مجدي الورفلي من تونس: كردّة فعل على الوضع البيئي المتردّي في تونس وتكدّس أكوام الفضلات في الأماكن العامة، اطلق شابّ تونسي حملة "زبّلتونا" (أغرقتمونا في القمامة) لانتقاد إنتشار النفايات في كل مكان وهو ما إستحسنه رواد مواقع التواصل الإجتماعي من التونسيين الذين رأوا تقاطعات بين حملة "زبّلتونا" مع حملة "طلعت ريحتكم" في لبنان.

حملة "زبلتونا" تتلخّص في نشر صور حقيقية لأماكن مختلفة مليئة بالقمامة، ووسط تلك النفايات تنشر صورة أحد الشخصيات التاريخية مع ارفاق الصور بأحد الأمثال الشعبية المعروفة في تونس.

يتداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي تلك الصور بكثرة معبرين عن إستحسانهم للفكرة وللمبادرة بمثل تلك الحملات التوعوية في ظل إنتشار الفضلات والأوساخ في كلّ مكان في البلاد وخاصة المحافظات الكبرى.

الفنّ للتوعية

صاحب مبادرة حملة "زبّلتونا" شابّ تونسي يُدعى أسامة حويج ويبلغ من العمر 26 عاما وهو متخصّص في الصحّة والمحافظة على البيئة.

يعتبر خلال حديث مع "إيلاف" ان هدف الحملة نقد وتسليط الضوء على ما بلغه الوضع البيئي في البلاد وتراكم النفايات في كل مكان بما فيها الأنهج الرئيسية للعاصمة، ومن جهة أخرى محاولة توعية المواطن التونسي بأهمية نظافة الاماكن العامة من طرقات ومحطات وغيرها.

الحملة تلقى صدى ايجابيا عبر شبكات التواصل في تونس

ويعتمد أسامة حويج لإنتاج الصور التي تحظى بتداول واسع بين التونسيين، على تقنية دمج رسوم مختلفة في صور حقيقيّة يلتقطها بنفسه لأماكن تتكدّس بها القمامة مع رسوم لشخصيّات تاريخية تونسية او تلك التي عاشت في المغرب العربي، وهي تقنية يعترف الشاب التونسي أنه إستمدّها من أحد مشاريع الفنانين البرازيلين وطوّعها لتكون وسيلته لنقد إنتشار النفايات والفضلات في تونس.

ويرى حويج أنّ الفن ناجع للتوعية ولمواجهة مظاهر التخلّف كإلقاء الفضلات أينما كان.

خيانة امانة الأجداد

إستحضار شخصيّات تاريخية ووضعها وسط الأنهج والأماكن المليئة بالقمامة لتكون صورة واحدة مرفوقة بمقولة شعبية معروفة، أراد بها الشاب التونسي القول "لو كان أجدادنا موجودون ورأوا كل تلك النفايات لما كانوا فخورين بنا... لقالوا لنا زبّلتونا... من جراء قلة وعيكم أصبحنا نعيش وسط القمامة".

يضيف صاحب المبادرة: "ما يحصل من إنتشار أكوام القمامة هو خيانة لأمانة سلّمها الأجداد لنا".

"زبلتونا" و"طلعت ريحتكم"

حين راودته فكرة إطلاق حملة "زبّلتونا" لم يكن الشاب التونسي أسامة حويج يعلم بوجود حملة "طلعت ريحتكم"، فقد عرف بشأن الحملة اللبنانية من خلال المقارنة بين الحملتين من طرف رواد مواقع التواصل الإجتماعي فحينها إطلع على تفاصيلها وعلم ان الاماكن العامة في لبنان ايضا تجتاحها اكوام القمامة والنفايات كما الحال في تونس خلال السنوات الأخيرة.

وإن لم تكن فكرة إطلاق حملة "زبّلتونا" مستوحاة من حملة "طلعت ريحتكم" في لبنان فهذا لا يعني ان الشاب التونسي لم يكن له منطلق لإطلاق حملته.

ويرى في حديثه مع "إيلاف" انه اراد من حملته الإجابة على على حملة أًطقت خلال شهر رمضان لتوعية المواطن بخصوص إلقاء الفضلات أينما كان وهي حملة "توا نرمال هكّا ؟" (هل هذا عادي ؟)

فحملة "نورمال هكّا؟" وفق تقدير الشاب لم يكن لها أي تأثير على المواطن التونسي، كما انها سرعان ما أختفت، وهو ما جعله يبادر بحملة "زبّلتونا" لمحاولة بلوغ ما لم تستطع حملة "نرمال هكا؟" بلوغه من توعية المواطن بالوضع البيئي الكارثي الذي وصلت اليه البلاد في السنوات الأخيرة.

يشار إلى أن وزارة البيئة والشؤون المحلية أطلقت خلال الصائفة الماضية حملة توعوية تحت شعار "تو نرمال هكا"، تدعو المواطنين إلى عدم إلقاء النفايات بطريقة عشوائية عبر وضع لافتات كبيرة بالطرقات تتضمن أحد الوجوه المعروفة في تونس أمام أكداس من القمامة والنفايات بصدد التساؤل عمّا إذا كان من الطبيعي ان تتراكم كل تلك الفضلات.

الحملة ستتواصل

حملة "زبّلتونا" لن تتوقف عند تلك الصور ما دام التونسي يلقي بالفضلات في الطريق العام دون أي وعي، فقد أكد اسامة صاحب المبادرة انه سيتنقّل الى المحافظات الداخلية لإستنباط أفكار أخرى تكون مرحلة ثانية من "زبّلتونا" ما لم يرتق وعي التونسيين بضرورة المحافظة على نظافة الأماكن العامة، وما لم تصبح الدولة قادرة على حل الإشكال سواء عبر التوعية او وضع إستراتيجية وطنية لإخراج البلاد من "الزبلة".

تجدر الإشارة الى ان وزارة الشؤون المحليّة والبيئة أعلنت في يونيو الماضي عن اطلاق جهاز "الشرطة البيئية" بمحافظات تونس الكبرى ومراكز المحافظات السياحية في إنتظار تعميمها على كل البلاد في وقت لاحق، ويتلخّص دور الشرطة البيئيّة في مراقبة إلقاء أماكن إلقاء الفضلات وتوقيته وتحرير مخالفات ضدّ حتى من يلقي أعقاب السجائر في الطرقات العامّة.

يُذكر ان تونس شهدت في السنوات التي تلت سقوط نظام بن علي شللا في منظومة رفع الفضلات، حيث تم حلّ المجالس البلدية المنتخبة خلال أخر عام في حكم زين العابدين بن علي وتعويضها بنيابات خصوصية وقع حلّ أغلبها لعجزها على القيام بدورها الأساسي المتلخّص في رفع النفايات والفضلات وتم تعويضها بهيئات تسيير إدارية تتكون من موظفين في الوزارات المعنية برفع الفضلات.

كما وقع في ذات السياق التخلي عن 3 مواعيد لإجراء أول إنتخابات بلدية في تونس بعد ثورة 14 يناير، حيث أقرت هيئة الإنتخابات التونسية في البداية موعد 30 أكتوبر 2016 ومن ثم مارس 2017 ولكن لم يقع الإلتزام بهما، ومنذ حوالي الأسبوعين وقع التخلّي عن تاريخ 17 ديسمبر 2017 الذي كان من المفترض ان يكون موعد إنتخاب مجالس بلدية يرى فيها مراقبون ومختصون أهم الحلول لوقف انتشار النفايات والقمامة في البلاد.