بيروت: على مدى السنوات الست من النزاع الدامي، ازداد المشهد السوري تعقيدًا يومًا بعد يوم، وتعددت اطرافه بين قوات نظام ومجموعات موالية لها، و"جهاديين" وفصائل مقاتلة واكراد. بدأ النزاع في 15 مارس 2011، وزادت التدخلات الدولية العسكرية من تعقيداته.

وتمهيدا لمحادثات بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة بدءا من الاثنين في استانا برعاية روسية تركية ايرانية، يسري في سوريا منذ 30 ديسمبر اتفاق لوقف اطلاق النار يستثني بشكل رئيسي المجموعات المصنفة "ارهابية"، وعلى راسها تنظيم الدولة الاسلامية. 

وتقول موسكو ودمشق انه يستثني ايضا جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، الامر الذي تنفيه الفصائل المعارضة. ما هي ابرز القوى المشاركة في النزاع الذي اودى بحياة اكثر من 310 الاف شخص.

قوات النظام

- الجيش السوري
خسر الجيش السوري الذي وصل عديد قواته المقاتلة الى 300 الف عنصر قبل بدء النزاع العام 2011، نصف عناصره الذين قتلوا خلال المعارك او فروا او انشقوا.

ويسيطر الجيش السوري حاليا على 34 في المئة من الاراضي السورية حيث يعيش و65,5 في المئة من اصل 16 مليون نسمة موجودين حاليا في البلاد.

حقق الجيش السوري اكبر انتصارته منذ بدء النزاع بسيطرته في ديسمبر على كامل مدينة حلب. وهو يسيطر حاليا على مناطق استراتيجية تشمل دمشق واجزاء واسعة من محافظتي حمص وحماه (وسط) وحلب (شمال) واللاذقية (غرب).

- المقاتلون الموالون للنظام:
يتراوح عديدهم بين 150 الفا ومئتي الف عنصر. وتعد قوات الدفاع الوطني التي نشأت العام 2012 وتضم في صفوفها تسعين الف مقاتل، ابرز مكونات الفصائل الموالية.

ويضاف الى الفصائل المحلية، مقاتلون من لبنان وايران والعراق وافغانستان. ويشكل مقاتلو حزب الله اللبناني الذين يتراوح عددهم بحسب خبراء، بين خمسة الاف وثمانية الاف، المجموعة الابرز بين هؤلاء.

- الدعم العسكري الروسي والايراني:

استعادت قوات النظام زمام المبادرة في مناطق عدة بعد الدعم الجوي الروسي الكثيف منذ نهاية سبتمبر 2015. وتعد ايران الحليف الاقليمي الرئيس للنظام السوري، وارسلت الاف العناصر من الحرس الثوري لمساندة الجيش في معاركه بالاضافة الى مستشارين عسكريين. كما توفر ايران مساعدات اقتصادية لدمشق.

مقاتلو المعارضة
برغم من ان تسمية "الجيش الحر" تتكرر على لسان الناشطين وبعض القياديين المعارضين، الا ان هذا الجيش الذي تشكل في بداية النزاع خصوصا من منشقين عن الجيش السوري، ثم من مدنيين حملوا السلاح لاسقاط النظام، لم يعد له وجود ككيان مستقل.

وفشلت محاولات توحيد قراره وايجاد هيكلية له تارة تحت مسمى هيئة الاركان وطورا تحت مسميات اخرى. وتعددت الفصائل المقاتلة بتسميات غالبا لها طابع اسلامي مع تنوع مصادر تمويلها التي هي اجمالا تركيا والسعودية وقطر وغيرها من الجهات الخليجية.

يعود السبب الرئيس في عدم نجاح تركيبة هذا الجيش الى نقص التسليح والى التجاذبات الاقليمية وبروز الجهاديين. وتسيطر الفصائل المقاتلة المعارضة والاسلامية ومعها جبهة فتح الشام، على 13 في المئة من سوريا حيث يعيش 12,5 في المئة من السكان، وفق الباحث في الجغرافيا السورية فابريس بالانش.

ابرز الفصائل المقاتلة اليوم هي:

- حركة احرار الشام: ابرز الفصائل الاسلامية في سوريا. أنشئت في العام 2011 وتعد جماعة سلفية تتلقى دعما تركيا وخليجيا بحسب محللين. تتواجد بشكل رئيسي في محافظتي ادلب وحلب.

- جيش الاسلام: الفصيل الابرز في الغوطة الشرقية قرب دمشق. يرأس عضو المكتب السياسي في جيش الاسلام محمد علوش وفد الفصائل المعارضة الى محادثات استانا. 

- مجموعة من الكتائب والفصائل الصغيرة التي لا تحصى.

جبهة فتح الشام

في يوليو 2015 اعلنت جبهة النصرة فك ارتباطها بتنظيم القاعدة الذي قاتلت تحت رايته منذ 2013 وغيرت اسمها الى جبهة فتح الشام. يقود الجبهة ابو محمد الجولاني، وتتألف بمعظمها من سوريين، وجذبت المقاتلين الى صفوفها بسبب تنظيمها ووسائلها المادية.

تتحالف الجبهة مع فصائل مقاتلة غالبيتها اسلامية تحديدا في محافظتي ادلب (شمال غرب) وحلب، ولها تواجدها الميداني في محافظة دمشق وفي جنوب البلاد.

ويعد "جيش الفتح" اهم تحالفاتها المعلنة، وهو عبارة عن ائتلاف مجموعة من الفصائل الاسلامية بينها حركة احرار الشام ويسيطر على كامل محافظة ادلب.

تنظيم داعش
يضم التنظيم الذي يتزعمه ابو بكر البغدادي منذ انطلاقه في العام 2013، الالاف من المقاتلين. وهو المجموعة المسلحة الاكثر ثراء والاكثر وحشية في سوريا. ويخوض معارك متزامنة ضد كل من قوات النظام والفصائل المقاتلة، ومنها جبهة فتح الشام، وكذلك ضد المقاتلين الاكراد.

اعلن في يونيو 2014 اقامة "الخلافة الاسلامية" في المناطق الواقعة تحت سيطرته في سوريا والعراق. وانضم نحو ثلاثين الف مقاتل اجنبي الى صفوفه في البلدين.

خسر العديد من مواقعه في العام 2015 وتحديدا امام تقدم الاكراد، ويسيطر حاليا على 33 في المئة من البلاد (يعيش فيها 9,5 في المئة من السكان) وتشمل كامل محافظة دير الزور النفطية (شرق)، والجزء الاكبر من محافظة الرقة (شمال)، وعلى كامل المنطقة الصحراوية الممتدة من مدينة تدمر (وسط) وصولا الى الحدود العراقية.

المقاتلون الاكراد
بعد معاناتهم على مدى عقود من سياسة تهميش حيالهم، تصاعد نفوذ الاكراد مع اتساع رقعة النزاع في سوريا في العام 2012 مقابل تقلص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية. وبعد انسحاب قوات النظام تدريجيا من هذه المناطق، اعلن الاكراد اقامة ادارة ذاتية موقتة في ثلاث مناطق في شمال البلاد.

وتتلقى وحدات حماية الشعب الكردية دعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن التي تعتبر ان الاكراد هم الاكثر فعالية في قتال تنظيم داعش.

ويريد الاكراد تحقيق حلم طال انتظاره بربط مقاطعاتهم الثلاث، الجزيرة (الحسكة) وعفرين (ريف حلب الغربي) وكوباني (ريف حلب الشمالي)، من اجل انشاء حكم ذاتي عليها على غرار كردستان العراق. ويسيطر الاكراد على 20 في المئة من البلاد تشمل 75 في المئة من الحدود السورية التركية. ويعيش في مناطقهم 12,5 في المئة من السكان اي ما يقارب مليوني نسمة.

وتخشى انقرة اقامة حكم ذاتي كردي على حدودها. وبدأت عملية عسكرية في شمال سوريا في اغسطس ضد تنظيم داعش والمقاتلين الاكراد.

تركيا، قطر والسعودية
منذ بدء النزاع في سوريا، دعمت كل من تركيا والسعودية وقطر المعارضة السياسية والمسلحة مطالبة بسقوط الرئيس بشار الاسد.

وبعد ما يقارب ست سنوات من الاختلاف، تقود تركيا مع روسيا وايران حاليا جهودا سياسية حول سوريا وغارات مشتركة مع موسكو ضد تنظيم الدولة الاسلامية. 

وتمهيدا لمحادثات استانا، رعت تركيا وايران وروسيا في نهاية ديسمبر اتفاقا شاملا لوقف اطلاق النار لا يزال ساريا.

التحالف الدولي
تشارك فيه دول عدة غربية وعربية بقيادة واشنطن. وينفذ منذ صيف 2014 غارات جوية مكثفة على مواقع لتنظيم داعش خصوصا وجبهة فتح الشام التي استهدفت مرارا الشهر الحالي. 

ومن ابرز الدول المشاركة فيه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا والسعودية والاردن والامارات والبحرين وكندا وهولندا واستراليا.