بهية مارديني:&تابعت المكونات السورية من أكراد وآشوريين وتركمان في اصدار احتجاجات على الاطار التنفيذي الذي قدمته الهيئة العليا للمفاوضات الى اجتماع أصدقاء سوريا، الذي انعقد في لندن الأسبوع الماضي، واعتبروا أنه تم تجاهلهم في هذه الوثيقة، كما تمّ تجاوز وثيقة سابقة تم توقيعها &بين الائتلاف الوطني السوري والمجلس الكردي..

وقال&شلال كدّو، سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سوريا وعضو الائتلاف الوطني عن المجلس الكردي، في تصريح لـ"إيلاف"، "إننا لا نتفق مع وثيقة الاطار التنفيذي التي اعتبرها تضمر تعصباً شوفينياً وعنصرياً وتلغي حقيقة التعدد الاثني والقومي في سوريا في تناغم واضح مع نظرية البعث الذي كان وما زال يسعى الى تعريب البشر والشجر والحجر في البلاد، ويبدو أن الذهنية التي أعدت وثيقة الاطار التنفيذي تسعى الى ترسيخ الاستبداد من جديد في سوريا، الامر الذي يتنافى مع قيم الثورة السورية والتضحيات التي قدمها السوريون بمختلف طيفهم الاثني والديني والطائفي".

&كما أن اعتبار الثقافة العربية الاسلامية، كما قال، "منهلاً خصباً ومعيناً للانتاج الفكري وللعلاقات الاجتماعية بين السوريين، من شأنه أن يلغي الثقافات السورية الأخرى غير ثقافة العروبة والاسلام التي تفاعلت وتلاقحت وانتجت على مر العصور الحضارة السورية التي تتميز بفسيفسائها الجميل.".

وأكد أنه كذلك من شأنها أن تؤدي الى" انهيار بنية المجتمع السوري الثقافية وتفتيته، وبالتالي تقسيم البلاد والعباد الى جماعات وثقافات واثنيات متناحرة".

واعتبر أنه" لا بد من نزع فتيل معظم هذه القنابل الموقوتة في هذه الوثيقة التي ستنسف نسيج المجتمع السوري" .&

وأشار كدّو الى اعتبار الوثيقة اللغة العربية لغة رسمية وحيدة في البلاد،&وقال "هي إلغاء متعمد وتجاهل لا يمكن القبول به للغة الكردية التي لا بد وان تكون اللغة الرسمية الثانية في البلاد، وخاصة في المناطق الكردية، وكذلك في المناطق ذات الغالبية السكانية الكردية، وفي هذا السياق فإن عددًا كبيرًا من دول العالم تعتمد اكثر من لغة رسمية كما هو عليه الحال في بلجيكا وهولندا والنمسا وسويسرا والهند وروسيا وغيرهم عشرات الدول الاخرى. لذلك، فإن الوثيقة المذكورة تعيد إنتاج الدولة السورية بمرتكزاتها الفكرية والعنصرية ونظامها الديكتاتوري الاستبدادي".

تجاهل الشعب الكردي

&كما& عبّر كدّو عن أسفه& لتجاهل الوثيقة بشكل واضح الاعتراف بالشعب الكردي "في كردستان سوريا، الذي يعيش على ارضه التاريخية منذ مئات السنين إن لم نقل الآلاف من السنين، وكذلك انكار لضمان حقوقة السياسية والديمقراطية واللغوية والثقافية دستوريًا، وفق العهود والمواثيق الدولية، ويتناقض مع نص وروح الوثيقة المشتركة بين الائتلاف الوطني السوري والمجلس الوطني الكردي في سوريا".

وحول نظام اللامركزية الادارية الوارد في الوثيقة،&فرأى انها "هي شكل مستنسخ من نظام المجالس المحلية التي اعتمدها النظام، ومن شأنها أن تعيد انتاجه الشمولي الاستبدادي الذي يقمع الآخر المختلف بالقوة. فالمجلس الكردي لم يطالب يوماً واحداً باللامركزية الادارية، وانما من الممكن أن يكون هنالك توافق مع اطياف المعارضة السورية على اللامركزية السياسية التي ربما يحصل في ظلها كل ذي حق على حقه، وهي تتنافى مع المساعي المحمومة التي تسعى الى أن يحل نظام ديكتاتوري استبدادي شمولي محل نظام البعث الجاثم على صدور السوريين بقوة الحديد والنار منذ نصف قرن من الزمن ".

وفي هذا السياق، أضاف "لا شك ان المعارضة السورية لم تتفق بعد على مطالب وحقوق الشعب الكردي، وأن الوثيقة الوحيدة التي اعترف من خلالها الائتلاف بجزء يسير من طموحات وحقوق الأكراد، هي الاخرى يتم تجاهلها عن قصد، وخاصة من قبل الهيئة العليا للمفاوضات التي قزمت دور الأكراد وحقوقهم منذ انطلاقتها الاولى، وانكرت معظم حقوقهم وما زالت تسير بنفس العقلية التهميشية والالغائية الى حد كبير".

وفي هذا الصدد، قال كدّو "إن تمثيل الأكراد في الهيئة العليا للمفاوضات لا يتناسب مع ثقلهم ودورهم التاريخي والحالي في الثورة السورية البتة، وكان هذا الامر متعمداً منذ البداية. من هنا، فإن الأكراد برمتهم يرفضون هذه الوثيقة ويضعون المجلس الوطني الكردي أمام مسؤولية كبيرة، وبالتالي من غير المستبعد أن تكون هنالك خيارات أخرى امام المجلس في حال الاستمرار في انكار حقوق الشعب الكردي الذي يعدّ ثاني اكبر مكون في البلاد".

لم تكن جامعة&

من جانبه، قال زارا صالح القيادي السوري الكردي& لـ"ايلاف"، إن الوثيقة التي قدمتها الهيئة العليا للتفاوض في مؤتمر لندن لأصدقاء سوريا لم تكن "جامعة وشاملة " كما&تم وصفها، بل "جاءت في اطارها العام جملاً انشائية بعيدة عن الواقع السوري، أما في جانبه السياسي فكان مخيّبًا وعبّر عن رؤية قاصرة واقصائية تعكس ايديولوجيا قومية تلاقت مع الديني في فرض العروبة والإسلام من جانب واحد مع تهميش لحقوق بقية المكونات السياسية والتاريخية والثقافية والدينية.. ".

وفي الجانب الكردي اعتبر أن "الوثيقة خالفت حتى الاتفاق السابق الموقّع بين الائتلاف السوري والمجلس الوطني الكردي، واعتبرت الأكراد كمجموعة ثقافية وليس شعباً يعيش على أرضه التاريخية كردستان. ".

وانتقد تصرفات المعارضين السوريين في تحضير الوثائق والأوراق، وقال "انها ثقافة البعث عندما تكون الرؤية وفق مبدأ المواطنة بمفهومها العروبي الذي يعتبر الجميع سوريين، وكأنه يمننهم بالمواطنة التي هي حق مدني طبيعي، لهذا فإن هذه الرؤية القاصرة تعكس حالة من الشك لدى اغلب المكونات في اعادة انتاج جديدة للدكتاتورية بمسمى آخر.".

الانسحاب من الائتلاف

وأضاف صالح" لم يعد هناك سبب لبقاء المجلس الوطني الكردي ضمن الائتلاف السوري بعد هذه الوثيقة، لانها كشفت المستور عن مفهوم الشراكة وسوريا المستقبل، وكذلك تنفيذ الائتلاف لاكثر من أجندة وفق منطق الدعم، لهذا فإن الأكراد سوف يتخذون قرارهم المناسب قريباً، وعلى الاغلب سيكون انسحابًا من الائتلاف كونه لا يعبر عن رؤية سورية اتحادية، بل يحمل فكراً أحادي الجانب يقصي بقية المكونات، والأكراد. يرى، وفق رؤيته السياسية حول سوريا، كوطن جامع في اطار النظام الفيدرالي، الذي يكفل دستورياً حقوق الجميع، "رغم أن القضية الكردية تختلف في اطارها التاريخي والوجودي الجغرافي- السياسي كون الأكراد شعباً يمتلك كل مقومات حق تقرير المصير بما فيه الاستقلال، ولكن الفيدرالية كطرح ملائم للواقع السوري يفضله الكرد، وكذلك أغلب دول العالم التي تدعم الشعب السوري، والا فإن الواقع الحالي وما يطرحه الائتلاف وبقية الفصائل الأخرى يعني تقسيماً كما هو على الارض".

&ورأى أن "وثيقة لندن ستكون القشة التي ستقصم بقاء الائتلاف، وستكون بداية حل هذه الهيئة الموقتة، خاصة فيما اذا نجحت استراتيجية الاميركيين والروس في جمع بعض المعارضة مع النظام والخروج بحل توافقي لن يكون للائتلاف مكان فيه، لأن رؤية الهيئة العليا للتفاوض حول محادثات جنيف كانت غير واقعية، فيقول حجاب،&على سبيل المثال،&إن الاسد ونظامه عليهما الرحيل،&في حين أن المجتمع الدولي لا يستطيع فرض وقف إطلاق النار حتى في حي من أحياء حلب مثلاً."

&