جميع المحاور الخاصة بمدينة الموصل".

هيئة النزاهة
ودخل على خط الاتهامات والانتقادات التي تطال مجلس النواب، مجددًا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي قال ردًا على توجه مجلس النواب الى تشكيل مجلس السياسات الاستراتيجية العليا "الفاسد لا يصدر منه إلا الفاسد".

ويأتي هذا في وقت اصدرت هيئة النزاهة، توضيحًا لازالة "اللبس" الذي طرأ على موضوع استعانة العراق بالخبراء الدوليين للتحقيق في قضايا الفساد، مشيرة الى ان فكرة الاستعانة ببعض الخبراء والمحقِّـقين الدوليِّين هي فكرة الهيئة بالأساس.

وقالت الهيئة في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه، "تناقلت عددٌ من وسائل الإعلام المحليَّة تصريحاتٍ منسوبةً إلى بعض المسؤولين الحكوميِّين تتعلَّق بموضوع الاستعانة بمُحقِّـقين دوليِّين للتحقيق في قضايا فساد ذات بعدٍ محليٍّ، ولوجود بعض التصريحات التي ربما أثارت بعض اللبس في الموضوع".

وبينت انَّ "فكرة الاستعانة ببعض الخبراء والمُحقّقين الدوليِّين هي فكرة هيئة النزاهة بالأساس، وقد طرحتها في المؤتمرات الدوليَّة التي شاركت فيها، ولا سيما في اجتماع الدورة السادسة لمؤتمر الدول الأطراف في اتِّفاقيَّة الأمم المتَّحدة لمكافحة الفساد المنعقد في نهاية عام 2015 في مدينة سانت بطرسبرغ في جمهوريَّة روسيا".

واشارت الهيئة الى أن "الأمم المتحدة ابدت رغبتها في الحصول على موافقة الحكومة العراقيَّة، بغية عقد مذكرة تفاهم لهذا الغرض، عملاً بالسياقات البروتوكولية المتبعة في عقد مذكرات التفاهم. وفي هذا السياق، أعلنت هيئة النزاهة في بداية شهر إبريل من العام الحالي عن توصُّـلها إلى اتفاقٍ مع بعثة الأمم المُـتَّحدة للاستعانة بخبرات مُحقِّـقين دوليين في بعض تحقيقاتها ذات البعد الدولي واسترداد الأموال والمتهمين".

وتابعت: "لقد كانت الحكمة من وراء استعانة الهيئة بخبرات المحقِّـقين الدوليِّين تكمن في بعض الامور منها المساعدة في القضايا التحقيقيَّة ذات البعد الدوليِّ تحديداً، حيث تطرأ على عمل الهيئة بعض القضايا التحقيقيَّة التي تتَّـسمُ بالبعد الدوليِّ".

فيدرالية مالية&
وأكد رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، الثلاثاء، على ضرورة اعتماد الفيدرالية المالية ونظام اللامركزية في العراق، لإعادة الحياة الى أجهزة الدولة وتنشيطها في كل مناطق العراق من "دون استثناء"، داعيًا البرلمان الى تعديل التشريعات السائدة أو إصدار أخرى جديدة تحقق ذلك بالاستفادة من التجارب العالمية للقضاء "الفعلي والسريع" على "داء الكسل الإداري والروتين غير المبرر" بإنجاز معاملات المواطنين.

جاء ذلك خلال استقبال رئيس الجمهورية، في قصر السلام، في وسط بغداد، مدير المعهد الكندي للحوكمة، ماري انطوانيت، والوفد المرافق لها، بحسب بيان رئاسي.

وأكد معصوم، خلال اللقاء، على "أهمية التعريف الواسع بمفاهيم الفيدرالية المالية ونظام اللامركزية ومكاسب الشفافية الإدارية والحاجة الماسة إلى اعتمادها في العراق"، مضيفاً أن "العراق بحاجة ماسة إلى حملة إصلاحات إدارية عاجلة وشاملة تعيد الحيوية والفعالية الى أجهزة الدولة البيروقراطية في كل مناطق العراق من دون استثناء".

ودعا رئيس الجمهورية، اللجان البرلمانية المختصة إلى "تعديل التشريعات السائدة أو إصدار أخرى جديدة لهذا الغرض، فضلاً عن ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى بشأن الموضوع"، مبيناً أن "العراق بمواجهة أخطار جسيمة إذا لم ينجح في القضاء الفعلي والسريع على داء الكسل الإداري والروتين البيروقراطي غير المبرر والترهل والإهمال والبطء والتقاعس في انجاز معاملات المواطنين، الذي بات آفة خطيرة تنتج فسادًا بات يهدد مستقبل البلاد، لاسيما أن هذه الظواهر تتفاقم أكثر فأكثر في دوائر الدولة بما فيها الأكثر علاقة بالحياة اليومية للمواطنين".