باريس: في خضم تحضيرات الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة أهداف التنمية المستدامة، أصدر معهد اليونسكو للإحصاء أداة قياس جديدة تكشف عن كل من الجهات الرائدة والناشئة عالميّاً في مجالي البحث العلمي والتنمية.

وفي هذا السياق، قالت مديرة معهد اليونسكو للإحصاء، سيلفي مونتويا: "يعدّ الابتكار من الأدوات الأساسية لتحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة. وبات ضروريّاً رصد الاستثمارات العلمية والتنموية في مجالات المعرفة والتكنولوجيا التي تشجع الابتكارات في الدول المختلفة".

والجدير بالذكر أنّ الهدف التنموي التاسع يدعو الحكومات إلى النهوض بحركة تصنيعيّة مستدامة وتشجيع الابتكار من خلال زيادة النفقات المخصّصة لمجالي البحث العلمي والتنمية بالإضافة إلى زيادة عدد الباحثين. ويظهر هذان المؤشران في الأداة البيانيّة الجديدة: "إلى أي مدى تستثمر بلدك في مجالي البحث العلمي والتنمية؟".

هذا وإنّ الدول الخمس الأولى، من حيث النفقات المخصّصة لمجالي البحث العلمي والتنمية، هي جميعها من الاقتصادات الكبرى وهي: الولايات المتحدة تليها الصين ثم اليابان ثم ألمانيا ثم كوريا الجنوبيّة. ولكن يمكن لهذا التصنيف أن يتغيّر جذريّاً لأنه يعتمد على البيانات التي ستستخدم أيضاً لرصد الهدف التنموي التاسع (النفقات المخصصة لمجالي البحث العلمي والتنمية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي): هذا وتعدّ كوريا الجنوبيّة الأقوى عالميّاً في هذا الخصوص وتليها اسرائيل ثم اليابان ثم فنلندا وأخيرا السويد. 

ويذكر أن المناطق حدّدت منذ فترة معدلات نفقاتها بهذا الخصوص. وأفضل معدّل هو المعدّل الذي حدّده الاتحاد الأوروبي وذلك بزيادة معدل الاستثمار الكلي في مجالي البحث العلمي والتنمية ليصل إلى نسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020.

ووفقاً لبيانات معهد اليونسكو للإحصاء، ست دول فقط حول العالم تجاوزت نسبة 3%. ومن بين هذه الدول، هناك ثلاث دول ذات الاقتصادات الصغيرة في الاتحاد الأوروبي وهي الدنمارك وفنلندا والسويد والتي تأتي مباشرة بعد اليابان التي حققت نسبة 3.6% واسرائيل التي حققت نسبة مدهشة وصلت إلى 4.1%. وتأتي كوريا الجنوبية في مقدمة هذه الدول جميعها حيث حققت نسبة 4.3% لتكون بذلك الأولى عالميّاً بهذا الخصوص. أما النمسا وألمانيا وسويسرا فقد حققت نسبا تصل إلى 3% على غرار الولايات المتحدة الأمريكيّة الأكثر إنفاقاً بين هذه الدول جميعها.

وإن عدد الدول الأخرى التي تستطيع منافسة هذه النسب قليل جدا. ففي أوروبا الوسطى والشرقيّة، حققت سلوفينيا أعلى نسبة وصلت إلى 2.4% مقابل نسبة 1.2% في روسيا. أما في آسيا الوسطى، فقد حققت كازاخستان نسبة 0.2%. ومن بين الدول العربيّة، حقق المغرب أعلى نسبة عند 0.7% فقط. أما الدولة الرائدة في هذا المجال في أمريكيا اللاتينية، فهي البرازيل بنسبة 1.2% في حين أن الهند حققت 0.8% وهي أعلى نسبة في جنوب وغرب آسيا. وفي أفريقيا، يهدف الاتحاد الأفريقي إلى الوصول إلى نسبة 1% ولكن كينيا ومالي وجنوب أفريقيا هي الدول الوحيدة التي تقترب من هذه النسبة.

كما أفادت بيانات صادرة عن معهد اليونسكو للإحصاء أنّ متوسط معدل النمو السنوي في الصين يصل إلى 18.3% في نفقات مجالي البحث العلمي والتنمية وذلك مقابل 1.4% التي بالكاد وصلت إليها بلدان الدخل المتوسط الأعلى في المناطق الاخرى في العالم. أما النفقات المخصّصة للبحث العلمي والتنمية في الصين، فلا تتجاوز 2% من إجمالي الناتج المحلي، ولكنها تبيّن أن الدولة تخصّص حوالي 369 مليار دولار لهذه الغاية سنويّاً. في حين أنّ نسبة النفقات العالميّة التي تخصّصها الدول مرتفعة الدخل لمجالي البحث العلمي والتنمية انخفضت من 88% في عام 1996 إلى 69.3% في عام 2013، الصين هي البلد الوحيد الذي سد هذه الفجوة وذلك بزيادة حصتها في الإنفاق العالمي من 2.5% إلى 19.6% ما يعني أن الصين تقترب من مستوى الولايات المتحدة التي تساوي حصتها في الإنفاق العالمي في مجالي البحث العلمي والتنمية 30%.

وبشكل عام، وصل عدد الباحثين إلى 1083 باحثاً لكل مليون مواطن في عام 2013. ورغم ذلك، انخفضت نسبة الباحثين في الدول متوسطة الدخل، باستثناء الصين، من 17% إلى 15% بين عامي 1996 و2013، وهو تراجع مثير للقلق وله تأثيرات عالميّة على التنمية المستدامة.