تزامناً مع الذكرى الثالثة لفض اعتصام أنصار الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية، تكشفت معلومات جديدة حول الاعتصام الذي اقتحمته قوات من الجيش والشرطة وخلفت مئات القتلى.

إيلاف من القاهرة: بتاريخ 14 أغسطس 2013، وقبل ثلاث سنوات، اقتحمت قوات من الجيش والشرطة في مصر ميداني رابعة العدوية والنهضة في تمام الساعة السادسة، وفضت بالقوة المسلحة اعتصام أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، وقتلت المئات منهم وأصيب الآلاف، واعتقلت عشرات الآلاف الآخرين من مناطق مختلفة في جميع أنحاء الجمهورية.&

ورغم مرور ثلاث سنوات، إلا أن الغموض ما زال يلف الأحداث التي سبقت عملية الفض، والمفاوضات التي جرت بين قيادات الإخوان ووزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي (الرئيس الحالي)، بشكل غير مباشر، ولكن كشف بعض الأطراف التي شاركت في تلك المفاوضات جانباً منهاً، وقال الشيخ محمد حسان، وهو داعية سلفي شهير، في تصريحات صحافية، إنه شارك في مفاوضات مع السيسي وجماعة الإخوان، ورفضت قيادات الجماعة فض الاعتصام سلمياً.&

وقال حسان في مقابلة مع جريدة الوطن: "استقبلني الفريق أول عبدالفتاح السيسى - حينها - وجلست بجواره، وقال لي: "اللي ما اديتهوش للأوروبيين والأميركان هعطيه ليك"، فطلبت منه: "عدم فض الاعتصام بالقوة والدماء، لأن الدماء ستخلّف في مصر جيلاً يستحل حمل السلاح على الجيش لأول مرة في التاريخ".

وأضاف حسان أن السيسي رد قائلاً: أنا مش هفض الاعتصام بالقوة، بس يرضيك إن هما يشلّوا حركة المرور فى رابعة أو النهضة، يا ريت يخلونا نُسيّر حركة المرور حول المنطقتين، فقلت له: انتبه من الإعلام، لأنه أول من سيحرق سيكون أنت والجيش"، فقال: هل يرضيك خطاب المنصة في رابعة؟ فرددت: "لا والله ما يرضيني، ولو كان يرضيني لكنت أول من يقف عليها ولو قُطعت رقبتي"، فطلب مني تغيير خطاب المنصة، مقابل محاولة العمل على تغيير خطاب الإعلام". على حد قوله.

لن نتسامح

وأضاف حسان: "أخيراً طلبت منه (السيسي) الإفراج عن المحبوسين والمعتقلين؟ فقال لي: "مش عندي ليست ضمن صلاحياتي، فقلت له: "عندك". فقال لي&ليست عندي، ولكني عاودت وكررتها مرتين، وفي الثالثة قلت: "والله عندك"، فابتسم وقال لي حاضر، بس إديني فرصة أرى رد فعلهم من وساطتك إيه؟

وكشف حسان أن قيادات جماعة الإخوان رفضت نتائج مفاوضاته مع السيسي، وقال: "كانت الطامة الكبرى أنهم رفضوا جميع النتائج التي توصلنا إليها مع السيسي، وقالوا لي: "لن نتسامح ولن نتصالح، يومها كاد يُغمى عليّ".

وقال حسان إن الإخوان رفضوا المفاوضات اعتماداً على وعود كاترين أشتون ممثلة الاتحاد الأوروبي، وأوضح: "وعرفت العلّة بعد ذلك وهي وجود كاترين أشتون، الممثلة العليا للشؤون السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي في مصر التي وعدتهم بعودتهم إلى الحكم، فقلت لأحدهم: ما زالت قلوبكم معلقة بكاترين أشتون، أقسم بربي من هنا تأتي الهزيمة، وقال لي عمرو دراج، فيما بعد إن أشتون قالت لهم اقبلوا بالأمر الواقع. وأنا وجهت سؤالاً محورياً للدكتور البر (عبد الرحمن البر مفتي جماعة الإخوان): "هل الدماء المتوقعة في النهضة ورابعة، دماء ظنية أم يقينية؟"، فرد قائلاً "متيقنة"، فقلت له: "وهل يجوز أن نترك باباً للمصالحة لحقن دماء يقينية؟"، فرفض الرد. على حد قول حسان.

وبالمقابل، كذب القيادي في الجماعة عمرو دراج رواية الشيخ حسان، وقال في تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "في ذاكرة &رابعة من كل عام يستدعي البعض قضية ما يسمى بالتفاوض مع كاترين آشتون والاتحاد الأوروبي لأسباب مختلفة".

وأضاف في تدوينة له تحت عنوان "شهادتي حول مباحثات آشتون المثيرة للجدل": "بما إني شاهد عيان رئيس علی موضوع التفاوض هذا، ورغم أني ذكرت في مناسبات كثيرة ومقابلات إعلامية تفاصيل ما حدث، إلا أنه قد يكون من المناسب أن أوضح بعض الحقائق التي سببت بعض اللغط، وذلك في شهادة للتاريخ".

وقال: "لم تكن آشتون ولا غيرها يتحدثون مع الإخوان فقط، إنما في المقابلتين اللتين تمتا قبل فض رابعة، كان هناك وفد يضم عددًا من الرموز من تيارات مختلفة يرأسه رئيس الوزراء، هشام قنديل".

واستطرد: "كانت آشتون في البداية تدفع للتفاوض السياسي بين حكومة السيسي والقوی الرافضة له، في محاولة واضحة لإعطائه الشرعية، لذلك كان موقفنا جميعا واضحا لا تفاوض مع &من هو مغتصب للسلطة، ولا حديث إلا مع قوى سياسية مناظرة، بشرط تهيئة الأجواء لذلك بالإفراج عن جميع المعتقلين وفي مقدمهم الرئيس (الأسبق) مرسي، وعدم مواجهة المتظاهرين والمعتصمين السلميين" بحسب قوله.

التسليم بالواقع

وأشار إلى أن "أية مبادرات طُرحت في هذا الوقت من الأطراف المختلفة لم يتم بحثها مطلقا مع آشتون أو غيرها".

وأضاف: "مثلا مبادرة العوا (محمد سليم العوا مفكر إسلامي ومرشح سابق لرئاسة الجمهورية في العام 2012)، &وآخرين بأن يفوض مرسي صلاحياته لرئيس الوزراء هشام قنديل، طبقا للدستور إذا ما حالت ظروف أن يتولى الرئيس مسؤولياته، تم طرحها في مؤتمر صحافي، لكن في النهاية لم يقبلها أحد، ولم تُطرح في المفاوضات مع أي طرف دولي؛ لأن الهدف كان تهيئة الأجواء وليس التباحث حول حل سياسي".

وتابع: "عندما زارت آشتون، د. مرسي في محبسه بعد أن قابلها وفدنا في زيارتها الثانية، اتصل بي صباح اليوم التالي، جيمس موران سفير الاتحاد الأوروبي في مصر، وقال لي إن السيدة آشتون تريد مقابلتي لاحاطتي بما تم مع السيد الرئيس، وبالفعل ذهبت لمقابلتها ظهرا بحضور بعض المسؤولين الأوروبيين دون وجود أي من الأطراف المصرية الأخری، و قالت لي: إن الهدف من المقابلة هو أن أوصل رسالة الی أسرة الرئيس أنه بخير وفي حالة معنوية عالية و يدرك الوضع بدقه، وأن المكان الذي يوجد به معقول ونظيف".

و تابع: "عندما سألتها عن تفاصيل الحوار قالت: إنها ليست في حل من ذكرها؛ لأن مرسي لا يمكنه التعليق إذا أغفلت شيئا، لكنها قالت إنها ابلغت الرئيس ببعض الأمور التي لا تظن أنها تروق له لكن كان ينبغي لها قولها".

وأضاف: "طبعا ما علمته لاحقا نقلا عن الرئيس نفسه انها قالت له ينبغي لك التسليم بالواقع، وأن مجموع المحتجين في الشوارع في مصر كلها لا يتعدى 50 ألف شخص. فقال لها الرئيس بذكائه المعهود لو كانوا 50 ألف كما تقولين لما أتيت لي لتحدثيني".

وأضاف دراج: "بالنسبة لبرناردينو تركز الحديث معه عن كيفية السير في إجراءات تهيئة الأجواء أولا قبل أي تفاوض سياسي، وقد أبلغني في نقطة ما أن الإفراجات ستبدأ بالدكتور الكتاتني (رئيس مجلس الشعب في عهد الإخوان ومسجون حالياً، والمهندس أبو العلا ماضي (رئيس حزب الوسط) ثم يتلو ذلك الباقي، لكن طبعا اتضح أن كل هذا وعود كاذبة".

ولفت إلى أن وفودًا أخرى من دول عربية زارتهم، وقال: "في هذا الوقت زار وفد من وزيري خارجية قطر والإمارات، وويليام بيرنز وبرناردينو ليون، المهندس خيرت الشاطر (نائب المرشد) في محبسه لمحاولة حل الموضوع مع الإخوان لكن الشاطر قال لهم بوضوح: لماذا تأتون إلي؟ عندكم الرئيس مرسي المنتخب شعبيا هو فقط المخول بأي حديث حول هذا الموضوع ممثلا للمصريين الذين انتخبوه وليس الإخوان كفصيل منفرد".

واختتم دراج حديثه قائلا: "بالطبع هناك تفاصيل أخرى كثيرة أوضحتها في عدة مناسبات، لكن المؤدي الرئيس لما ذكرت أن مرسي والاخوان رفضوا الاستسلام للأمر الواقع الذي طالبهم به المجتمع الدولي".

رفض قاطع&

وروت شيماء ابنة الرئيس الأسبق محمد مرسي، شهادتها عما حصل أيضاً، وقالت: "إن هناك عدة مشاهد للتاريخ أولها، أنه تم عقد لقاء قبل فض رابعة والنهضة بفترة وجيزة، بين آشتون وقيادات حزبية من حزب الحرية والعدالة وعلى رأسهم الدكتور محمد علي بشر؛ للتفاوض حول إمكانية حل الأزمة، مشيرة إلى أنها سمعت منه شخصيا جزءًا مما دار فى هذا اللقاء".

وقالت عبر صفحتها على موقع فيسبوك: "عرض الإخوان المسلمون أن يمتثلوا لفض الاعتصام شريطة عودة مرسي لمزاولة مهام منصبه، وتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل تاريخ ٧/٣ احتراما لإرادة الناس، واحتكامًا إلى الصندوق وخيار المسار الديمقراطي، على أن يقوم الدكتور مرسي بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة كما كان معروضًا في خارطة الطريق التي طرحها مبكرا في خطابه الشهير بتاريخ ٧/٢ مساء، بالإضافة إلى تعهد كامل بعدم خوض أي انتخابات رئاسية أو برلمانية لمدة عشر سنوات متضمنة الانتخابات التي سيدعو لها الرئيس".

وأضافت: "قيادات الجيش ردت بالرفض القاطع وقالوا إن هذا مستحيل؛ لأن عودة مرسي ولو ليوم واحد تعنى محاكمتهم؛ ولأن الإخوان لو خاضوا انتخابات بعد عشر سنوات سيحاكموهم على جريمة الانقلاب". على حد قولها.

وأضافت: "أما المشهد الثاني، فكان بعرض الرئيس مرسي عليهم إجراء انتخابات مبكرة بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، وقالوا إنهم لن ينتظروا ثلاثة أشهر، كما عرض فريق كبير من أنصار الشرعية على مرسي الدخول إلى قصر الاتحادية لحمايته ورفض رفضا قاطعا وقال: "لن أُغرق الآلاف الأبرياء العُزل في بحور من الدماء باسم الدستور وحماية مقرات الدولة".&

وحسب رواية شيماء مرسي: "المشهد الثالث، كان في&زيارة آشتون الأولى للرئيس مرسي في محبسه، وقالت له إن أعداد المتظاهرين لا تتجاوز ٥٠ ألفا على الأكثر فقال لها: " لو كانوا كما تقولين لما جئت إليّ، وأتبع ذلك أن له ثلاثة شروط معلومة للجميع، وبعد فض رابعة عندما طلبت مقابلته قال: أضفت شرطا رابعًا لا تنازل عنه أبدًا وهو تسليم كل من تسبب بهذه المقتلة العظيمة ولن أتنازل عن محاكمتهم بنفسي فهذا حق الناس على الدولة المصرية، فلم تذهب إليه، وبقي هو مصرًا على هذا الشرط إلى يومنا هذا، ولم يتنازل عنه رغم كل الضغوط"، حسبما قالت.

ولفتت إلى أن "المشهد الرابع، حين عُقد لقاء بين الدكتور سليم العوا والسيسي بتاريخ ٧/٢. قال له العوا: الرئيس يعرض خارطة طريق أراها جيدة ومن الواجب دراستها والأخذ بها لنحمي البلاد من السقوط في مربع الفوضى والانهيار لعقود. فرد عليه السيسي قائلا: "أنا بعمل انقلاب عسكري يا دكتور عارف يعنى إيه انقلاب يا دكتور سليم، يعنى مينفعش أسيب حد منهم على وش الأرض". حسب روايتها.

أما المشهد الخامس. حسب رواية ابنه مرسي ـ كان فى يوم 10-6-2013، حين انطلقت مسيرات يُقدر عددها بعشرات الآلاف عازمة على دخول ميدان التحرير، وبعد فتح النار عليهم، حينها اتخذ الإخوان قرارا بالانسحاب الفوري، وحين سُئل الدكتور بشر عن هذه الحادثة قال: عندما جاءتنا أنباء عن تساقط شهداء بأعداد كبيرة بمعدل يزداد كل ثانية اتخذنا قرارًا بالانسحاب؛ اتقاء لمذبحة جديدة وكارثة أخرى، وتابع: إلا الدم لا يمكن أن نُطالب الناس بالموت وهم عُزل فلا أحد يستطيع تحمل كُلفته أمام الله".

وأشارت في النهاية إلى أن شهادتها جاءت ردًا على من وصفتهم بـ "المُرجفين والمُتحاملين الذين يدعون زورا أن الإخوان فرطوا فى الدماء مقابل الكرسي والمناصب". حسب تعبيرها.
&