إيلاف من بغداد: اعتبر المرجع الشيعي العراقي حسين أسماعيل الصدر وجود العراق بعروبته، رافضًا الاساءة الى دول الجوار العربية والاقليمية وخاصة السعودية، وعبّر عن خيبة أمل من &الاصلاحات الجارية في العراق، معتبرًا انها ترقيعية وليست جذرية، مشددًا على ضرورة استمرار الحراك الشعبي للمطالبة بإصلاحات حقيقية.

وعن رأيه بصدقية العبادي في اجراء الاصلاحات، اشار الصدر في حوار أجرته معه "إيلاف" في لندن، التي يزورها لمتابعة نشاط مؤسسة الحوار الانساني التي يرعاها في العاصمة البريطانية، واجراء فحوصات طبية، الى أنه رجل وطني مخلص ونزيه ولكن تحيطه ظروف كثيرة تقيّده سواء من الكيان الذي ينتمي اليه (حزب الدعوة) أو من الكيانات السياسية الاخرى .. وعبّر عن اعتقاده بقدرة الحكيم على جمع شتات التحالف الوطني (الشيعي) من خلال رئاسته الجديدة له.

إليكم نص الحوار:&

ماهو رأيكم بتوجه السياسة العراقية للابتعاد عربيًا، فهي في اسبوع واحد مثلاً طلبت تغيير السفير السعودي ثم استقبلت بحفاوة وفد الحوثيين المعارضين للسعودية .. ألا يشكل هذا انحيازًا متعمدًا؟

المطلوب من العراق أن يعزز علاقاته العربية، وأن يشعر انه جزء من الامة العربية .. فالمطلوب من السياسيين العراقيين أن يدركوا ان وجودهم بوجود ارتباطاتهم العربية وخاصة بالنسبة للدول العربية المجاورة .. ولهذا يفترض عدم العمل على تعكير العلاقات مع جميع الدول العربية، والتي منها المملكة العربية السعودية... ولهذا فأني عندما استقبلت في بغداد السفير السعودي الاستاذ ثامر السبهان كان لقاء وديًا وحميميًا، وتحدثنا في الكثير عن الاوضاع العراقية والعربية بشكل عام .. لكن نحن في العراق نعيش حاليًا سلبيات منها ان لكل جهة سياسية وجهة نظر، وكل جهة لها ارتباطات واجندات وتصرح وكأنها هي الدولة .. وهذا امر يؤثر سلبًا على العلاقات مع الكثير من الدول سواء العربية أو الاقليمية .

يشهد العراق منذ اغسطس عام 2015 حراكاً شعبياً يطالب بالاصلاح، فما هو موقفكم منه؟

نحن سعداء بحركة الشعب العراقي ووعيه وعمله من اجل اصلاح واقعه .. سابقًا لم يكن الشعب العراقي ليتجرأ على المطالبة بحقوقه المشروعة، ولكنه الان بدأ وبجرأة يدعو لهذه الحقوق وهو ما يشكل علامة صحية، لان هناك سلبيات كثيرة في واقعنا العراقي وعلى كل الاصعدة .. ورغم وجود بعض الايجابيات الا أن كثرة السلبيات تغطي عليها .

رئيس الوزراء حيدر العبادي انسان جيد ورجل وطني مخلص ونزيه، ولكن تحيطه ظروف كثيرة تقيّده سواء من الكيان الذي ينتمي اليه (حزب الدعوة) أو من الكيانات السياسية الاخرى بالشكل الذي نراه حاليًا وكأنه مقيد في ما يريد فعله بالشكل المطلوب في تحقيق اصلاحات اكثر، لأن ما تم منذ اغسطس عام 2015 هو اجراء اصلاحات ترقيعية وليست جذرية وخاصة اغفال تعديل الدستور، الذي يمكن ان يحقق هذه الاصلاحات الجذرية، لان في مواد الدستور كثيراً من نقاط الضعف، ولذلك فهو يشكل اكبر سلبية في واقع العراق الراهن، لانه اسس للمحاصصة، والتي هي مصدر كل السلبيات الحالية، اضافة الى ان الكيانات السياسية لم تعمل كفريق واحد من اجل مصلحة الوطن وشعبه، وانما ظلت تبحث عن مكاسب لحزب معين أو لمذهب بعينه أو لطائفة أو مكون دون غيرهما مع أن المفترض ان يعمل الجميع من اجل العراق، لانه اذا ضاع العراق فقد ضاع كل شيء فيه.&

ولذلك، فإن المطلوب هو تعديل الدستور من اجل اخراج البلاد من المحاصصة والانتقال بها الى دولة المواطنة، واذا لن يتم هذا فإننا سنبقى نراوح في مكاننا وتبقى الاصلاحات آنية وليست جذرية وليعود الحال لما كان عليه من عدم وجود بناء حقيقي واقعي لأسس دولة عصرية فاعلة.

كيف تنظرون للحراك الشعبي الذي يقوده مقتدى الصدر، وخاصة في ما يتعلق باقتحامه لمقر مجلس النواب وتنفيذه للاضراب عن العمل ودعوته للاضراب عن الطعام لتصعيد المطالبة بالاصلاح؟

نحن مع كل الضغوط السلمية التي تقود الى تصحيح المسيرة، فأي حراك شعبي سلمي نباركه لأن هذه الضغوط مطلوبة دائمًا لتصحيح المسيرة ومن أي جهة كانت.

ألا تعتقد أن ارث الـ8 سنوات الماضية من سلطة الحكومة السابقة أحد اسباب معوقات العبادي عن تنفيذ الاصلاح الحقيقي؟&

نعم. إن الارث الثقيل هذا، الذي ورثه،&كبير وسلبي، لكنه يجب عدم تعليق نقاط الضعف الحالية على الماضي لأن هذا الماضي قد حصل بسلبياته وايجابياته وما يجب الآن التفكير بما يمكن تقديمه للعراق ولشعبه من انجازات.. كنا نتوقع اصلاحات اكبر من قبل العبادي خاصة وأنه حصل على دعم شعبي للمضي بالاصلاح وتعديل الدستور، لكنه تأخر في ذلك أو أن القوى السياسية كانت عائقًا امامه، لكن الواقع يشير الآن الى ان الفرصة قد فاتت عليه، وبالنتيجة فقد فاتت الفرصة على الشعب.&

ولذلك يجب أن لايتوقف الحراك والضغط الشعبي .. هو يمكن ان يضعف فترة لكنه يعود أقوى مما كان عليه ليصر على مطلب الاصلاحات الجذرية من اجل استقرار العراق.&

هل تعتقدون أن عمار الحكيم برئاسته للتحالف الوطني (الشيعي) سينجح في تنشيط التحالف وحل الخلافات بين مكوناته وتعزيز العلاقات مع التحالفات الأخرى على الساحة السياسية العراقية؟

نتمنى ذلك، فالسيد عمار يتمتع بصدر واسع وبأخلاق عالية وصبر وتحمل وبثقافة جيدة، ولهذا اتوقع أن يعمل بشكل جيد من اجل جمع شتات التحالف الوطني &.. وأنه سينجح في رئاسته للتحالف ونتمنى وندعو له.

&الصدر يؤم صلاة شيعية سنية موحدة في بغداد

رجل الحوار والتوافقات

يذكر ان آية الله الفقيه حسين أسماعيل الصدر رجل دين يحظى بإحترام السنة والشيعة، فهو يشدد دائمًا على أن وطنيته اكبر من مذهبيته وإنتمائه للعراق، أقوى من إنتمائه لطائفته. وهو يعتبر من قلائل علماء الدين ممن يصلي خلفه سنة وشيعة لانفتاحه على الآخر من دون تعصب أو تحزب . ويقول العارفون به إن لونه عراقي ومذهبه إسلامي، فلم يقتصر دوره على الجانب الوعظي والافتائي فحسب، بل تعداه الى الاجتماعي والثقافي أيضًا اضافة الى الدور الاسلامي.&

وللمرجع الصدر قناة فضائية تحمل اسم "السلام" ومراكز تنتشر حول العالم باسم الحوار، إضافة إلى دوريات ومطبوعات منتظمة، كما تشرف مؤسساته على عشرات المراكز والمعاهد التعليمية للبنات خاصة، ومن ثم الأولاد يتعلمون فيها استخدام الكمبيوتر والرسم وفن الإلقاء والعلوم والخط واللغة الانكليزية والنجارة والخياطة والأداء الصوتي والحدادة والميكانيك .. بالإضافة إلى المراكز الصحية وملاجئ الأيتام والكليات ومراكز رعاية النساء والمعوقين انطلاقًا من نظرته الى العراقيين التي يقول دائمًا انهم "متساوون في كل الحقوق لا فرق بين مسلم وغير مسلم أو بين سني وشيعي أو بين عربي وغير عربي".

ويتواصل الصدر مع مختلف أطياف الشعب العراقي لتنسيق وتنظيم هذا التواصل، فقام بتأسيس مؤسسة الحوار الإنساني في محافظة بغداد وفتح لها فروعًا في جميع محافظات العراق، حيث يتمّ عقد الكثير من المؤتمرات التي تساهم بشكل فاعل ومؤثر في تقريب وجهات النظر بين الشيعة والسنة والفرقاء السياسيين، وتقديم رؤية جديدة لمعالجة الواقع العراقي، حيث لا يزال هذا النشاط مستمراً في هذا الاتجاه.
&