لليوم الخامس على التوالي، تقصف الطائرات الروسية والسورية بشكل عنيف جدا الاحياء الشرقية لحلب، ما ادى الى مقتل 45 مدنيا على الاقل غداة فشل المفاوضات الاميركية الروسية.

بيروت: قتل 45 مدنيا على الاقل السبت في أحياء حلب الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، والتي استمرت لليوم الخامس على التوالي عرضة لغارات جوية كثيفة يشنها النظام وروسيا بعد فشل المحادثات الاميركية الروسية في إرساء هدنة في البلاد.

وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان بين القتلى سبعة أشخاص كانوا من القلائل الذين خرجوا لشراء الغذاء وقتلوا في قصف بينما كانوا ينتظرون دورهم أمام احد المخازن لشراء اللبن في حي بستان القصر.

وتحدث مراسل لوكالة فرانس برس عن أشلاء بشرية على الارض وبرك من الدم، بينما اكتظت العيادات بأعداد كبيرة من الجرحى.

وأعلنت الامم المتحدة ان مليوني شخص تقريبا يعانون من انقطاع المياه في حلب، بعد ان قصفت قوات النظام احدى محطات الضخ وقامت الفصائل المقاتلة بوقف العمل في محطة أخرى تضخ نحو الاحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، انتقاما.

كما وأعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية دول أوروبية عدة حليفة لواشنطن في بيان مشترك السبت أن الأمر بيد روسيا لإعادة إحياء الهدنة في سوريا.

وقالت المجموعة التي تضم وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إن "المسؤولية تقع على عاتق روسيا كي تثبت أنها مستعدة وقادرة على اتخاذ خطوات استثنائية لإنقاذ الجهود الدبلوماسية".

ولم تتمكن روسيا والولايات المتحدة، رغم سلسلة اجتماعات عقدها وزيرا خارجيتيهما سيرغي لافروف وجون كيري، على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، من التفاهم حول إحياء هدنة انهارت الاثنين بعد سبعة ايام على بدء تطبيقها، وتبادلتا الاتهامات حول هذا الفشل الدبلوماسي.

وكان الوزيران لافروف وكيري اتفقا على إرساء هدنة دخلت حيز التنفيذ في 12 سبتمبر، قبل ان يؤدي تصعيد متزايد على الارض الى انتهائها.

وتشهد حلب، التي كانت قبل الحرب العاصمة الاقتصادية للبلاد، والمنقسمة منذ 2012 الى أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأحياء غربية يسيطر عليها النظام، قصفا عنيفا من قوات النظام السوري وحليفه الروسي منذ الاثنين.

نحارب نيابة عن العالم

وفي مؤتمر صحافي في اسطنبول، ندد الائتلاف الوطني السوري المعارض السبت ب"المجازر" التي يرتكبها النظام السوري وحليفه الروسي في حلب، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك لوضع حد لها.

من جهته، اتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة قطر والسعودية بارسال "آلاف المرتزقة المسلحين بأحدث الاسلحة" الى سوريا لمحاربة نظام الرئيس بشار الاسد.

وتابع "فيما فتحت تركيا حدودها أمام عشرات الالاف من الارهابيين الذين قدموا من مختلف أصقاع الارض وقدمت لهم الدعم اللوجستي ومعسكرات التدريب باشراف الاستخبارات التركية والغربية".

واضاف وزير الخارجية السوري "اننا فى سوريا نحارب الارهاب نيابة عن العالم".

وقبيل لقاء في بوسطن السبت مع نظرائه البريطاني والفرنسي والألماني والإيطالي، اعتبر كيري أن الوضع في حلب "غير مقبول".

وقال إن "على روسيا أن تكون قدوة، وليس أن تشكل سابقة، سابقة غير مقبولة، للعالم أجمع إذا ما أمكنني القول".

والسبت، اسفرت الغارات الجوية لقوات النظام وروسيا على الاحياء الشرقية لحلب عن مقتل 45 مدنيا بينهم عشرة اطفال واربع نساء وفق المرصد السوري.

وقتل الجمعة 47 مدنيا بينهم سبعة اطفال جراء القصف.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان النظام يستهدف خصوصا حي بستان القصر حيث قتل سبعة مدنيين السبت "لانه يريد إرغام السكان على المغادرة واستعادة السيطرة عليه".

وقال مراسل لوكالة فرانس برس في الاحياء الشرقية من حلب ان حجم الدمار كبير خصوصا في حيي الكلاسة وبستان القصر حيث باتت بعض شوارعهما مغلقة تقريبا بسبب انهيار الابنية.

المسعفون عاجزون&

وبات متطوعو "الخوذ البيضاء"، الدفاع المدني في حلب الشرقية، مع كثافة الغارات عاجزين عن التحرك خصوصا بعدما استهدفت الغارات صباحا مركزين تابعين لهم، ولم يتبق لهم سوى سيارتين للاسعاف.

وتجد سيارات الاسعاف صعوبة في التحرك بسبب نقص المحروقات والركام المتناثر على الارض الذي فصل الاحياء عن بعضها وجعل بعض الطرق غير سالكة.

وتحدث سكان وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن "صواريخ جديدة" تسقط على حلب وتتسبب بما يشبه "الهزة الارضية".

وقال مراسل فرانس برس ان تأثيرها مدمر، إذ تتسبب بتسوية الأبنية بالأرض وبحفرة كبيرة "بعمق خمسة أمتار تقريبا" شاهدها في بعض أماكن سقوط الصواريخ.

وتشكل مدينة حلب الجبهة الابرز في النزاع السوري وهي الاكثر تضررا منذ اندلاعه العام 2011.

الى ذلك، اعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان قافلة مساعدات انسانية تضم 36 شاحنة تمكنت السبت من دخول حي الوعر الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة في حمص (وسط).

صدمة

إلى ذلك، عبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون السبت عن صدمته الشديدة ازاء التصعيد العسكري "المروع" في مدينة حلب منذ اعلان الجيش السوري بدء هجومه قبل يومين.

وقال بان كي مون ان "الاستخدام المنهجي الواضح" للقنابل الحارقة والقنابل الشديدة القوة في مناطق سكنية قد "يرقى الى جرائم حرب".

واشار في بيان الى وجود "معلومات متواصلة عن غارات جوية تستخدم فيها اسلحة حارقة وذخائر متطورة مثل قنابل قادرة على خرق التحصينات".

وتابع بان كي مون ان "على المجتمع الدولي ان يتوحد لتوجيه رسالة واضحة تفيد بانه لن يتم التسامح مع الاستخدام الاعمى لاسلحة تزداد قوة وفتكا ضد المدنيين".

واعتبر الامين العام ان حلب "تشهد القصف الاكثر كثافة منذ بدء النزاع السوري" مضيفا "انه يوم اسود لمدى التزام العالم بحماية المدنيين".