فيما انتشرت في العاصمة بغداد ﻻفتات وملصقات معادية للمملكة العربية السعودية على خلفية تصعيد الخلافات بين إيران والسعودية، ما جعل الشارع العراقي ملعبًا لصراع طائفي أوسع، فقد هاجم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الرياض،&بينما انتقد السياسي العراقي طارق الهاشمي طهران،&في حين&دعا أياد علاوي الدولتين للتهدئة، وعقد مؤتمر دولي لحقن الدماء.

إيلاف من بغداد: انتقلت الاتهامات المتبادلة بين الرياض وطهران إلى الشارع العراقي عبر مواقف متباينة بين الزعماء العراقيين، ففي حين رأى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أن بقاء المملكة العربية السعودية "حرة بلا عقاب" يعني مزيدًا من "القتل والتخريب والتدمير"، فإن السياسي العراقي طارق الهاشمي دعا إلى تدويل قضية الأهواز، فيما أكد أياد علاوي أن التصعيد المؤسف في الخطاب السياسي والإعلامي بين الدولتين يعمّق الانقسامات ويغذّي الفتن.

علاوي... مؤتمر إقليمي&
وأكد رئيس ائتلاف الوطنية أياد علاوي على أهمية عقد مؤتمر إقليمي لإيقاف التداعيات والتمهيد إلى علاقات تقوم على تبادل المصالح وتوازنها، وحضّ المملكة العربية السعودية وإيران على المضي بثقة نحو عقد هذا المؤتمر. وقال إن التصعيد المؤسف في الخطاب السياسي والإعلامي بين اثنتين من كبريات الدول الإسلامية الشقيقة (السعودية وإيران) يعمق الانقسامات ويغذي الفتن.

وأوضح علاوي، وهو رئيس حزب الوفاق الوطني، في مناشدة لقيادتي المملكة العربية السعودية الشقيقة والجمهورية الإيرانية الإسلامية، واطلعت "إيلاف" على نسخة منها، "إذ تتجه أبصار المسلمين وأرواحهم في كل بقاع الأرض هذه الأيام، صوب مكة المكرمة، حيث شعائر الحج المقدسة الجامعة، ويتطلعون في شتى أوطانهم إلى حلول عيد الأضحى المبارك، والبدء بتحقيق السلام والوئام وإيقاف الاقتتال وحقن الدماء، والمضي بثقة نحو مؤتمر إقليمي يسعى إلى إيقاف التداعيات ويمهد إلى علاقات تقوم على تبادل المصالح وتوازنها من جهة، وعلى احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من جهة أخرى".

المصالح مشتركة
ومضى إلى القول "مما يفسد آمالهم وفرحتهم هذا التصعيد المؤسف في الخطاب السياسي والإعلامي بين اثنتين من كبريات الدول الإسلامية الشقيقة، المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، وبما يعمق للأسف، الانقسامات التي يسعى إليها أعداء الأمة، ويغذي الفتن التي تهدد بتمزيق نسيج شعوبها".

كما أشار إلى أنه "يدفع بحالات التطرف إلى التفجر بعدما كاد تعاون دول العالم الأخرى أن يفضي إلى إسدال الستار على المشهد الأخير لتنظيم داعش الإرهابي، وعسى أن ينهي أزمة سوريا لمصلحة شعبها الكريم".

وقال علاوي: "إن قيادتي الدولتين تدركان أن لا مصلحة لإيران بمعاداة العرب، ولا للعرب مصلحة بمعاداة إيران"، مشيرًا إلى أنه "وبلا شك فإن مسؤولية الكل التاريخية في استقرار الدول والشعوب الإسلامية ودحر التطرف والإرهاب وتركيز الطاقات في بناء المستقبل المشترك وتعزيز الأواصر بما يخدم السلام والتنمية للشعوب الإسلامية كافة"، مؤكدًا أهمية "تفادي مخاطر انزلاق الأوضاع إلى حالة من الاحتكاك أو الصراع المباشر أو غير المباشر".

ومضى إلى القول "نغتنم هذه الأجواء الإيمانية لمناشدة قيادتي البلدين وكل قادة المنطقة تخفيف لهجة تبادل الاتهامات، وإفراغها من الإشارات المذهبية الطائفية المحرّضة التي تسيء إلى صورة الإسلام السمحة ووحدته". كما دعا إلى "اعتماد لغة أكثر تصالحية تقود إلى مسارات من الحوار في حل وتسوية المسائل العالقة".

وحث على العمل لـ"تفويت الفرصة على أعدائنا في تفجير المنطقة، وإعمال الصراعات بين ابنائها، واستنزاف مواردها"، معربًا عن ثقته بـ"قدرة المسؤولين في العربية السعودية الشقيقة وإيران الإسلامية الجارة وحكمتهم على تجاوز هذه الأزمة وإحلالها ببدائل من التفاهم والتعاون والاحترام المتبادل".

المالكي يهاجم&
وعلى خلاف خطاب علاوي، الذي نحا صوب التهدئة، فإن رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بدا أكثر تشنجًا، وهو يعتقد أن بقاء المملكة العربية السعودية "حرة بلا عقاب" يعني مزيدًا من "القتل والتخريب والتدمير"، بل دعا إلى وضعها تحت وصاية دولية.

جاء خطاب المالكي ردًا على تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، والتي اعتبر فيها أن سياسة المالكي "كانت سببًا في تمزيق العراق وظهور تنظيم داعش"، وذلك في ندوة خاصة عقدها مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا) في العاصمة أنقرة.

وقال المالكي في بيان أصدره مكتبه الإعلامي إن "ما يردده عادل الجبير لا يمثل سوى صدى لأكاذيب نظام أوغلت أياديه بدماء الأبرياء في العراق وسوريا واليمن". وأضاف المالكي، الذي سبق وهاجم السعودية في مناسبات كثيرة، أن الرياض تمارس "ازدواجية فاضحة" في سياستها الخارجية".

الهاشمي.. تدويل الأهواز
في المقابل، دخل طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية السابق على خط الأزمة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ليؤكد ردًا على طلب إيران بتدويل إدارة الحرمين، أن "التدويل ضروري جدًا"، ولكن "ليس لإدارة الحج".

وعلق الهاشمي في صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" السبت قائلًا: "إن التدويل ضروري جدًا، ولكن ليس لإدارة الحرمين، بل لقضية الأهواز، وإستهداف الكرد وقمع الأذريين من قبل نظام طهران". مضيفًا "أن ملفات متكاملة تنتظر التدويل".

وأشار إلى أن "إيران لا تحترم الجيرة، ولا تراعي الأدب في الخلاف، ولا تلتزم بخلق الإسلام، ولا تعترف بالأعراف الدبلوماسية ولا تتوقف عن الإستفزاز".

لافتات مسيئة للسعودية في بغداد&
اشتدت التصريحات الهجومية بين طهران والرياض مع حلول موسم الحج لهذا العام 2016، حيث توجهت إيران بقولها إنه ضروري تدويل الحج بعد حادثة مِنى، ومنعت مواطنيها من أداء فريضة الحج للمرة الأولى منذ ثمانينيات القرن الماضي، في حين وجّهت السعودية انتقادات لاذعة إلى النظام الإيراني ومرشده الأعلى علي خامنئي، واصفًا إياهما بأعداء الإسلام والعقيدة.

وحملت اللافتات التي ملأت الشوارع الرئيسة في العاصمة العراقية بغداد عبارات مسيئة إلى السعودية، وذيّلت جميع اللافتات المنتشرة في بغداد باسم الجهة المنظمة لها تحت عنوان "الأنشطة الإعلامية"، فيما لم يصدر أي تصريح من الجانب العراقي عن الهجوم الصريح على المملكة العربية السعودية.

في السياق عينه، تخوّف مواطنون يسكنون في محافظة بغداد، من مغبة موجة العنف الإعلامي والطائفي التي أثيرت هذه الأيام بتعليق الصور التي تهاجم الحكومة السعودية، محذرين من جرائم لميليشيات نافذة ضد مكون معيّن دون غيره، كما تخوفوا من رفعها مع عدم قيام وزارة الداخلية العراقية ولا أمانة بغداد بأي خطوة لرفع تلك اللافتات.

حجيج موازٍ&
لم تكن وحدها اللافتات من اجتاحت الشارع العراقي، إذ وصلت جموع كبيرة من الزوار الإيرانيين الشيعة إلى مدينة كربلاء كخيار بديل، بعدما منعوا من أداء مناسك الحج هذا العام في مكة، إثر تصاعد التوتر بين إيران والسعودية.

ودفع منع السلطات السعودية قدوم الحجاج الإيرانيين بمئات الآلاف منهم إلى تغيير وجهتهم صوب مرقد الإمام الحسين في كربلاء، إحدى أهم المدن المقدسة لدى الشيعة في العراق. وذكر عادل الموسوي مسؤول الزيارات الدينية في كربلاء في حديث صحافي: "أتوقع أن تصل أعداد الزوار إلى مليون شخص، 75 بالمئة منهم من الإيرانيين".

لا يشمل هؤلاء كل الذين كانوا قرروا أداء فريضة الحج في مكة، لكنّ عددًا كبيرًا من الحجاج الإيرانيين الـ64 ألفًا، الذين حصلوا على موافقة أداء الحج، انتهى به المطاف في المدينة المقدسة في نهاية الأسبوع الجاري. ولا تعادل زيارة ضريح الإمام الحسين أداء فرضية الحج، التي تعتبر أحد أركان الإسلام الخمسة.

وكانت الجامعة العربية دانت الخميس ما وصفته بالتصريحات "العدائية والتحريضية" للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامئني غداة وصفه العائلة المالكة السعودية بأنها "شجرة ملعونة"، ودعوة الرئيس الإيراني إلى معاقبتها. وأصدرت الجامعة العربية بيانًا حاد اللهجة بعنوان "إدانة التصريحات العدائية والمشينة للمرشد الإيراني"، عقب اجتماع لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة في القاهرة.

واستنكر الوزراء العرب "بأشد العبارات اللغة التي صدرت بها تلك التصريحات، والتي لا تليق بأعلى سلطة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

ودانت الجامعة "العبارات المسيئة والمشينة التي يجب ألا تصدر من زعيم دولة إسلامية، ولا تتفق أيضًا مع حقيقة ما تقوم به"، السعودية "تجاه الإسلام والمسلمين". وأكد البيان أن السعودية "هي الوحيدة المتخصصة بتنظيم أمور الحج وخدمة ضيوف الرحمن".