واشنطن: اعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما الاربعاء عن استعداد بلاده لرفع بعض العقوبات عن بورما وذلك عقب لقائه في البيت الابيض وزيرة خارجية بورما اونغ سان سو تشي التي كانت لسنوات رمزا عالميا للمعارضة الديموقراطية.

وقال اوباما في المكتب البيضاوي والى جانبه سو تشي ان "الولايات المتحدة مستعدة الان لرفع العقوبات التي تفرضها على بورما منذ فترة". 

وجاءت تصريحاته بعد ان ابلغ الكونغرس سابقا بانه اعاد منح التعرفات التفضيلية للدولة الفقيرة والتي علقت منذ اكثر من عقدين وسط انتهاكات المجلس العسكري الذي كان يحكم ذلك البلد لحقوق الانسان. 

الا ان اوباما لم يامر بشطب جميع العقوبات ضد بورما التي لا تزال تمر في مرحلة انتقال صعبة من الحكم العسكري الى الديموقراطية الكاملة. 

ويرغب البيت الابيض في مساعدة اقتصاد بورما وادارة سو تشي، الا انه يريد الاحتفاظ ببعض عوامل الضغط على الجنرالات المتنفذين الذين لا زالوا يسيطرون على شركات عملاقة ووزارات الداخلية والحدود والدفاع. 

وتاتي زيارة سو تشي حائزة جائزة نوبل للسلام (71 عاما) الى الولايات المتحدة خطوة مهمة اخرى في عودة بورما الى المجتمع الدولي وانتقالها من رمز للديموقراطية الى سياسية فاعلة. 

وتزور "سيدة رانغون" (71 عاما) العاصمة الاميركية ممثلة لخارجية بلادها بالاضافة الى توليها منصب مستشارة خاصة للدولة ما يسمح لها بالاشراف على ادارة البلاد لان الدستور الموروث من حقبة الحكم العسكري لا يسمح لها بالترشح للرئاسة لان اولادها يحملون جنسية اجنبية.

ورغم ذلك فقد حصلت على استقبال يليق بالزعماء في البيت الابيض. 

وتولى حزبها الرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية الحكم بعد الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، اول اقتراع حر تشهده البلاد منذ عقود بعد اربع سنوات على قيام النظام العسكري بحل نفسه العام 2011.

وسيشكل اللقاء قبل خمسة اشهر على انتهاء ولاية اوباما فرصة له بعد عودته من جولة اخيرة في اسيا للاشادة بالعملية الانتقالية الديموقراطية الملفتة في هذا البلد بعد عقود من العزلة.

وخلال زيارتها التي تستمر ثلاثة ايام ستلتقي سو تشي بعدد من الوزراء عقب لقائها اوباما. 

العقوبات والضغوط

تحاول واشنطن التوصل الى توازن صعب في بلد لا يزال الجيش يتمتع فيه بنفوذ سياسي واسع (ربع مقاعد البرلمان يشغلها نواب غير منتخبين). اذ يتعين على واشنطن ان تثبت ان عملية الانتقال الى الديموقراطية لم تنته وفي الوقت نفسه ان تتاكد من ان العقوبات لا تعترض الاستثمارات التي من شانها تحسين الحياة اليومية للسكان.

وتظل احدى نقاط التوتر مع واشنطن وضع اقلية الروهينغا المسلمة التي لم يتمكن عشرات الالاف من افرادها من العودة الى قراهم بعد اعمال عنف دامية العام 2012 ولا يزالون ينتظرون في مخيمات.

وكان الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان الذي عينته حكومة بورما على راس لجنة مكلفة هذا الملف الحساس التقى سو تشي في رانغون في مطلع ايلول/سبتمبر الحالي.

وتعرضت سو تشي لانتقادات شديدة على الساحة الدولية حتى من قبل مؤيديها حول صمتها ازاء الملف.

والسؤال الذي يواجه ادارة اوباما هو الى اي حد يمكن يان ترفع الولايات المتحدة عقوباتها وباية وتيرة. 

وفي مايو الماضي رفعت واشنطن مجموعة من العقوبات المالية والتجارية على البنوك والشركات الحكومية. 

ومن المرجح ان يكون لخطوة اليوم بالسماح لبورما بالاستفادة من النظام العام للتفضيلات تاثير اقتصادي كبير ولكن محدود. 

 الا ان اوباما لم يلغ امرا رئاسيا يعتبر بورما في حالة "طوارئ وطنية" ويؤكد على العقوبات الاوسع. 

ومن شان شطب هذا الامر توضيح الطريق امام الشركات الاميركية التي تتعامل مع بورما بما يساعد الاقتصاد وكذلك حكومة سو تشي. 

ولكن يمكن لذلك ان يضعف قدرة واشنطن على الضغط على الجنرالات. 

ويرجح ان يتم الغاء جميع العقوبات على بورما عندما يتم تغيير الدستور بشكل يسمح بسيطرة مدنية على الجيش وكذلك القوانين التي تضمن حصول الجيش على ربع المقاعد التشريعية. 

وفي الوقت الحاضر فان البيت الابيض سعيد بقيادة سو تشي. 

وقال بن رودس مستشار اوباما "سنرغب في ان نستمع منها مباشرة حول كيف تنظر الى نظام العقوبات". 

وقد يكون ذلك اعترافا مبطنا بان واشنطن تعتقد ان البيت الابيض يعتقد ان سو تشي - كوالدها ضابط الجيش الذي سار ببورما نحو الاستقلال عن بريطانيا -تستطيع ان توجه البلاد. 

وقال رودس "لقد كان من الجيد مشاهدة الانتقال الذي حققته من رمز الى سياسية، وزعيمة منتخبة ديموقراطية لبلادها".