بهية مارديني:&تبدو المعارضة السورية أمام موجة خلافات جديدة حول رؤية الهيئة العليا للمفاوضات التي قدمتها الى اجتماع لندن لمجموعة أصدقاء سوريا أمس لأنها لم تتضمن محاكمة بشار الأسد وملاحقة رموزه على الجرائم التي ارتكبوها كما أنها قبلت به في مرحلة انتقالية فضفاضة ليبقى رأسا للنظام.

وقال المحامي البريطاني السوري بسام طبلية لـ"إيلاف " لا نرى أي تحرك جدي من المجتمع الدولي لحل الأزمة السورية ولا النية في محاكمة بشار الأسد ورموزه، وكذلك لا نجد المعارضة قادرة على تحقيق تطلعات الشعب& السوري بل على العكس إذ نرى أنها تقدم تنازلات تلو التنازلات مع استمرار قصف الأسد وجرائمه وحصاره المدن والبلدات وافراغها من سكانها ".&

وأكد أن" العدالة الانتقالية لا تعني بأي حال من الأحوال افلات المجرمين من العقاب" ، وشدد على أنه "لا بد من ملاحقة المجرمين داخل النظام وملاحقة بعض الدول التي قصفت المدنيين دون ذنب ولابد من ايجاد خطوات عملية للتعويض على المتضررين".&

وأضاف طبلية " لابد من آلية واضحة ونافذة للمحاسبة وهو الشيء الذي لم تتطرق اليه رؤية الهيئة العليا للمفاوضات عبر المحاكمات والتحقيق في الجرائم بموجب القانون الدولي الملزم ومحاسبة المسؤولين عنها وفرض عقوبات عليهم" .

&وقال "لا يشترط أن يتم ذلك في محاكم دولية، في حال صعوبات مثلا تنفيذها عبر محكمة الجنايات الدولية ، ويمكن تطبيقها في محاكم محلية أو وطنية". وأشار الى ضرورة تواجد لجان من المفترض أن تعمل بشأن الانتهاكات وتصدر التقارير بشأن سبل معالجة الانتهاكات والترويج للمصالحة، وتعويض الضحايا، وتقدم ما أمكنها من افكار ومقترحات حول منع تكرارها.&

لا غالب ولا مغلوب

واعتبر أنه" من الواضح أن المجتمع الدولي يريد المحافظة على سياسة لا غالب و لامغلوب في هذه الثورة و إعطاء الشرعية للأسد لما قام به في الفترة السابقة مما يمكن التذرع به لإعفائه من المسؤولية عن الجرائم التي اقترفها ما يعني قانونا أيضا إمكانية إعفاء الدول من المسؤولية القانونية اللاحقة و كذلك إمكانية إعفاء الأسد و أجهزته الأمنية من الملاحقة القانونية المستقبلية."&

وأكد طبلية "أن المعارضة السورية لاتملك أية ضمانة، وكذلك دول أصدقاء الشعب السوري، أية ضمانة لتنفيذ رؤية المعارضة السورية ما يعني بقاء هذه الرؤية حبرا على ورق في ظل غياب الارادة الحقيقية للدول بوضع نهاية لنظام الأسد.".

بقاء رأس النظام

هذا واحتج الأكراد على عدم وجودهم ضمن وفد الهيئة العليا للمفاوضات فيما احتجت كل الحركات التركمانية على تجاهل الرؤية للمكون التركماني ضمن رؤية الهيئة والاطار التنفيذي الذي قامت على تقديمه، وقال المعارض السوري الكردي صلاح بدر الدين إن " رؤية هيئة المفاوضات تنازلت خطوات عدة عن الثوابت التي أعلنت في جنيف بل أبدت "كرما حاتميا" في تمديد الفترة الانتقالية بوجود رأس النظام في مرحلتيها&الأولى والثانية الى عامين وأحرجت بذلك بعض الدول التي كانت قد حددتها بستة أشهر والقبول بالنظام القائم كما هو مع مؤسستي الجيش الرسمي والأمن والمضي قدما في اجترار التعبيرات المملة المضللة في مغادرة الأسد ثم يتسابق الناطقون باسمها في الافصاح بزهو المنتصر عن شهادات مديح النظام العربي الرسمي لهيئة التفاوض حول " الواقعية وسلامة الطرح "".

وعبّر عن الأسف الشديد لأن هيئة التفاوض أصبحت "في واد والشعب والثورة في واد آخر”، وحول مشروع وطني ينقذ سوريا& في ظل ظروف تزداد تعقيدا أوضح& بدر الدين لـ"إيلاف "من الصعب "إن لم يكن من المستحيل تحقيق مشروع انقاذي سريع وحتى متوسط المدى من جانب الوطنيين والثوار السوريين لأسباب عدة ومنها& أن المصير السوري الآن بأيدي القوى الخارجية الباحثة عن مصالحها وليس في أجندتها أية خطط وبرامج تصب لصالح ارادة الغالبية الساحقة من السوريين التواقة الى السلام واعادة ما تهدم من البنية التحتية ومن اللحمة الوطنية التي انقطعت خيوطها تحت ضغط العنف وانعدام الثقة وعودة المهجرين والنازحين الى ديارهم في ظل نظام وطني ديمقراطي مستقل محفوظ السيادة وفي أجواء الحرية والسبب الآخر هو التشتت الحاصل بين قوى الثورة وتفكك تشكيلات الجيش الحر وصعود جماعات الاسلام السياسي التي لا تلتزم بأهداف الثورة وشعاراتها وسياساتها اضافة الى منظمات القاعدة الارهابية ( داعش والنصرة ) وكذلك انحراف المعارضة الراهنة عن الخط العام للثورة وتحولها الى ملحق للدول المانحة فاقدة استقلاليتها الوطنية . ".

الاتحاد السوري

وشدد على أنه "ليس أمامنا كوطنيين سوريين عربا وكردا ومكونات أخرى الا العودة الى الشعب لنستمد منه الشرعية والتصميم والقرار ولنحقق المصالحة الوطنية الشاملة بين كافة المكونات الوطنية وبكلام أدق بين ممثلي تلك المكونات المؤمنة بسوريا الجديدة الديمقراطية التعددية التشاركية على قاعدة البرنامج التوافقي ومن خلال مؤتمر وطني تأسيسي جديد باسم ( الاتحاد السوري ) على منوال ذلك المؤتمر الانقاذي&نفسه الذي انعقد في عشرينات القرن الماضي لاعادة الاتحاد والتواصل بعد أن ظهرت ثلاث دول ومقاطعة وبعد أن كانت منطقة الجزيرة السورية في وضع استثنائي لم تكن مرتبطة بدمشق العاصمة وهناك الآن تشابه كبير بين ما كان عليه الوضع في بلادنا قبل نحو قرن وبين الوضع الذي نعيشه الآن وجاء مؤتمر ( الاتحاد السوري ) ليعيد التوازن والوحدة والتلاحم الوطني من جديد . ".

ورأى بدر الدين أنه "ومن أجل التحضير لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة وبينها مخططات تصفية الثورة وتجاوزها نحو صفقات دولية – اقليمية لتوزيع مناطق النفوذ بين الأطراف العمل لانجاز مهام أساسية للانقاذ وفي المقدمة الاتفاق بين من يؤمن بسوريا الجديدة التعددية التشاركية الموحدة لتشكيل لجنة تحضيرية تشرف على مؤتمر وطني باسم ( الاتحاد السوري ) يشارك فيها ممثلون عن قوى الثورة والمعارضة الملتزمة بأهدافها ومن ضمنها الوطنيون والمستقلون الكرد للخروج ببرنامج سياسي ومجلس سياسي – عسكري لمواجهة تحديات السلم والمواجهة من منطلق قبول حقيقة أن القضية السورية دخلت في أنفاق قد تطول مدة عودتها الى الحالة الطبيعية أي أن العمل القادم بأمس الحاجة الى النفس الطويل والنضال الهادئ المدروس وستكون المطالبة بمغادرة كل الجيوش والميليشيات من بلادنا على رأس الأولويات ".&


اطار تنفيذي

هذا وكانت الهيئة العليا للمفاوضات&أعلنت رؤيتها للإطار التنفيذي للعملية السياسية في سوريا، في العاصمة البريطانية أمس بدعوة من وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون.
ولفت المنسق العام للهيئة رياض حجاب إلى عمق التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، وتأثير تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في سوريا على الأمن الإقليمي والأمن الدولي؛ حيث تتنامى أزمة اللجوء في مختلف الدول العربية والغربية؛ ويتزايد خطر تجنيد الشباب من أوروبا وغيرها من الدول للقتال مع تنظيم "داعش"، في حين تعيش الشعوب المتضررة حالة من البؤس والإحباط بعد فشل المجتمع الدولي في وقف الانتهاكات التي ترتكب بحقها.

واعتبر أنه من غير الممكن معالجة الأزمة السورية في معزل عن التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن&بقاء النظم القمعية البائدة يشكل خطورة على منظومات الأمن العالمي، وخاصة في سوريا حيث يصر بشار الأسد وزمرته على البقاء في الحكم رغم فقدانهم الشرعية والسيادة والسيطرة على الأرض.

ولدعم الجهود الدولية في معالجة تلك المهددات قال حجاب ان الهيئة العليا للمفاوضات قد اتخذت قراراً استراتيجياً بالمضي في العملية السلمية، حيث عكفت خلال الأشهر الماضية على إعداد خطة انتقال سياسي&من خلال عملية تفاوضية تفضي إلى مرحلة انتقالية تبدأ مع&رحيل بشار الأسد وزمرته الذين تورطوا بارتكاب الجرائم والمجازر بحق الشعب السوري وتولي هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية تعمل على&إقامة نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري&من دون تمييز أو إقصاء، ويرتكز على مبادئ المواطنة، وسيادة القانون، ويضمن&استقلال القضاء وحرية الاعلام، ويؤكد الحياد السياسي للجيش والقوات المسلحة، ويحول الأجهزة الأمنية إلى مؤسسات احترافية تصون سيادة الدولة واستقلالها وتحمي الحريات العامة.

حوار وطني
وتحدث عن ضرورة حوار وطني وإعادة اللاجئين والنازحين&والمبعدين؛ وقال "تضع الوثيقة ضوابط دستورية وقانونية لضمان&حقوق سائر المواطنين، وتمتع المرأة بكامل حقوقها العامة وتضمن إسهامها في جميع مؤسسات الدولة ومواقع صنع القرار".
كما تشمل الرؤية "وضع آليات عملية لضمان ممارسة هيئة الحكم الانتقالي كافة مظاهر السيادة، وإخراج جميع المقاتلين الأجانب بالتزامن مع تبني برنامج شامل للتصدي للإرهاب ومكافحته، والقضاء على الحواضن الفكرية والتنظيمية للتطرف والطائفية والاستبداد السياسي."
ورأى حجاب أن السوريين" يمتلكون كافة الخبرات اللازمة لوضع المعايير والأسس لعملية انتقال سياسي سيكون لها تأثير على الأجيال القادمة، بما في ذلك التحضير للفترة النهائية من خلال انتخابات تشريعية ورئاسية تؤذن بانتهاء المرحلة الانتقالية، وإقرار دستور دائم للبلاد، وهي مهام شاقة تنوي خوضها يداً بيد مع كافة السوريين الذين بذلوا تضحيات كبيرة للانعتاق من الدكتاتورية ونبذ إيديولوجيات التطرف والكراهية، ونيل الحرية والكرامة والاستقلال".