مكة المكرمة: ينفق المؤمنون سنويا آلاف الدولارات للقدوم الى مكة المكرمة وأداء فريضة الحج، في تكلفة لا تقتصر على تذكرة الطائرة والاقامة، بل تشمل تخصيص موازنة لا بأس بها للعودة حاملين هدايا وتذكارات.

ويقول المالي سيدي مختار دمبيلي (54 عاما) لوكالة فرانس برس، انه انفق الى الآن ما يوازي 760 يورو (اكثر من 850 دولارا) لشراء "الكثير من السبحات" وسجادات الصلاة وتذكارات، يعتزم اهداءها لعائلته واصدقائه في مالي بعد اتمامه مناسك الحج التي تبدأ السبت.

ويؤكد مفتش الجمارك الذي ارتدى زيا افريقيا تقليديا ازرق ووضع على رأسه قلنسوة بيضاء، ان شراء التذكارات هو بمثابة واجب ديني. ويضيف في شارع مكتظف بالمتاجر الصغيرة في مكة، ان "هذا ما اوصانا به النبي محمد. علينا ان نحمل الهدايا الى العائلة والاصدقاء".

وعلى بعد عشرات الامتار من المسجد الحرام، تتوالى في شارع ابراهيم الخليل، المتاجر المجهزة بأنوار تومض ولوحات مكتوبة بلغات عدة، لجذب اكبر عدد ممكن من الحجاج، ومنهم المصري محمد حسن.

ويقول هذا المهندس البالغ من العمر 61 عاما "لقد ابتعت بعض العباءات"، اضافة الى السبحات والعطور وسجادات الصلاة والبخور.

مدخرات العمر

ويوضح حسن ان موازنته للهدايا والتذكارات تبلغ "ثلاثة آلاف ريال سعودي"، اي ما يقارب 800 دولار. ويضاف هذا المبلغ الى زهاء 6800 دولار هي كلفة تذكرة السفر والاقامة في مكة والمدينة المنورة.

ويشير الى انه يستحيل عدم شراء الهدايا "لانها ستكون تذكرات تفخر بها العائلة والاصدقاء. لها قيمة حقيقية، هي لا تقدر بثمن". ويضيف حسن الذي ارتدى "جلابية" مصرية تقليدية وعلت الابتسامة وجهه "اولادي سيتمكنون من القول بابا احضر لي هذا من الكعبة".

واضافة الى البعد الديني للحج، احد الاركان الخمسة للاسلام والذي يجب على من استطاع من المؤمنين ان يؤديه على الاقل مرة واحدة، باتت هذه الشعائر فرصة اقتصادية تستفيد منها المملكة العربية السعودية التي تسعى الى تنويع مصادر دخلها في ظل انخفاض اسعار النفط الذي يشكل الجزء الاكبر من الايرادات الحكومية.

وبحسب السلطات، وصل حتى الآن الى مكة قرابة 1,5 مليون حاج اجنبي، سيمضون ما يناهز عشرة ايام. واضافة الى موسم الحج، يزور مكة المكرمة على مدى العام مؤمنون راغبون في اداء العمرة. واضافة الى طابعها الديني، تشكل هذه المناسك فرصة اقتصادية.

وبحسب غرفة التجارة والصناعة في مكة، انفق الحجاج الاجانب خلال العام 2015، زهاء 20 مليار ريال سعودي (نحو 5,4 مليارات دولار)، يضاف اليها اكثر من مليار ريال انفقه الحجاج السعوديون.

ولحظت المملكة في "رؤية السعودية 2030" الاقتصادية التي اطلقتها في وقت سابق هذه السنة، تعزيز السياحة الدينية في مكة والمدينة. ومن الاهداف الموضوعة، زيادة عدد المتعمرين الى 15 مليون شخص سنويا بحلول سنة 2020، بدلا من ستة ملايين في الوقت الراهن.

رمزية دينية 

ويمضي العديد من الحجاج اعواما في ادخار المال اللازم لاداء هذه الفريضة، ومنهم المصري جمال حمادة القادم مع زوجته. ويقول لفرانس برس "عملنا اعواما طويلة لنوفر كلفة الحج"، ومن الطبيعي بعد هذه التجربة، ان يعودا الى مصر حاملين التذكارات.

ويقبل كثيرون على شراء الهدايا قبل بدء المناسك. ويقول ماجد عبدالله، وهو صاحب متجر لبيع سجادات الصلاة والازياء الشرعية، ان مدخوله اليومي يراوح حاليا ما بين 20 الف ريال و25 الفا.

وتبدو حركة البيع مقبولة ايضا لدى جار عبدالله، اليمني ابو علي السعدي الذي تطغى في متجره حلى "صنعت في الصين"، وتتلاءم مع كل ميزانيات الجميع "اكانوا اغنياء ام فقراء".

الا ان ما تعرضه متاجر مكة لا يقتصر على السبحات البلاستيكية او الساعات المنبهة بحسب المواقيت الخمس اليومية للصلاة. 

فعلى مقربة من المسجد الحرام، يعرض باعة على بسط على الارض، البخور المستخدم بشكل واسع في الخليج، وعود السواك لتنظيف الاسنان، والذي يعتبر استخدامه سنة نبوية.

ويرى حجاج ان التذكارات التي سيحملونها معهم، قد تساهم في تشجيع اقاربهم واصدقاءهم، على القدوم الى مكة لخوض هذه التجربة الدينية.

ويقول السنغالي عمر سار "لمعظم الهدايا رمزية دينية، نساعد من خلالها الاقارب في بلادنا ليشعروا بروحانية الحج".

يضيف الرجل البالغ من العمر 58 عاما "من خلال هذه الهدايا، نحن نحثهم على تقوية ايمانهم على امل ان يأتوا هم ايضا الى مكة".