الحسكة: رغم استمرار الوساطة الروسية للتوصل الى اتفاق ينهي اشتباكات مستمرة منذ ستة ايام، استمرت المعارك العنيفة بين المقاتلين الاكراد وقوات النظام السوري في الحسكة حيث بات الاكراد يسيطرون على نحو 80% من مساحة هذه المدينة.

وتواصلت المعارك غداة تضارب معلومات حول التوصل الى اتفاق تهدئة في المدينة، اذ نفت مصادر كردية تقارير افاد بها مصدر عسكري والاعلام الرسمي حول اتفاق لوقف اطلاق النار. 

وبعد هدوء ساد عصر الاحد، افاد صحافي متعاون مع فرانس برس في الحسكة الاثنين ان الاشتباكات تجددت بعد منتصف الليل وتركزت في جنوب ووسط المدينة، مع تقدم لوحدات حماية الشعب الكردية من حي الغويران (جنوب).

وقال انه شاهد عناصر من الجيش السوري ينسحبون باتجاه الجزء الغربي من الحي.

واعلن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس ان "الاكراد باتوا يسيطرون على 80% من مدينة الحسكة" موضحا انهم "انتزعوا من قوات النظام شرق حي الغويران الذي يعتبر اكبر احياء المدينة وحي النشوة الشرقي اضافة الى عدد من المباني" في جنوبها.

من جهتها قالت مسكين احمد المسؤولة في ادارة الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا ان "قوات الاسايش (قوات الامن الكردية) باتت تسيطر على 85% من مساحة الحسكة" مضيفة ان "المناطق التي تمت السيطرة عليها لن تعود الى قوات النظام بل ستبقى بايدي الاسايش".

وكان عبد الرحمن اعتبر في وقت سابق ان تجدد المعارك يعود الى ان الاكراد "يسعون الى تحسين موقعهم في المفاوضات الجارية لحل الازمة برعاية روسية في القامشلي".

وكان مصدر حكومي اكد لفرانس برس ان عسكريين روس يعقدون اجتماعات مع الطرفين في القامشلي لحل الازمة، فيما تحدث مصدر كردي عن "بعض الوساطات" من دون تحديد الجهة.

وبدأت المواجهات الاربعاء باشتباكات بين جهاز الاسايش وقوات الدفاع الوطني الموالية للنظام، لتتدخل فيها لاحقا كل من وحدات حماية الشعب الكردية والجيش السوري. 

وتصاعدت حدة المعارك مع شن الطائرات السورية الخميس والجمعة غارات على مواقع للاكراد في الحسكة للمرة الاولى منذ بدء النزاع في سوريا قبل اكثر من خمس سنوات. 

ومنذ ذلك الحين، تحلق الطائرات السورية، وفق المرصد، بشكل متقطع في سماء المدينة من دون تنفيذ اي غارات، ويأتي ذلك بعد تحذير واشنطن دمشق من شن غارات تعرض سلامة مستشاريها العسكريين العاملين مع الاكراد على الارض للخطر.

واعتبر عبد الرحمن ان "كلا الطرفين يهدف من خلال المعارك الجارية الى اثبات قوته على الارض في المدينة وتثبيت تواجده في كامل محافظة الحسكة".

ويسيطر الاكراد على الجزء الاكبر من محافظة الحسكة الحدودية مع تركيا والعراق، فيما تسيطر قوات النظام على عدد من القرى ذات الغالبية العربية في محيط مدينتي القامشلي والحسكة. ويتواجد تنظيم الدولة الاسلامية في اقصى الريف الجنوبي الحدودي مع محافظة دير الزور.

وساطات ومطالب

ومع استمرار المعارك الاثنين، اتهم مصدر عسكري في قوات النظام وحدات حماية الشعب الكردية "بخرق الهدنة عبر رفضها اجلاء الجرحى والقتلى الى القامشلي"، فيما نفت مصادر كردية وجود هدنة اساسا، مؤكدة استمرار العمليات القتالية في المدينة.

ويطالب الاكراد بتحديد تواجد قوات النظام في المربع الامني في وسط المدينة حيث كافة المؤسسات الحكومية والامنية ومبنى المحافظة، كما يشددون على ضرورة حل قوات الدفاع الوطني التي طالما تشتبك مع قوات الاسايش.

ومنذ اتساع رقعة النزاع في سوريا في العام 2012، انسحبت قوات النظام تدريجيا من المناطق ذات الغالبية الكردية محتفظة بمقار حكومية وادارية وبعض القوات في المدن الكبرى، ولا سيما في الحسكة والقامشلي. كما اعلن الاكراد في اذار/مارس الماضي النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا.

واكد مصدر في المكتب الاعلامي للادارة الذاتية الكردية (روج آفا) لوكالة فرانس برس "ليس هناك حاليا اي مخطط للسيطرة الكاملة على المدينة (الحسكة)".

وقال "نحن نريد تطوير الادارة الذاتية والنظام الفدرالي وعلى النظام عدم التدخل في شؤون المجتمع والانكفاء في مربعه الامني". واوضح ان المطالب التي يتم تبادلها عبر "بعض الوساطات غير المباشرة" تتضمن بشكل اساسي "حل قوات الدفاع الوطني في المدينة". 

وهذه ليست المرة الاولى التي يطالب فيها الاكراد بحل قوات الدفاع الوطني، فخلال اشتباكات دامية في مدينة القامشلي في ابريل الماضي طالب الاكراد باعادة النظر بتشكيلات الدفاع الوطني، الامر الذي لم يتحقق.

وترفض دمشق مطلب الاكراد بحل قوات الدفاع الوطني، وعرضت فقط تسريح بعض العناصر، وفق ما كان افاد موقع "المصدر" الاخباري المقرب من الحكومة.

ويوضح عبد الرحمن ان النظام "يعتمد اساسا على قوات الدفاع الوطني في مدينة الحسكة، اذ يفوق عديدها عدد القوات النظامية المنشغلة في جبهات قتال اخرى".