دافعت الخارجية البريطانية عنى قرار التدخل العسكري في ليبيا العام 2011 وذلك في رد على تقرير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم الذي قال إن هذا التدخل استند إلى معلومات مخابرات خاطئة.&

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية في بيان تلقت (إيلاف) نسخة منه يوم الأربعاء إنه "كان من الصعب التنبؤ بأفعال معمّر القذافي، وكان لديه السبل والحافز لتنفيذ تهديداته. وبالتالي لم يكن بالإمكان تجاهل أفعاله التي تطلبت اتخاذ إجراء دولي جماعي حاسم. وقد التزمنا طوال العمل العسكري في ليبيا بما كلَّفت به الأمم المتحدة لأجل حماية المدنيين".

وتابع المتحدث قائلا: "بعد أربعة عقود من سوء حكم القذافي، تواجه ليبيا بلا شك تحديات كبيرة. وسوف تواصل المملكة المتحدة لعب دور قيادي في المجتمع الدولي لمساندة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا".

قرار دولي&

وقال البيان إن " إن قرار التدخل في ليبيا كان قرارا دوليا بناء على طلب من جامعة الدول العربية، وأذِن به مجلس الأمن الدولي."

&وأضاف المتحدث: " رصدنا هذه السنة 10 ملايين جنيه استرليني لمساعدة الحكومة الجديدة في إحلال استقرار ليبيا وإعادة بناء اقتصادها، وهزيمة داعش، والتصدي للعصابات الإجرامية التي تهدد أمن الليبيين وتستغل الهجرة غير الشرعية. وتتواجد حاليا سفينتا صاحبة الجلالة إنتربرايز ودياموند في البحر الأبيض المتوسط لمساندة العمليات البحرية للاتحاد الأوروبي لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتهريب الأشخاص والأسلحة".

معلومات خاطئة&

وكان نواب بريطانيون قالوا اليوم الأربعاء في تقرير إن التدخل العسكري البريطاني في ليبيا عام 2011 بأمر من رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون استند إلى معلومات مخابرات خاطئة وعجل بانهيار البلد الواقع في شمال أفريقيا سياسيا واقتصاديا.

وقال تقرير صادر عن لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني إن كاميرون لعب دورا "حاسما" في قرار التدخل ويجب أن يتحمل المسؤولية عن دور بريطانيا في أزمة ليبيا.

وقالت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم إن رئيس الوزراء السابق لم تكن لديه استراتيجية متماسكة للحملة الجوية البريطانية.

وجاء في تقرير صادر عن اللجنة أن التدخل العسكري البريطاني "لم يستند لمعلومات استخباراتية دقيقة"، وأنه أدى إلى ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال أفريقيا.

وكان تحالف دولي بقيادة بريطانيا وفرنسا قد نفذ عام 2011 غارات جوية وقصف استهدف قوات المؤيدة للقذافي عام 2011 بعدما هددت بمهاجمة مدينة بنغازي، معقل المعارضة المسلحة آنذاك.

وغرقت ليبيا في سلسلة من أعمال العنف منذ الإطاحة بالقذافي، إذ تشهد نزاعا بين حكومتين. وظهرت أيضا مئات المجموعات المسلحة، بينما سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على عدد من المناطق.

دفاع كاميرون&

وكان كاميرون قد دافع عن موقفه أمام البرلمان في كانون الثاني/ يناير الماضي، وقال إنه كان يجب اتخاذ هذا القرار لأن القذافي "كان ينكل بالسكان في بنغازي، وهدد بقتل شعبه كالجرذان".

لكن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان قالت إن الحكومة "لم تأخذ بعين الاعتبار أن التهديدات الموجهة للمدنيين كان بها بعض المبالغات"، وإن الحكومة "انتقت بعض عناصر خطاب القذافي واعتبرتها مسلم بها".

كما قال برلمانيون بريطانيون إن الحكومة "لم تتمكن من تحديد العناصر الإسلامية المتطرفة في صفوف المعارضة المسلحة".

وأضافت لجنة الشؤون الخارجية: "كان لابد من الأخذ بعين الاعتبار احتمال استفادة المجموعات المسلحة المتطرفة من النزاع المسلح في ليبيا. وكانت خطة المملكة المتحدة قائمة على استنتاجات خاطئة، وفهم غير مكتمل للأدلة".

وقال رئيس اللجنة، كريسبين بلانت، لـ(بي بي سي): "تورطنا في الحرب بسبب الحماس الفرنسي للتدخل، وحادت المهمة عن هدفها الأساسي لحماية سكان بنغازي، الذين لم يكونوا تحت نوع التحديد الذي جرى الترويج له. وبناء على الأدلة التي وصلتنا، جرى تضخيم ومبالغة الخطر الواقع على سكان بنغازي".

خيارات سياسية&

كما ذكرت اللجنة أن "خيارات سياسية" كانت متاحة بمجرد تأمين بنغازي، بما في ذلك اتصالات رئيس الوزراء الأسبق توني بلير بالقذافي، لكن حكومة المملكة المتحدة "ركزت على التدخل العسكري بالأساس".

قالت اللجنة إن الحكومة البريطانية فشلت في وضع خطة لليبيا بعد سقوط القذافي.

وتابعت اللجنة أنه بحلول صيف 2011، تحول التدخل المحدود لحماية المدنيين إلى سياسة انتهازية لتغيير النظام الليبي.

وأضافت: "لم تكن هذه السياسة مدعومة باستراتيجية لدعم وتشكيل ليبيا ما بعد القذافي. وكانت النتيجة هي انهيار سياسي واقتصادي، وحرب بين ميليشيات وقبائل، وأزمة إنسانية وأزمة لاجئين، وتفشي انتهاكات حقوق الإنسان، وانتشار أسلحة قوات القذافي عبر المنطقة، وظهور تنظيم الدولة الإسلامية في شمال أفريقيا".

مسؤولية الفشل&

وقال تقرير اللجنة إنه رغم أن مجلس الأمن القومي اتخذ قرار (المشاركة في الحرب)، "إلا أن رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، يتحمل مسؤولية الفشل في تطوير استراتيجية متكاملة في ليبيا".&

وقال النواب إن التدخل العسكري في ليبيا كان بمثابة "الاختبار الأول" لمجلس الأمن القومي، الذي أُسس في العام 2010، لتنسيق ردود الأفعال تجاه المخاطر الأمنية، والتنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة.

وأوصت اللجنة بإعداد مراجعة مستقلة لطريقة عمل مجلس الأمن القومي، الذي يرأسه رئيس الوزراء، والنظر فيما إذا كان قد نجح في معالجة نقاط ضعف في آلية اتخاذ القرار الحكومي قبل غزو العراق عام 2003.