«إيلاف» من بيروت: بينما تصدّر البريكسيت والصين وترامب عناوين الأخبار الواردة من المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام في دافوس السويسرية، فقد انشغلت هذه القرية الجبلية الباردة بموضوع ساخن ومثير للجدل: العيش لفترة أطول.

وتشير الاتجاهات الحالية إلى أنّ معظم الأطفال المولودين منذ العام 2000 في البلدان المتقدمة سيعيشون أكثر من 100 سنة. بتعبير آخر، منذ القرن التاسع عشر، كان متوسط العمر المتوقع يزداد عامين ونصف كل عشر سنوات، وذلك وفقاً لجيم فوبيل من معهد ماكس بلانك للبحوث الديموغرافية، الذي تعقب التغييرات العالمية على مدى السنوات الـ 150 الماضية. 

قد يبدو الأمر رائعاً – فمن منّا لا يرغب في العيش لأطول فترة ممكنة - ولكن في الحقيقة، هذا يعني أيضاً أننا قد نعمل لأطول فترة ممكنة لنتمكّن من دفع التكاليف المترتبة.

وفي هذا السياق، تقول الطبيبة النفسية والأستاذة ليندا غراتون، التي ألّفت كتاباً عن هذا الموضوع ونظّمت دورة عنه في دافوس: "إذا عشنا 30 عاما إضافياً، سنكون مجبرين على ادّخار خمسة أضعاف ما ندّخره حالياً خلال حياتنا العملية، لنتمكّن من التقاعد في سنّ الستين". 

إذاً، فبدلاً من المراحل التقليدية الثلاثة للحياة: التعليم والعمل والتقاعد، تتوقع السيدة غراتون أن يضطر الناس إلى الخضوع لتدريبات مستمرة مع تغيير مهنتهم واهتماماتهم. وخلافاً لما هو متوقّع، فهي تعتبر أنّ من إيجابيات العمل لمدة أطول هو أنّه قد يعني حياة مهنية أكثر توازناً. 

العمل لمدة أطول

أما جو آن جنكينز، المديرة التنفيذية في مجموعة AARP غير الربحية (وهي رابطة لكبار السن) فتلفت أنّ العمل لمدة أطول قد أصبح حقيقة ملموسة بالنسبة إلى الكثيرين في الولايات المتحدة. ففي العام 2012، شكّل الموظفون الأميركيون الذين تفوق أعمارهم الـ 50 سنة، حوالى ثلث القوة العاملة. وبحلول العام 2022 من المتوقع أن تبلغ نسبتهم 36%. وهذا التحول قد أجبر المجموعة على تغيير اسمها من "الجمعية الأميركية للمتقاعدين"إلى AARP، بعد أن اشتكى أعضاؤها من أنّهم ليسوا متقاعدين.

وبحسب جنكينز "كان الناس يعتقدون أنّ منتصف العمر يبدأ في سن الـ 35 تقريباً. أما الآن، فهو يبدأ في أواخر العقد الرابع أو أوائل العقد الخامس. والشيئ نفسه ينطبق على سنوات العمل. فشخص في الـ 55 أو 60 من العمر، كان غالبا ما يعتبر متقدّماً في السن، لكنّ الوضع مختلف اليوم ". وبرأيها فإنّ أهم التعديلات تتضمّن كيفية إدارة الاتساع المتزايد بين الفئات العمرية في مكان العمل، والسؤال المطروح هو: هل يمكن لموظف كبير في السن أن يكون مرؤوساً من قبل موظف أصغر منه سناً؟

أدوية جديدة

يؤكّد كريستوف ويبر، الرئيس التنفيذي لعملاق الأدوية اليابانية تاكيدا، أنّ المشكلة الرئيسة تتعلّق بطول الفترة التي تبقى صحّة الناس فيها جيدة.

في اليابان، صار نحو ربع السكان فوق عمر الستين، ويلاحظ السيد ويبر أن هذا الارتفاع في أمد العمر يعني أيضا ازدياداً بعض الأمراض مثل الخرف. ويقول إنّ البحث عن أدوية جديدة لمعالجة هذه المشكلة سيكون حاسماً. 

سنوات فراغ؟

ويقترح ويبر أن يعمل المسنّون بدوام جزئي، ولكن إن كانت فكرة قيامك بذلك وأنت في العقد السابع من العمر قد تسبّب لك الإحباط، فالسيدة غراتون تهوّن الأمر عليك. فهي تعتبر أنّ اضطرارك إلى تغييرعملك والخضوع لتدريبات متكررة كي تبقى قادراً على إيجاد وظيفة، يفرض عليك أخذ استراحة: " يمكنك أخذ سنة فراغ في سن الخمسين، والسفر حول العالم". 

أعدّت «إيلاف» هذا التقرير نقلاً عن «بي بي سي». المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:

http://www.bbc.com/news/business-38652359