غزة: عقدت الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله الثلاثاء أول اجتماع لها منذ العام 2014 في قطاع غزة، في خطوة اولى على طريق إرساء المصالحة الفلسطينية التي سارعت اسرائيل الى وضع شروط للقبول بها.

وقال الحمد الله عند افتتاح الجلسة التي فتحت الطريق امام إنهاء عقد من الانقسامات "نحن هنا لنطوي صفحة الانقسام إلى غير رجعة، ونعيد مشروعنا الوطني إلى وجهته الصحيحة: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة وحل القضية الفلسطينية على أساس قواعد القانون الدولي والقرارات الأممية وكافة الاتفاقيات والمواثيق ومبادئ الشرعية". 

وقالت حركة حماس في بيان ان "ما حدث بالأمس واليوم هو خطوة كبيرة تكللت بتسلم الحكومة مهامها كافة بشكل رسمي ودون أي معيقات، بما يجعلها مسؤولة مسؤولية كاملة عن الشؤون كافة في قطاع غزة".

وشدد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية خلال كلمة له القاها قبيل مأدبة غداء دعا اليها الحكومة الفلسطينية "الانقسام اصبح خلف ظهورنا اليوم وللابد".

وتابع "لا بد أن تكون لنا سلطة وحكومة ومنظمة ومرجعية واحدة ثم نعمل سويا من أجل الهدف الوطني (..) وهو إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع ذات سيادة مستقلة وعاصمتها القدس بدون مستوطنات ودون تنازل عن أي شبر ودون تنازل عن حق العودة".

وأضاف "نتطلع الى الوحدة كي نكون شركاء في القرار السياسي وفي قرار المقاومة والحرب".

وأعلن الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود في مؤتمر صحافي عقب انتهاء اجتماع الحكومة ان الحكومة أجرت اليوم "مناقشة سريعة لملفات الكهرباء والمياه الإعمار، وان ملف الامن والمعابر والموظفين سيتم بحثهم في القاهرة الاسبوع القادم".

"كل شيء"

وأوضح ان اتفاق إنهاء الانقسام سيكون على ثلاث مراحل تتمثل بتشكيل لجان للبدء بالعمل على حل مشاكل المعابر والكهرباء والماء وملفات أخرى. واضاف "لدينا اصرار على حل كافة المسائل العالقة وصولا لتحقيق المصالحة".

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس شدد من جهته في مقابلة مع قناة "سي بي سي" المصرية مساء الاثنين على ان السلطة الفلسطينية ستتسلم "كل شيء" في قطاع غزة. وقال "لدينا رغبة شديدة في إتمام المصالحة. وبعد 11 عاما يجب أن تعود اللحمة إلى الشعب الفلسطيني".

وأكد ان "السلطة الفلسطينية ستقف على المعابر" في قطاع غزة، موضحا ان "المعابر والأمن والوزارات، كل شيء يجب أن يكون بيد السلطة الفلسطينية".

وتثير مسالة تسليم حماس التي تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة وقوة مسلحة قوامها 25 الف عنصر، الامن الى السلطة الفلسطينية، شكوكا.

وخطوات المصالحة الجارية ثمرة لجهود مصرية خصوصا.

ووصل ظهر الثلاثاء وزير المخابرات المصرية خالد فوزي الى غزة عبر معبر بيت حانون الحدودي مع اسرائيل، وذلك بعد زيارة الى رام الله التقى خلالها بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.

والتقى فوزي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية وحكومة الوفاق الفلسطينية. وقال "سننتظركم في القاهرة، ستفعلونها (المصالحة) وسيكتب التاريخ عنكم انكم وحدتم الشعب الفلسطيني".

وعرض خلال الاجتماع رسالة مصورة ومسجلة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الفلسطينين قال فيها ان "هناك فرصة سانحة لتحقيق السلام في المنطقة شريطة تضافر كل الاطراف (..)، إن العالم بأسره يترقب جهودكم".

واضاف السيسي "انني على ثقة ان القوى الكبرى في العالم عندما ترى الاطراف الفلسطينية على وعي كامل بطبيعة المرحلة وباهمية الحوار لتحقيق اهداف السلام ستساعد على تحقيق هذا السلام الشامل في المنطقة".

الا ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو رفض الثلاثاء أي مصالحة فلسطينية بدون اعتراف من حماس باسرائيل وحل الجناح العسكري للحركة التي تسيطر على قطاع غزة، وقطع علاقاتها مع ايران، العدو اللدود للدولة العبرية.

ونقل بيان صادر عن مكتب نتانياهو قوله "لن نقبل بمصالحة كاذبة حيث الطرف الفلسطيني يتصالح على حساب وجودنا".

ورد المتحدث باسم حماس فوزي برهوم في تعليق لوكالة فرانس برس بالقول "هذا تاكيد على ان المتضرر الوحيد من المصالحة والوحدة هو الاحتلال الاسرائيلي"، معتبرا ان "الرد يجب ان يكون بمزيد من الوحدة والاسراع بترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وصياغة استراتيجية وطنية تلتقي عليها مكونات الشعب الفلسطيني كي يتفرغ لمواجهة الاحتلال ومخططاته".

ويلتقي وفدان من حركتي حماس وفتح الثلاثاء المقبل في القاهرة لمتابعة النقاش.

وتأتي هذه المحاولة الجدية لإرساء مصالحة فلسطينية بعد حوالى عقد من القطيعة بين حركتي فتح برئاسة محمود عباس وحماس التي تسيطر على القطاع منذ 2007 بعد ان طردت حركة فتح منه إثر اشتباكات دامية.

وتحاصر اسرائيل القطاع منذ عشر سنوات، وتقفل مصر معبر رفح، منفذه الوحيد الى الخارج، ما فاقم المشاكل الاجتماعية البطالة التي يعاني منها القطاع حيث يتجاوز عدد السكان المليونين. 

وخلال الاشهر الماضية، اتخذت السلطة الفلسطينية عدة اجراءات ضد قطاع غزة للضغط على حماس ابرزها خفض رواتب موظفي السلطة فيه، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها اسرائيل القطاع. 

ويرى محللون ان كل ذلك ساهم في ان تبدي حماس بعض "البراغماتية" في موضوع المصالحة.

ووقعت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة وطنية في أبريل 2014، تلاه تشكيل حكومة وفاق وطني. الا ان الحركتين أخفقتا في تسوية خلافاتهما، ولم تنضم حماس عمليا الى الحكومة.

وعقدت الحكومة الفلسطينية آخر جلسة لها في غزة في نهاية 2014، غداة حرب مدمرة شنتها اسرائيل على القطاع، الثالثة منذ 2008.

وجاء قرار زيارة الحكومة الى غزة، بعدما أعلنت حركة حماس موافقتها في 17 سبتمبر على حل "اللجنة الادارية" التي كانت تقوم مقام الحكومة في قطاع غزة، داعية حكومة الحمد الله الى الحضور وتسلم مهامها في غزة. 

ورفعت أمام مقر مجلس الوزراء في غزة الثلاثاء صورة كبيرة للرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس كتب عليها "شكرا جمهورية مصر العربية، شكرا السيسي، نعم للوحدة الوطنية". كما رفعت اعلام مصرية وفلسطينية كبيرة في المكان.