موسكو: تنتظر شاحنات الامم المتحدة المحملة بالمساعدات من تركيا في منطقة عازلة على الحدود مع سوريا تمهيدا لنقلها الى شرق حلب مع بدء انسحاب الجيش السوري من طريق الكاستيلو المؤدي الى المدينة والذي ستسلكه تلك القوافل.

يأتي ذلك غداة تمديد اتفاق الهدنة الساري منذ مساء الاثنين بموجب اتفاق روسي - اميركي لفترة 48 ساعة اضافية. وللمرة الاولى منذ بدء سريان الهدنة، اعلن يان ايغلاند، الذي يرأس مجموعة العمل حول المساعدات الانسانية في سوريا، ان "الشاحنات العشرين عبرت الحدود التركية، وهي في منطقة عازلة بين تركيا والحدود السورية".

وينص اتفاق الهدنة على إيصال المساعدات الانسانية الى مئات الاف المدنيين في حوالى عشرين مدينة وبلدة محاصرة غالبيتها من قوات النظام.

واعرب ايغلاند للصحافيين عن امله في ان توزع المساعدات الجمعة في الاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب وحيث يعيش 250 الف شخص محاصرين من قبل قوات النظام منذ اكثر من شهرين بشكل متقطع.

ويتساءل ابو ابراهيم (53 عاما) من سكان حي أقيول في شرق حلب، "ما الفائدة من تجديد الهدنة ونحن لا نزال محاصرين؟". ويضيف "كنا نموت قصفا والان نحن متروكون للموت جوعاـ لا طعام لا شراب ولا حتى سجائر". 

وحث موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس الحكومة السورية على السماح بإدخال المساعدات "فورا" الى المناطق المحاصرة.

وشرح ان القافلة لا يمكنها ان تنطلق طالما لم يتم التحقق من سلامة طريق الكاستيلو التي ستسلكها الشاحنات، مؤكدا ان الامم المتحدة تنتظر تأمين هذه الطريق بموجب الاتفاق الاميركي الروسي.

الانسحاب من الكاستيلو

وينص الاتفاق على تحويل طريق الكاستيلو الى منطقة خالية من السلاح. وتشكل الطريق خط الامداد الرئيسي الى الاحياء الشرقية، وتسيطر عليها قوات النظام منذ اسابيع، ما أتاح لها فرض الحصار على المناطق المعارضة.

وبعد وقت قصير على تصريحات مسؤولي الامم المتحدة، اعلن مسؤول مركز تنسيق العمليات في سوريا الجنرال فلاديمير سافتشنكو "طبقا لالتزاماتها، بدأت القوات السورية بسحب عتادها العسكري وجنودها تدريجيا".

واضاف ان فصائل المعارضة لم تبدأ في المقابل بسحب مقاتليها. واكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان الفصائل المعارضة المتمركزة في نقاط عند بداية الطريق ونهايتها لم تنسحب من مواقعها حتى الآن.

واقامت القوات الروسية بدورها على طريق الكاستيلو مركزا لمراقبة تطبيق الاتفاق. وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون دعا في وقت سابق واشنطن وموسكو الى المساعدة على إزالة العوائق أمام ايصال المساعدات.

واوضح دايفيد سوانسون، المتحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في مدينة غازي عنتاب التركية، لفرانس برس ان "الخطة حاليا هي ارسال 20 شاحنة فور حصولنا على الضوء الاخضر، لتلحق بها 20 شاحنة اخرى في اليوم التالي، وهذا يتعلق بالوضع الامني على الارض". 

واضاف "من الممكن القول انه بالنظر الى الوضع الحالي على الارض من المستبعد جدا ان تتحرك الشاحنات اليوم". وفي حي الزبدية في الجزء الشرقي من حلب، قال مصطفى مرجان (30 عاما) "انا لا اريد فقط ان يتوقف القصف بتجديد هذه الهدنة وانما اريد ان يسمحوا بدخول الخضار والمحروقات".

واضاف "كيف سنطبخ ونطعم اطفالنا ولا يوجد اي نوع من الوقود في السوق؟"

لا ضحايا

وبعد انتهاء سريان المرحلة الاولى من الهدنة مساء الاربعاء، اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف تمديدها لمدة 48 ساعة إضافية تنتهي عند الساعة السابعة مساء (16,00 ت غ) الجمعة.

وبحسب المرصد السوري "لم يسقط اي ضحايا بين المدنيين والمقاتلين في المناطق المعنية بالهدنة منذ دخولها حيز التنفيذ يوم الاثنين". واكد يان ايغلاند بدوره "تراجع اعمال القتل الى حد كبير" وعدم ورود "تقارير عن مقتل مدنيين خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية. كما توقفت الهجمات على المدارس والهجمات على المستشفيات".

ومنذ بدء سريان الهدنة، توقفت المعارك بشكل كامل تقريبا بين قوات النظام ومسلحي المعارضة على مختلف الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة بحسب ناشطين والمرصد السوري والامم المتحدة.

ويستثني الاتفاق الجماعات الجهادية من تنظيم "الدولة الاسلامية" وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد، على غرار الاتفاق السابق الذي تم التوصل اليه في شباط/فبراير الماضي واستمر لاسابيع.

واذا صمد اتفاق وقف الاعمال القتالية لمدة أسبوع، يفترض أن يؤدي الى تعاون غير مسبوق بين موسكو وواشنطن لمواجهة التنظيمين الجهاديين. لكن موسكو اتهمت اليوم واشنطن بعدم الايفاء بالتزاماتها في الاتفاق.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشنيكوف في بيان ان واشنطن "لا تفي بالتزاماتها وفي المقام الاول فصل مسلحي المعارضة المعتدلة عن الارهابيين".

وبموجب الاتفاق، يمتنع النظام السوري عن القيام بأي اعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها "المعارضة المعتدلة" والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام، بحسب ما قال وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري لدى الاعلان عن الاتفاق.

وتتحالف فصائل المعارضة في مناطق عدة ابرزها محافظة إدلب مع جبهة فتح الشام.