يقول الدكتور مارك سبنسر إنه يعمل في مركز لطب الأسرة في بلدة فليتوود في مقاطعة لانشكاير في شمال غرب انكلترا منذ 25 عامًا، وكان لعمله تأثير إيجابي في صحة المواطنين، ولكن على أساس فردي بينه وبين المريض. &

إيلاف من لندن: يلاحظ الدكتور سبنسر ان تشخيص السرطان في وقت مبكر ومعرفة الأعراض الأولى لمرض القلب ومساعدة مرضى الكآبة للتغلب على مرضهم كلها اعمال تحسن اوضاعهم الصحية بلا أدنى شك، ولكنه يرى ان هذا يتركز على التعاطي مع المرض، وليس إبقاء الأشخاص اصحاء بعيدين عنه. وبالتالي فإن الوضع الصحي العام في بلدة فليتوود لم يشهد تحسناً يُذكر في الحقيقة خلال السنوات الخمس والعشرين من عمله طبيباً للأسرة في هذه البلدة.&

يشير الطبيب سبنسر الى ان انعدام النشاط البدني وانماط الحياة التي تتضمن تناول أغذية غير صحية تسهم بدورها في عدم تحسن الوضع الصحي العام. ويقول انه عندما ينصح مرضاه بالاقلاع عن التدخين والكف عن تعاطي الكحول واتباع نظام غذائي صحي يكون الجواب عادة "ما جدوى ذلك؟، فحياتي بائسة، والصراع اليومي شاق بما فيه الكفاية فلماذا الاهتمام بالغد؟، أعطني بعض الحبوب وسأنصرف". &

الأمل

مثل هؤلاء الأشخاص يحتاجون أملًا يتيح لهم التطلع إلى مجيء الغد. ويجب ان يختاروا العافية اليوم ليتمكنوا من التمتع بالغد مع اطفالهم وأحفادهم كما يعلن الدكتور سبنسر،&فالأمل والاحساس بوجود هدف يسعى اليه المرء والسيطرة على حياته وبيئته كلها ستحقق فوائد صحية للأفراد والمجتمع الأوسع،&وهذا ما ستحاوله بلدة فليتوود في شمال غرب انكلترا خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة بمشروع "فليتوود أكثر عافية". &

يهدف المشروع الى جعل بلدة فليتوود مكانًا صحيًا لعيش سكانها الحاليين والأجيال القادمة. وهو يركز على "ما يجعلني متعافياً"، وليس "ما يجعلني مريضاً"،&وتبين الأرقام في بريطانيا ان الفجوة في متوسط العمر الذي يعيشه الفرد بين الأغنى والأفقر في المجتمع تتسع، وفي المنطقة الأشد بؤساً في بلدة فليتوود يقل متوسط العمر الذي يعيشه سكان المنطقة بكثير عن المتوسط الوطني العام.&

تتسم اوضاع هذه البلدة بدرجة عالية من الحرمان وانتشار ظروف استمراره على المدى البعيد،&ومن الواضح ان لا أحد في المناطق المحرومة والفقيرة يستمع الى الارشادات التقليدية العامة التي تدعو الى الاقلاع عن التدخين والتقليل من تناول الكحول وتخفيض الوزن الزائد وممارسة النشاط البدني، لكن هناك اسباباً للأمل والتفاؤل. يقول الدكتور سبنسر ان المدينة تراهن عليها لتنفيذ مشروعها الهادف الى تحسين اوضاع سكانها الصحية العامة.&

ومن المبادرات التي أُطلقت في هذا الاطار "مشروع حديقة الصفصاف" من أجل توسيع المساحات الخضراء في البلدة وتشجيع متطوعين على العناية بها،&ويقول الدكتور سبنسر انه يستطيع ان يعطي وصفة بممارسة التمارين البدنية من خلال المشروع الذي تديره جمعية الشبان المسيحيين في البلدة للتشجيع على النشاط البدني. &

التمارين

ويلفت الدكتور سبنسر الى ان بعض الأشخاص يتمتعون بالتمارين في قاعات اللياقة البدنية، ولكن كثيرين لا يجدون متعة فيها، وانه يريد ان يصف العناية بالحدائق العامة بديلا من التمرين في قاعات اللياقة البدنية. ويؤكد الدكتور سبنسر ان ممارسة البستنة في الحدائق العامة لا تزيد معدلات النشاط البدني فحسب، بل تزيد التفاعل الاجتماعي ايضا، ولها تأثير ايجابي على البيئة المحلية. &

وستكون احدى المساحات الخضراء باسم "حديقة الخرف" متخصصة بزراعة الأعشاب والخضر زائد فضاءات للاستذكار،&ويوضح الدكتور سبنسر انه الى جانب العناية بالمساحات الخضراء العامة فان المتطوعين سيتولون العناية بحدائق كبار السن الذين لم يعودوا قادرين على أداء هذه المهمة بأنفسهم.&

لن تكون لهذا منافع صحية فحسب، بل سيقلل درجة العزلة الاجتماعية التي يعيشها كبار السن وغير القادرين على مغادرة البيت،&المجال الآخر الذي يستهدفه المشروع هو الغذاء. فالغذاء يمكن ان يكون مصدرا للصحة أو سبباً للمرض على المدى البعيد. &

وتنقل "بي بي سي" عن الدكتور سبنسر ان مجتمع اليوم فقد مهارات اساسية في الطهي، وان الشباب لا يمارسون الطهي، لأن آباءهم لم يعلموهم فن الطهي. والشائع هو الوجبات الجاهزة والأغذية المصنعة ذات السعرات الحرارية العالية.&

لذا يدعو الدكتور سبنسر سكان بلدة فليتوود الى العودة للمطبخ، والطهي من جديد، وبالتحديد إعداد الوجبات السمكية، ما دامت البلدة بلدة صيادين،&والأكثر من ذلك ان الآباء واطفالهم فقدوا التفاعل الاجتماعي خلال الطهي معاً والجلوس لتناوله معاً على مائدة واحدة.&

ويقول الدكتور سبنسر ان البلدة تعتزم استقدام معلم مختص بالأغذية للعمل في مدارسها الابتدائية، ثم استخدام منشآت نادي كرة القدم في فليتوود، حيث سيقوم الأطفال بطهي وجبات لآبائهم ثم يجلسون ويستمتعون بها معاً.&

&

أعدت إيلاف المادة عن موقع بي بي سي

المادة الاصل هنا

&