واشنطن: ماذا سيبقى من ارث باراك اوباما، الرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة، الذي تولى السلطة ولايتين استمرتا ثماني سنوات في البيت الابيض؟

-انتخاب تاريخي-
سيشدد المؤرخون بالتأكيد على أمر بالغ الاهمية: فبعد 143 عاما على إلغاء العبودية، اصبح باراك حسين اوباما، السناتور الشاب المعروف ببلاغته وفصاحته من ايلينوي، في السابعة والاربعين من عمره، اول رئيس اسود في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية.

ويعترف له الجميع، بمن فيهم خصومه، بأسلوب خاص ورهافة في ممارسة السلطة. وترأس البلاد من دون ان تلطخه الفضائح التي ميزت ولايات عدد من اسلافه.

وقد ساهم تآلفه الواضح مع زوجته ميشيل وابنتيه ماليا وساشا، في اعطاء صورة ايجابية ايضا عن عائلة رئاسية ابدت حرصا شديدا على التحكم باطلالاتها على الاميركيين.

-الخروج من ازمة اقتصادية-
عرف باراك اوباما الذي وصل الى الحكم في خضم ازمة غير مسبوقة منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات، كيف يعالج الامور، حتى لو ان العواقب الاجتماعية لهذه الكارثة المالية ما زالت واضحة للعيان.

ولدى وصوله الى البيت الابيض في يناير 2009، كانت نسبة البطالة تبلغ 7.9% وارتفعت الى 10% بعد اشهر. لكنها اليوم 4.7 %.

-هاجس النزاع السوري-
وسيسيطر النزاع السوري الذي اسفر عن اكثر من 300 الف قتيل وشرد ملايين آخرين، فترة طويلة على اوباما الذي اعترف بشكل من اشكال العجز حيال هذا الملف.

ودائما ما رفض اوباما الذي لم ينس المستنقع العراقي، ارسال قوات الى هناك. لكن اقصى درجات الحذر -او سلبيته كما يقول منتقدوه- تعرضت لانتقادات حادة في الولايات المتحدة وخارجها.

وقد شكك اوباما بالفكرة التي تفيد ان تقديم مزيد من الاسلحة الى المقاتلين من شأنه ان يؤدي الى الاطاحة بالرئيس بشار الاسد، واعترض ايضا على الفكرة التي تؤكد ان شن غارات جوية على النظام لدى استخدام اسلحة كيميائية من شأنها ان تسفر عن تأثير "حاسم".

-الغارة الجريئة على بن لادن-

"في استطاعتي ان اعلن هذا المساء للاميركيين والعالم ان الولايات المتحدة قامت بعملية ادت الى مقتل اسامة بن لادن".

فليل الاول الى الثاني من مايو 2011، شنت قوة اميركية خاصة غارة على مقر اسامة بن لادن الذي كان يعيش مختبئا في ابوت اباد بباكستان. وكان الاميركيون آنذاك يقدرون بنسبة 50% امكانية وجوده في مخبأه.

وستبقى صور اوباما وهو يتابع التطورات مع مسؤولين آخرين كبار في "غرفة الاوضاع" اكثرها رمزية خلال ولايتيه.

-المبادرة حول المناخ-

وكان اوباما الذي اولى هذا الملف اهتمامه منذ وصوله الى الحكم، احد ابرز مهندسي الاتفاق العالمي حول المناخ الذي عقد في باريس في اواخر 2015.

ومن فشل قمة كوبنهاغن في 2009، استخلص عبرة اساسية، مفادها ان المفاوضات الدولية حول المناخ لا يمكن ان تؤدي الى نتيجة من دون اتفاق بين الولايات المتحدة والصين، ابرز مسببين للتلوث في العالم.

لكن حصيلته في هذا الملف يمكن ان يبدد خليفته القسم الاكبر منها.

-الاتفاق النووي الايراني-

كان الاتفاق الذي تم التوصل اليه في يوليو 2015 مع طهران وهدفه منعها من حيازة السلاح النووي، في مقابل رفع للعقوبات، اكبر انجاز دبلوماسي لاوباما.

ورأى في هذا الاتفاق الذي اثار غضب اسرائيل لكنه حصل على ترحيب بلدان العالم الاخرى، ترجمة ملموسة لاحد المبادئ الاساسية لسياسته الخارجية: اعطاء الحوار فرصة حتى مع اعداء الولايات المتحدة.

-الانجاز الهزيل لاوباماكير-

أقر اصلاح التأمين الصحي الذي جعل منه الاولوية المطلقة لولايته الاولى، في 2010 بعد معركة نيابية اتسمت بعنف نادر كانت تكلفته باهظة على الديموقراطيين.

وبفضل "قانون الرعاية بأسعار معقولة" المعروف باسم اوباماكير، تراجع عدد الاميركيين الذين لا يستفيدون من تغطية صحية، من 16 % في 2010 الى 8.9% في 2016. الا ان هذا النظام الصحي البالغ التعقيد يستفيد منه عدد من منتقديه. ووعد الجمهوريون بالغاء هذا القانون الذي يجسد في رأيهم كل مساوئ رئاسة اوباما.

-الانفتاح المفاجئ على كوبا-

في 17 ديسمبر 2014، بعد اشهر من المفاوضات بسرية تامة، اعلن باراك اوباما عن تقارب لافت مع كوبا بعد عقود من التوتر الموروث من زمن الحرب الباردة.

وشكلت زيارته الى كوبا بعد 15 شهرا، منعطفا في هذا التقارب الذي يمكن ان تكون ابعاده الاقتصادية -فرص الاستثمار للشركات الاميركية- افضل ضمانة.

-التوتر العرقي المستمر-
خيب اول رئيس اسود في التاريخ الذي انتخب بفضل دعم كثيف من الاقليات، الامال حيال مسألة اللامساواة العرقية.

وحرص اوباما على الا يبدو رئيس اقلية واتسم بحذر شديد ازاء تعاقب الاحداث (مقتل سود برصاص الشرطة).

-فشل غوانتانامو-

خلال السنوات الثماني في الحكم، فشل اوباما في تحقيق احد وعوده الانتخابية: اغلاق معتقل غوانتانامو الذي يرمز الى تشدد الولايات المتحدة في التصدي للارهاب بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2011.

ورغم المحاولات المتكررة، لم يتمكن من تجاوز عقبة الكونغرس. وفي بداية 2016، قدم خطوة تحدد 12 موقعا على الاراضي الاميركية من شأنها استقبال المعتقلين. لكن جهوده ذهبت ادراج الرياح.