صورة للدمار الذي لحق بحلب

الجيش السوري استعاد السيطرة على حلب في ديسمبر/كانون الأول

أصبح للتعبير القديم "ليس هناك مكان أفضل من الوطن" معنى جديدا بالنسبة إلى هؤلاء السوريين الذين عادوا إلى حطام المنازل في الجزء الشرقي من مدينة حلب.

لقد سحق الجزء الشرقي من حلب.

وأصبحت المياه الجارية، والتيار الكهربائي ذكرى. فمن الصعب أن تجد مبنى أفلت من التدمير. ويبدو بعض المباني على وشك الانهيار في أي لحظة.

ويسد حطام المباني، التي سويت بالأرض بعد ضربها بنيران المدفعية والبراميل المتفجرة أو الغارت الجوية، كثيرا من الشوارع.

ولا تزال عشرات الحفارات تعمل منذ أكثر من شهر لتمهيد طريق وسط بقايا المنازل.

ولا يزال الجزء الشرقي من مدينة حلب بيئة غير صالحة للعيش بعد.

ولكن الأمم المتحدة تقول إن نحو 40.000 شخص حتى الآن، وكثيرين غيرهم كل يوم، قرروا العودة.وهم ينتقلون إلى منازلهم القديمة، أو إلى مبان غير مسكونة تبدو صالحة للعيش ولو لفترة على الأقل.

ومن بين هؤلاء أبو حسين، وهو رجل في العقد الخامس من عمره، ويبدو مسرورا جدا وهو يجلس مع زوجته أم حسين، يتطلعان من الشرفة إلى الحطام الذي جعل من الشارع مكانا لا يمكن أن تسير فيه السيارات.

صورة أبو حسين وأم حسين في شقتهما

أبو حسين وأم حسين عادا إلى بقية بيت

وقال "لا يوجد شيء أفضل من بيتنا. إنه المكان الذي تعيش فيه وقت السوء ووقت الرخاء."

وتوجد شقة أسرة أبو حسين في حي الشعار، أحد أفقر المناطق في الجزء الشرقي من حلب. وتتكون المنطقة أساسا من منازل أسمنية صغيرة متراصة لا يزيد ارتفاعها - أو ارتفاع ما ظل منها - على خمسة أو ستة طوابق.

وفي الشارع الذي يعيش فيه أبو حسين انهار بعض المنازل على نفسه.

وبقي بعض المنازل بلا واجهات، مثل بيوت الدمى، وقد كشفت أسرتها أمام الناس وعليها أغطيتها، وبدت بعض الأرائك مترنحة على وشك السقوط في الشارع.

وعبر أبو حسين عن سعادته لعودته إلى بيته، وإن كانت شقته مظلمة وباردة.

وتطبخ زوجته أم حسين مستخدمة شواية بالفحم موضوعة على الدرج.

حطام ودمار في شوارع المدينة

الشوارع في شطر حلب الشرقي لا تصلح لسير السيارات

وأصبحت نوافذ المنزل بلا زجاج. وجعل هذا الشقة جيدة التهوية، ولكنه سمح أيضا بدخول رطوبة الشتاء في المساء.

وقضى أبو حسين معظم أوقات العام الماضي مع أصهره، وهو يتطلع إلى عودتهم إلى شرق حلب متمنيا أن يكون ذلك في أسرع وقت.

ولدى أبو حسين وزوجته طفل في الثانية من عمره، ولا يزال مع والدي الزوجة. وليس لأبو حسين ولا لزوجته عمل، وما ادخراه من مال تبدد منذ فترة طويلة.

وقالت أم حسين "لكن لدينا أمل. سنعيد البناء، وسنجد حلا".

الصراع في سوريا: بقايا المسجد الكبير في حلب

الصراع في سوريا: بقايا المسجد الكبير في حلب

لا يزال المكان خطرا

وقد ترك أبو حسين وزوجته شرق حلب قبل الهجوم الكبير الذي شنه الجيش السوري، مدعوما بروسيا وإيران، بيومين فقط، وتمكن الجيش من دحر مسلحي المعارضة وإعادة توحيد شطري حلب.

وكان من الممكن - خلال السنوات التي ظل فيها شرق المدينة معزولا، ثم محاصرا - العبور إلى الشطر الغربي الذي تسيطر عليه الحكومة.

وقال أبو حسين إن رحلة العبور بين الشطرين، التي تستغرق الآن 15 دقيقة فقط، كانت ممكنة لمن كان مستعدا لرحلة تستغرق 17 ساعة يمر فيها عبر مناطق يسيطر عليها مجموعات مسلحة عديدة - من أهمها الجيش السوري الحر، والمليشيات الكردية، والمتشددين الإسلاميين لتنظيم الدولة الإسلامية - وقوات الحكومة السورية.

مناطق كبيرة من شرق حلب أصبح مدينة أشباح

مناطق كبيرة من شرق حلب أصبح مدينة أشباح

وتبدي الأمم المتحدة - التي أنفقت أكثر من 200 مليون دولار على أعمال الإغاثة في حلب العام الماضي - مخاوف من أن يكون سبب عودة فقراء السكان في حي الشعار هو الحاجة الماسة إلى مأوى حتى وإن كان المكان لا يزال خطرا.

ووضعت وكالات الإغاثة خزانات مياه الشرب في الشوارع. ويبذل الأطفال جهدا كبيرا وسط الطين والحطام مساعدةً لأسرهم بحمل المياه إلى المنازل.

لقد تغيرت حلب بعد أن فازت قوات الحكومة وحلفاؤها في معركة استعادة السيطرة على المدينة الشهر الماضي.

ولم تعد المدينة تشعرك بأنها مدينة في حرب. ولكن لا تزال أصوات المدفعية المصوبة إلى خطوط مسلحي المعارضة التي لا تبعد كثيرا، تسمع من وقت إلى آخر.

ولا تزال سوريا في حالة حرب، لكن الحرب في حلب انتهت. ووسط الدمار والحطام يفكر الناس في المستقبل.

وببطء أخذ بعض ملايين السوريين النازحين يعودون باطراد، إما بسبب الحاجة الماسة، وإما بسبب التفاؤل، وإما للسببين معا.

وأصبحت مناطق كبيرة من شطر حلب الشرقي بلدات أشباح، لكن الفرصة متاحة لأن يعود الكثيرون باحثين عن منازل، خاصة في الربيع عندما يصبح الجو أكثر دفئا.

صورة لبعض مناطق حلب ذات النخيل

حلب كانت من أقدم المدن السورية المأهولة قبل الحرب في 2011

كانت معركة حلب أكثر معارك الحرب حسما في سوريا.

ولم تعد الحرب معركة بين طرفين فقط، هما الرئيس بشار الأسد والجماعات المسلحة التي تريد القضاء على نظامه.

فقد تدخلت قوى أجنبية عديدة، فأضحت الحرب صراعا دوليا.

وتخاض في سوريا عدة حروب، ولا يتعلق كلها بمستقبل نظام الأسد.

فقد أدى تدخل روسيا وإيران إلى إعادة التوازن في حلب. ويستطيع الأسد وحلفاؤه الآن ولأول مرة أن يشتموا رائحة الانتصار.

ويحدد الأجانب، وليس السوريون، وتيرة الأحداث. ويبدو أن القوى الأجنبية الآن هي التي ستحدد كيف ستنتهي الحرب في سوريا.