موسكو: أقام عسكريون روس نقطة مراقبة على طريق الكاستيلو محور الطرق الاساسي لنقل المساعدات الغذائية الى احياء فصائل المعارضة في حلب كبرى مدن شمال سوريا، كما ذكرت وكالتا الانباء الروسيتان "انترفاكس" و"ريا نوفوستي" اللتان لديهما صحافيون في المكان.

وقالت الوكالتان ان عسكريين اتخذوا موقعا واقاموا "مركز مراقبة متحركا". ولم توضح الوكالتان ما اذا كان الجيش السوري الذي يسيطر على هذا الطريق قد انسحب. وينص الاتفاق الروسي الاميركي الذي تم التوصل اليه الجمعة على ممر انساني بلا عراقيل للمناطق المحاصرة كما في حلب، وخصوصا عبر جعل طريق الكاستيلو "خاليا من السلاح".

وصرح الكولونيل سيرغي سابيستين المسؤول في المركز الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار "ستكون هذه الطريق السبيل الرئيس لايصال المساعدات الانسانية الى حلب"، حسبما نقلت عنه وكالة "انترفاكس".

واشار موقع "المصدر نيوز" المطلع والموالي للنظام الى ان قيادة الجيش السوري اصدرت الاوامر لقوات النخبة المنتشرة على هذه الطريق بالتراجع لمسافة كيلومتر الى شمال الطريق لافساح المجال امام الجنود الروس لاقامة ممر انساني على طول هذه الطريق.

وكان الجيش الروسي اعلن مساء الاثنين انه سيتم نشر مجموعات مماثلة من العسكريين الروسيين في مشرقة (شمال محافظة حلب) وحماة (وسط). ودخلت الهدنة التي تم الاتفاق بشأنها في الاسبوع الماضي بين الجانبين الاميركي والروسي حيز التنفيذ مساء الاثنين ويتم احترامها بشكل عام.

وكانت الهدنة في سوريا، والتي وصفت بأنها "الفرصة الأخيرة" للسلام، دخلت حيز التنفيذ في اول يوم كامل الثلاثاء، حسبما افاد سكان في عدد من المناطق، موضحين انهم قضوا ليلة هادئة هي الاولى منذ اشهر. وتوقف صوت المدافع مع بدء سريان اتفاق الهدنة بموجب اتفاق اميركي روسي عند مغيب شمس الاثنين. ومن المتوقع ان يتبعها خطوة ثانية تتمثل بتوزيع مساعدات انسانية عاجلة للسكان.

وفي حلب (شمال) التي تعد ساحة رئيسة للمعارك في البلاد، اكد مراسلو وكالة فرانس برس في كل من الطرف الشرقي الذي تسيطر عليه الفصائل المقاتلة والقسم الغربي الذي يسيطر عليه النظام ان الليل كان هادئا لم تسمع فيه اصوات غارات او قصف.

وانتهز السكان فرصة الهدوء وتوقف القتال للخروج الى الشوارع والاحتفال باول ايام عيد الاضحى حتى منتصف الليل. وأفاد مراسلو فرانس برس في الاحياء التي تسيطر عليها الحكومة والضواحي التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة أنها أيضا كانت هادئة.

واكد المرصد السوري لحقوق الانسان ان جبهات القتال الرئيسة &في حلب ودمشق وادلب "كانت هادئة تماما". وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري للصحافيين في الخارجية الاميركية "نعتقد ان الحل الواقعي والممكن الوحيد للنزاع هو حل سياسي في نهاية المطاف"، لكنه رأى ان "من المبكر جدا الخروج بخلاصات" حول الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ قبل ساعات. واضاف "احضّ جميع الاطراف على دعم (الاتفاق) لانه قد يكون الفرصة الاخيرة المتوافرة لانقاذ سوريا موحدة".

"تمكنا من النوم"
وعم الارتياح في عدد من المدن والبلدات وخاصة تلك التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة وشهدت قصفا يوميا. ففي مدينة تلبيسة (ريف حمص) التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة وتعرضت في الفترة التي سبقت الهدنة لقصف عنيف، اكد الناشط حسان ابو نوح ان القصف توقف. واكد لفرانس برس "في العادة نسهر طوال الليل مع الطائرات، لكن نشكر الله، نمنا هذه الليلة".

كما اكد ناشط آخر من ريف ادلب (شمال غرب)، حيث اسفرت الغارات عن مقتل 13 شخصا الاثنين، ان الليلة كانت هادئة ايضا.
وقال الناشط في مدينة سلقين (ريف ادلب) نايف مصطفى "النوم كان مريحا هذه المرة، والليلة كانت مميزة". الا انه عبر عن تحفظه لان "الناس يتوقعون أن يستمر الهدوء خلال فترة العيد فقط". ومن المنتظر ان تسمح الهدنة بادخال المساعدات الانسانية من دون عوائق الى المناطق المحاصرة وبخاصة الى حلب.

واعلنت الامم المتحدة "عن استعدادها لايصال مساعدات انسانية بصورة عاجلة لمستحقيها بعد دخول الاتفاق حيز التطبيق"، حسبما افادت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية فرانس برس.

ولم تعلن المعارضة والفصائل المقاتلة التي تكبدت خسائر ميدانية خلال الفترة الاخيرة، موقفا حاسما من الهدنة. وطلبت الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم ممثلين عن اطياف واسعة من المعارضة السياسية والمسلحة "ضمانات" من حليفها الاميركي حول تطبيق الاتفاق، مبدية "تحفظها" على "الاتفاق المجحف".

وأعلنت دمشق موافقتها على الاتفاق الذي توصلت اليه موسكو وواشنطن الجمعة والتزامها بتطبيق "نظام التهدئة على أراضي الجمهورية العربية السورية لمدة سبعة أيام". ويستثني الاتفاق الجماعات الجهادية من تنظيم "الدولة الاسلامية" وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد، على غرار الاتفاق السابق الذي تم التوصل اليه في فبراير الماضي واستمر لاسابيع.

الريبة كبيرة
سيؤدي الاتفاق في حال استمرار تطبيقه الى تعاون غير مسبوق بين روسيا والولايات المتحدة لمواجهة التنظيمين "الجهاديين".

وتسعى راعيتا الاتفاق موسكو حليفة النظام وواشنطن التي تدعم الفصائل المقاتلة عبر تطبيق الاتفاق الى التشجيع على استئناف المحادثات بين النظام والمعارضة لوضع حد للنزاع الذي اسفر عن مقتل 290 الف شخص ودفع العديدين للهجرة او النزوح وبروز تنظيم "الدولة الاسلامية".

واكد مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الاثنين ان "المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا سيدعو جميع الاطراف (للمحادثات) في بداية اكتوبر على الارجح". لكن المهمة تبدو صعبة لان النزاع معقد ومتشعب الاطراف. ورغم التوصل الى اتفاق الهدنة، اكد الرئيس السوري بشار الاسد "تصميم الدولة على استعادة كل المناطق" في سوريا، مستبعدا اي افق لحل سياسي سريع.

ليلا اصدرت فصائل المعارضة المسلحة بيانا عددت فيه "جملة من تحفظاتها على هذا الاتفاق المجحف" من دون أن ترفضه رسميا.&

واخذت الفصائل على الهدنة &خلوها من "اي ضمانات حقيقة او آليات مراقبة او عقوبات واضحة وزاجرة" واستثنائها "جبهة فتح الشام في حين غضت الطرف كليا عن الميليشيات الطائفية الاجنبية التي تقاتل مع النظام (..) وهو ما نعتبره ازدواجية مريبة ومرفوضة للمعايير".

وبموجب الاتفاق، يمنع القيام باي اعمال قتالية لمدة 48 ساعة يعاد تجديدها في المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة باستثناء المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة الاسلامية.

ويجب ان يمتنع النظام السوري بحسب كيري، عن القيام بغارات "على المناطق التي تتواجد فيها المعارضة والتي تم الاتفاق عليها". الا ان مقاتلي الفصائل المسلحة متحالفون &في عدد من المناطق مع جبهة فتح الشام التي تعتبرها واشنطن وموسكو "ارهابية".

الا ان مسؤولا في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) صرح انه حتى اذا صمدت الهدنة لسبعة ايام فإن ذلك لا يعني بدء التعاون بشكل تلقائي. وقال ان "المهل قصيرة لكن الريبة كبيرة".&