سان دييغو: عندما وطأت قدماه ارض ولاية كاليفورنيا، على بعد الاف الاميال عن بلده سوريا، شعر عمار كوكب انه "اميركي تماما مثل اوباما"، وهو مثل بضعة الاف من السوريين وجدوا في هذا البلد الامان واحيانا الرفض.

ولم تكن اي لجنة او كاميرات في استقباله مع افراد اسرته في مطار سان دييغو، الى حيث نقل 372 لاجئا سوريا لبدء حياة جديدة.

لكن عمار لا يعير هذا الامر اي اهمية، وهو يتحدر من مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرق سوريا والتي استهدفها تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال فني الاتصالات البالغ 52 عاما لوكالة فرانس برس وهو يحبس دموعه "عندما رأيت العلم شعرت بالامان" مشيرا الى العلم الاميركي المعلق على جدار في شقته الصغيرة المتواضعة.

بعد عامين من النزوح والتنقل من مكان لاخر، بات عمار وزوجته واولادهم الاربعة بين عشرة الاف لاجىء سوري استقبلتهم الولايات المتحدة.

وان استقبلهم البعض بحفاوة، تعرضوا ايضا لمعارضة 31 حاكما طلبوا منع اللاجئين من الدخول الى الولايات المتحدة في اعقاب اعتداءات باريس في تشرين الثاني/نوفمبر.

وجعل المرشح الجمهوري دونالد ترامب للاقتراع الرئاسي ذلك موضوعا رئيسيا لحملته، ووعد بمنع اللاجئين السوريين من دخول الولايات المتحدة مشددا على انه لا يمكن التحقق من ماضيهم وانهم يطرحون تهديدا امنيا.

"بدأنا نشعر بالخوف"

وهذه التصريحات تصدم سوسن الزيت (45 عاما) التي وصلت الى سان دييغو قبل عام هربا من المواجهات الدامية في مدينتها حمص.

وتقول "بعد كل ما عانيناه لا نفهم كيف يمكن لاحد ان يتحدث بهذه الطريقة".

وتضيف "في البداية شعرت بالامان هنا لكنني بدأت اشعر بالخوف في الاشهر الماضية".

وتضاعفت الاعمال المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة بعد الاعتداءات في اوروبا وسان برناردينو في كاليفورنيا ما ارغم السلطات في 11 ولاية اميركية على اطلاق حملات توعية ضد التمييز.

ويرى ديفيد مورفي مدير فرع منظمة "انترناشونال ريسكيو كوميتي" (لجنة الانقاذ الدولية) غير الحكومية في سان دييغو ان التعليقات الرافضة للاجئين "معيبة" و"مشينة".

وقال "ان هؤلاء الهاربين من فظاعات الحرب ومن تنظيم الدولة الاسلامية ليسوا ارهابيين" منتقدا "الاجواء العدائية" المحيطة بهم في الولايات المتحدة.

وبحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة ومنظمات اخرى غير حكومية فر خمسة ملايين سوري من بلادهم منذ اندلاع النزاع في 2011 ونزح ثمانية ملايين داخل سوريا اي اكثر من نصف سكان البلاد قبل الحرب.

ولجأوا بالملايين الى الدول المجاورة كتركيا ولبنان والاردن وتزداد الضغوط على الدول الاخرى خصوصا اوروبا والولايات المتحدة لاستقبال المزيد منهم.

وقال مارك هتفيلد مدير الجمعية التي تتولى مساعدة اللاجئين على الاقامة في الولايات المتحدة ان "العالم ينتظر من الولايات المتحدة ان تعطي مثالا على التعامل مع اللاجئين ونحن لا نفعل ذلك".

واضاف "الرسالة التي علينا تمريرها هي ان هذا البلد بني على اكتاف اللاجئينن (...) وانه في كل مرة نحد من العدد الذي يمكن استقباله نشعر بالخجل لاحقا".

واعتبرت منظمات غير حكومية انه اذا كان بلوغ عتبة 10 الاف لاجىء هذا الاسبوع له تاثير ايجابي فعلى الولايات المتحدة ان تستقبل عشرة اضعاف هذا العدد.

وقالت جنيفر كويغلي من جمعية "هيومن راتس فورست" (حقوق الانسان اولا) "نرى كيف يتم استقبالهم في انحاء كثيرة من العالم بالترحيب وهنا يقوم برلمانيون ومرشحون للانتخابات الرئاسية بكل ما في وسعهم لاغلاق الباب في وجه اللاجئين السوريين".

ويأمل عمار كوكب في ان يدرك الاميركيون مع مرور الوقت ان لكل واحد منهم قصة فريدة، قائلا "لسنا ارهابيين ولا مجرمين" و"نريد ان نعيد الى هذا البلد" ما قدمه لنا.