وافق البرلمان التركي، في قراءة ثانية، السبت، على مشروع التعديل الدستوري، الهادف إلى تعزيز صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يفتح المجال لطرحه من أجل التصويت عليه في استفتاء في الربيع.

إيلاف - متابعة: بعد التصويت، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن "أمتنا ستقول الكلمة الأخيرة حول هذا الموضوع. ستعطي القرار النهائي". وأضاف إنه يجب أن "لا يشكك أحد في أن أمتنا ستتخذ (...) القرار الأمثل". &

هذا التعديل الدستوري يمنح الرئيس السلطة التنفيذية، التي كانت تعود إلى رئيس الوزراء، مع أن هذا المنصب تم تهميشه تدريجيًا منذ تولي رجب طيب أردوغان الرئاسة في 2014.

حصلت مواد الدستور، التي يبلغ عددها 118، على 339 صوتًا من أصل 550 عدد أعضاء البرلمان، أي أكثر بتسعة أصوات من غالبية الثلاثة أخماس المطلوبة لعرض النص في استفتاء، مبدئيًا في إبريل المقبل.

وتقول الغالبية إن جعل النظام رئاسيًا أمر أساسي لضمان استقرار رأس الدولة، وسيسمح ببساطة بالاقتراب من الأنظمة المطبقة في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا. وأكد بن علي يلديريم أن المشروع سيعود بالفائدة على الجميع، ويسمح "بكسب الوقت" في إدارة البلاد.

وقال يلديريم في مقابلة مع التلفزيون الحكومي الجمعة "عندما تكون أقوى، يمكنك معالجة المشاكل بتصميم أكبر". وأضاف "لن يكون هناك أي ضعف في مكافحة الإرهاب أو حول القضايا الاقتصادية".

انتحار يرفضه الشعب
إلا أن المعارضة تتهم أردوغان بالميل إلى الاستبداد. وقال رئيس اتحاد نقابات محامي تركيا متين فيض أوغلو إن "الفصل بين السلطات سيلغى بالكامل، وكل الصلاحيات ستتركز بيد شخص واحد، بحجة إحلال الاستقرار". أضاف "لكن استقرارًا دائمًا ليس ممكنًا إلا في ظل دولة القانون". وتابع "هذا ليس إصلاحًا، بل انتحار، والشعب لن ينتحر أبدًا".

وساد توتر شديد بين نواب مختلف الأحزاب في المناقشات التي جرت في البرلمان في الأسابيع الأخيرة. وخلال مناقشة النص في قراءة أولى في الأسبوع الماضي أصيب نائب بكسر في الأنف، بينما أكد آخر تعرّضه للعضّ في ساقه خلال مواجهات عنيفة.

وفي وقت متأخر من الخميس اندلع تضارب بالأيدي بعدما قيدت النائبة آيلين نظلي آكا المعارضة لتعديل الدستور نفسها بمنبر المتحدثين تعبيرًا عن احتجاجها في قاعة البرلمان. وأصيب عدد من النواب بجروح طفيفة، ونقلوا إلى المستشفى.

حالة طوارئ
بموجب هذا التعديل الدستوري، يمكن لأردوغان نظريًا أن يبقى في منصب الرئاسة حتى 2029 على الأقل، ويمكنه تعيين الوزراء وإقالتهم، وكذلك تعيين نائب أو أكثر له. وينص التعديل على إلغاء منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى منذ أن أسّس مصطفى كمال أتاتورك تركيا الحديثة في 1923. كما يمكن للرئيس التدخل بشكل مباشر في القضاء وإصدار مراسيم.

وستجري الانتخابات التشريعية والرئاسية في وقت واحد. ويحدد النص موعد الاقتراع المقبل في 3 نوفمبر 2019. وتتحدث إيما سنكلير ويب مديرة فرع تركيا لهيومن رايتس ووتش عن إصلاح "يجعل كل السلطات متركزة بيد الرئيس". وقالت إنه في مثل هذه الشروط، من المستحيل "إجراء مناقشة عامة فعالة في وسائل الإعلام حول التغييرات التي أدخلت"، ولم يتم إطلاع الشعب بشكل صحيح.

وتتهم المعارضة أردوغان باستغلال حالة الطوارئ المطبقة منذ محاولة الانقلاب التي حدثت في 15 يوليو لإسكات أي صوت معارض، عبر شن حملة تطهير واسعة غير مسبوقة.

يأتي هذا التصويت في أجواء غير مستقرة أمنيًا، إذ إن البلاد شهدت في الأشهر الأخيرة سلسلة هجمات أعلن المتمردون الأكراد مسؤوليتهم عنها أو نسبت إلى "جهاديي" تنظيم داعش. وأثارت الاعتداءات مخاوف لدى السيّاح، وساهمت في التباطؤ الاقتصادي وتراجع قيمة العملة الوطنية أمام الدولار إلى مستويات قياسية.


&