يعرف العالم حلازين البحر من نوع ConusGeographus حتى الآن بسبب المواد السمية فيها، لكنّ العلماء الاستراليين استخرجوا منها الآن نوعاً من الانسولين الفعّال.


إيلاف من برلين: يحتاج الإنسولين الشائع في معالجة ارتفاع سكري الدم إلى ربع ساعة في الأقل كي يبدأ تأثيره الايجابي على معدلات الغلوكوز المرتفعة، لكنّ العلماء الاستراليين يقولون انهم استحضروا انسوليناً من حلازين البحر يبدأ تأثيره "النفاث" خلال خمس دقائق. مثل هذه السرعة في التأثير على معدلات الغلوكوز المرتفعة في الدم يمكن أن تنقذ حياة الكثيرين، وأن تحسّن حياة الملايين من المعانين من داء السكري.

وتعتبر حلازين البحر من نوع ConusGeographus قاتلة، لان خطافاتها الصغيرة تحتوي على مزيج من أكثر من 100 مادة تشكل سماً زعافاً، ليس الانسولين إلا واحداً منها.&

ومن تصيبه سهام هذه الحلازين الاستوائية يعرض حياته إلى الموت لعدم وجود ترياق يوقف عمل هذا المزيج السمي الهائل. والأدهى من ذلك ان فعل المزيج السمي سريع جداً، ويؤدي إلى الموت عند اصابته السابحين في الأعماق.

ويفعل الانسولين السريع من حلازين البحر نفس فعل الانسولين البشري على مستويات الغلوكوز، بحسب معطيات الباحث جون منتنغ من معهد ايلزا هول للأبحاث الطبية في استراليا. وثبت مختبرياً انه أسرع ثلاث مرات من الانسولين الطبيعي في تأثيره على غلوكوز الدم البشري.

أقل تأثيراً، لكن أسرع بكثير

وجرب جون منتنغ وزملاؤه انسولين الحلازين على مستنبتات خلوية مختبرية تحتوي على مستقبلات انسولين بشرية. وظهر من التجارب أن انسولين الحلازين التصق على المستقبلات بسرعة وأدى إلى تحفيز فعل الانسولين على الخلايا. بدأ مفعول الانسولين بسرعة وبلغ ذروته خلال خمس دقائق.

وكان تأثير انسولين الحلازين البحرية أقل من تأثير الانسولين البشري على سكر الدم، إلا ان سرعته تفوق سرعة الانسولين البشري ثلاث مرات. إذ تبدأ مستحضرات الانسولين السائدة في السوق مفعولها بين 15-30 دقيقة، ولذلك يقع على المرضى مراعاة توقيت زرق الانسولين في أوقات محددة، وخصوصاً قبل تناول الوجبات الغذائية.

ويقول منتنغ إن تأخر مفعول الانسولين البشري يكمن في تركيبته وطريقته في العمل. فهناك مناطق في جزيئة الهرمون تسمى"المناطق ب"، تعمل على تجميع جزيئات الانسولين في مجاميع سداسية في غدة البنكرياس. وهذه طريقة جيدة لحفظ الأنسولين في البنكرياس لاستخدامه عند الحاجة، إلا أن استرجاعه بشكل جزيئات منفصلة عند الحاجة يتطلب الكثير من الوقت.

وتقول الباحثة هيلينا سافافي-حمامي، التي شاركت في التجارب من جامعة يوتاه الاميركية، إن أفضل طريقة لتسريع عمل الانسولين البشري هو فصل الانسولين عن جزء من "منطقة ب" بالكامل، لكن ذلك متعذر مع الأسف، لان العلماء لا يعرفون أي جزء منها هو المسؤول عن"تجميع" جزيئات الانسولين في مجاميع سداسية. كما أن إزالة "المنطقة ب" بأكملها يعني فقدان الانسولين لمفعوله ووظيفته.

تحويل الانسولين البشري إلى انسولين حلازين

ثبت في المختبر أن جزيئات انسولين الحلازين لا تتكتل في مجاميع، وهذا هو سبب سرعة عملها على سكر الدم. وواقع الحال أن انسولين الحلازين يحتوي أيضاً على"منطقة ب"، إلا ان هذه المنطقة لاتجعل الجزيئات تتكتل.

وهذا، وصف العلماء العقاقير كي يحاولوا تحويل الانسولين البشري إلى انسولين حلازين. وبمعنى تقليد الانسولين الحلزوني لإنتاج انسولين بشري بلا "منطقة ب" تسبب تكتل جزيئات الهرمون.

وفي تجارب اضافية حرص منتنغ وفريق عمله على الكشف عن الأسباب الطبيعية التي تجعل حلازين ConusGeographes تستخدم الانسولين ضمن ترسانتها من السموم.

وتوصلوا إلى أن انسولين هذه الحلازين، لسرعة عمله، يؤدي إلى خفض مستوى السكر في دماء الضحية (الأسماك الصغيرة) واصابتها بالتالي بالشلل (صدمة السكري). وهذا يوفر الكثير من الوقت للحلازين كي تهتم لإعداد الموائد لطرائدها.

ولا شك أن الطبيعة، على مدى سنين طويلة، جعلت الحلازين البحرية تطور الانسولين فيها إلى انسولين سريع جداً يعينها في الصيد، بحسب سافافي-حمامي. وأضافت: "نحن نريد الآن أن نتعلم من الحلازين كيف نحول الانسولين البشري إلى انسولين حلازين".