واشنطن: من التظاهرات الى الادانات السياسية والضغوط الدولية، يجد الرئيس الاميركي دونالد ترامب في موقع الدفاع عن النفس في بداية اسبوعه الثاني في البيت الابيض بعد قراره اغلاق الحدود لاشهر امام كل اللاجئين ومواطني سبع دول اسلامية.

وبعد نهاية اسبوع سادها الالتباس والجدل، دافع الرئيس الجمهوري عن نفسه من الاتهامات بالتمييز ضد المسلمين، بينما تجمع آلاف المتظاهرين في واشنطن ونيويورك وبوسطن ومدن اميركية اخرى.

وفي المطارات الاميركية سجلت حالات من الحزن واخرى من الفرح بين العائلات التي تنتظر اقرباء لها احتجزتهم اجهزة الهجرة.

وردد حوالى عشرة آلاف شخص في حديقة في مانهاتن بنيويورك "نرحب باللاجئين!". وانضم مسؤولون ديموقراطيون منتخبون الى التجمع. وقال رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو "انها بداية تراجع حرياتنا المدنية وحقوقنا الدستورية، ونحن نعرف الى اين يؤدي هذا الطريق".

وردد متظاهرون هتافات ايضا تحت نوافذ ترامب في حديقة البيت الابيض في واشنطن. وقالت الصربية صونيا دافيدوفيتش (37 عاما) التي تعيش في الولايات المتحدة منذ عشرة اعوام "اذا كان قد فعل كل ذلك خلال اسبوع فماذا ينتظرنا في السنوات الاربع المقبلة؟".

من جهتهم، دان وزراء العدل في 16 ولاية اميركية الاحد الامر التنفيذي الذي اصدره ترامب متعهدين "التصدي له بكل الوسائل المتاحة أمامهم".

وقال الوزراء وجميعهم ديموقراطيون في بيان مشترك ان "الامر التنفيذي الذي اصدره الرئيس ترامب يتعارض مع الدستور ومع قيم اميركا وغير شرعي". واضافوا "سنعمل سويا لضمان ان تخضع الحكومة الفدرالية للدستور وان تحترم تاريخنا كأمة تأسست على الهجرة، والا تستهدف احدا فقط بسبب جنسيته او ايمانه".

ويقول المحيطون بقطب العقارات الجمهوري ان كل ما فعله هو تنفيذ الوعود التي اطلقها خلال الحملة الانتخابية، مثل توقيع مراسيم طوال الاسبوع الماضي تتعلق بالتأمين الصحي والهجرة ومكافحة الجهاديين والنفط.

وقال ترامب في بيان "لتكن الامور واضحة، الامر لا يتعلق بمنع يستهدف المسلمين كما تنقل وسائل الاعلام خطأ". واضاف ان "الامر لا يتعلق اطلاقا بالديانة بل بالارهاب وبامن بلدنا".

وصرح مسؤول كبير في ادارة ترامب ان الرئيس ينوي وضع سياسة للهجرة تجنب الولايات المتحدة اعتداءات مثل تلك التي شهدتها فرنسا والمانيا وبلجيكا في السنتين الماضيتين.

وصرح هذا المسؤول للصحافيين ان "الاوضاع القائمة حاليا في بعض اجزاء فرنسا وبعض اجزاء المانيا وفي بلجيكا، هي اوضاع لا نريد ان تحدث داخل الولايات المتحدة، اي تهديد بارهاب محلي متعدد الابعاد والاجيال يصبح من المعطيات الدائمة في الحياة الاميركية".

لكن قرار ترامب باغلاق الحدود بشكل انتقائي والذي لم يأت بالحجم الذي وعد به في كانون الاول/ديسمبر 2015 بمنع كل المسلمين من دخول الولايات المتحدة موقتا، اثار حملة ضده ويفترض ان يبقى محور اهتمام وسائل الاعلام والمحاكم في الايام المقبلة.

تصاريح إقامة موقتة في كندا

يحظر المرسوم الذي وقع مساء الجمعة، دخول كل اللاجئين ايا تكن اصولهم لمدة 120 يوما (وبشكل نهائي كل اللاجئين السوريين)، وكذلك ولمدة تسعين يوما، كل مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة تعتبرها واشنطن معاقل للارهابيين (ايران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن).

نتيجة لذلك اوقف 109 اشخاص على الاقل عند وصولهم الى الولايات المتحدة مع انه كانت لديهم تأشيرات دخول صالحة. وبعد تدخل قاضية فدرالية في بروكلين مساء السبت، سمح لمعظمهم بدخول الاراضي الاميركية.

لكن مسألة تطابق المرسوم مع الدستور لم تحسم بعد وما زال مطبقا. وحتى مساء الاحد لم يعرف ما اذا كان اشخاص ما زالوا محتجزين وما هو عددهم.

جرى تطبيق القرار في اجواء من الفوضى. فقد اعلن عدد من الحاصلين على تصاريح اقامة دائمة (البطاقة الخضراء) المتحدرين من الدول السبع المدرجة على اللائحة السوداء في نهاية الاسبوع انهم ابعدوا او منعوا من الصعود الى الطائرات المتوجهة الى الولايات المتحدة.

لكن مساء الاحد، اوضحت الادارة الاميركية الوضع رسميا. وقالت ان هؤلاء يحق لهم السفر الى الولايات المتحدة ويستفيدون من اعفاء من المرسوم، ومثلهم الاميركيون من مزدوجي الجنسية.

تبقى مسألة مزدوجي الجنسية مثل الكنديين الايرانيين او الفرنسيين السوريين. وقد اعلن مكتب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السبت ان المرسوم لا يغير شيئا بالنسبة للكنديين. كما اعلنت لندن ان مزدوجي الجنسية من رعاياها ليسوا معنيين بالمرسوم ايضا، الا اذا سافروا انطلاقا من البلدان التي يشملها النص.

من جهة اخرى، اعلن وزير الهجرة الكندي المتحدر من اصول صومالية احمد حسين ان بلاده ستمنح تراخيص اقامة مؤقتة للاجانب العالقين على اراضيها من رعايا الدول السبع. وقال "اطمئن الاشخاص الذين قد يجدون انفسهم عالقين في كندا بانني ساستخدم سلطتي لمنحهم رخصة اقامة مؤقتة اذا اقتضى الامر، كما فعلنا في الماضي".

وفي جديد الادانات للقرار، عبرت الحكومة اليمنية المعترف بها عن "استيائها" من مرسوم ترامب. وقالت وزارة الخارجية في بيان ان "مثل هذه القرارات تدعم موقف المتطرفين وتزرع التفرقة"، معتبرة ان الانتصار على التطرف ياتي ب"التفاعل والحوار وليس بناء الحواجز".

واخيرا، اعلنت شركة "طيران الامارات" انها اجرت "التعديلات اللازمة" لطواقم رحلاتها المتوجهة الى الولايات المتحدة امتثالا لمرسوم ترامب، مؤكدة انها تواصل "تسيير رحلاتها المنتظمة الى الولايات المتحدة كالمعتاد" وتوفر "كل مساعدة ممكنة للركاب المتأثرين بهذه الإجراءات".