أحمد قنديل من دبي: انطلقت اليوم في أبوظبي أعمال الدورة الثانية من منتدى المعلمين الدولي «قدوة 2017»، الذي يستمر حتى يوم غد الأحد في قصر الإمارات، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.

وافتتح الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية الإماراتي فعاليات اليوم الأول من المنتدى.

وقال في كلمة له أمام جمهور يضم أكثر من 900 من المعلمين والخبراء ورواد الأعمال من أكثر من 80 بلدا حوار عالمي ويناقشون قضايا التعليم من أجل المستقبل، إن المعلم سيفقد دوره لصالح التكنولوجيا وعليه أن يواكب العصر، مضيفا "نحن على أعتاب عصر جديد سيتغير فيه مفهوم التعليم والمعلم والمدرسة، والهدف من المنظومة التعليمية الجديدة هو تعليم الطلبة كيف يبحثون ويواكبون التطور".

التكنولوجيا غيّرت مهمة المعلم

وتابع ابن زايد "التكنولوجيا غيرت في شكل وأسس التعليم وغيرت من مهمة المعلم وطبيعة علاقته مع الطلبة، وثورة الاتصالات أتاحت لأبنائنا أن يتفوقوا علينا في المعرفة وفي استخدام أدواتها الحديثة.. ومهمة المعلم في هذا العصر الذي يزخر بمتغيرات كبيرة طالت كافة نواحي الحياة بما فيها نظريات التعليم وأسسه وأساليبه، تتمثل في أن يكون المعلم محاوراً للطلبة وشريكاً لهم في تجاربهم ومحاولات إبداعهم".

ووجه حديثه للمعلمين حضور المنتدى قائلا "كم مرة حاولتم فعل شيء في جهاز بالبيت واستعنتم بابنكم أو ابنتكم؟ كم مرة ساعدكم أبناؤكم على تعلم مهارة جديدة في هواتفكم الذكية؟ ومتى كانت آخر مرة شعرتم بأنكم قمتم بتعليم أبنائكم شيئاً جديدا في الحياة؟. لافتا الى ان الأبناء والبنات الصغار يعرفون كل شيء.. هذه إجابة أغلبيتنا لكنها ليست مزحة هم فعلا يعرفون أشياء كثيرة.. فهذا العصر الذي نعيشه يختلف عن كل ما عرفته البشرية من قبل.. إنه عصر انتهت وستنتهي فيه مفاهيم ترسخت في حياة البشرية منذ آلاف السنين وبدأت مفاهيم جديدة بالبزوغ".

القادم أكثر تحديا

واستدرك قائلا "من كان يعتقد أن الرسائل الورقية ستنتهي لصالح الإلكترونية؟ ومن كان يظن أنه سيتسوق ويشتري ما يريد من خلال هاتف صغير؟ ومن كان يظن أن العملة الإلكترونية ستحل محل الورقية؟.. القادم أكثر تحدياً والتعليم ليس بعيداً عن هذه المتغيرات الهائلة فنحن على أعتاب عصر جديد سيتغير فيه مفهوم التعليم والمعلم والمدرسة".

وأشار وزير الخارجية الإماراتي إلى أن "التعليم لن يكون من خلال المنهج بل من خلال التجارب بحيث سيكون البيت للقراءة والاطلاع والمدرسة لتطبيق ما تعلمه الطالب بشكل عملي وسيقضى الطالب ثلاث أو أربع ساعات وربما خمس ساعات فقط في المدرسة التي ستتحول من مبنى مليء بفصول للتدريس إلى مكان أشبه بالنادي الرياضي أو الفني المليء بالمرافق المختلفة لكي يمارس فيها الطلاب أنشطتهم التعليمية.. سينتهي الحفظ في عصر جوجل وويكيبيديا والهواتف الذكية وستذوب المناهج تدريجياً في يوتيوب وخان آكاديمي وتطبيقات الهواتف المتخصصة في المعرفة والتعليم".

أبناؤنا يعرفون أكثر منا

وأضاف "أعرف أن من بينكم من يتساءل الآن.. وكيف سيتعلم الطلبة؟ وماذا سيتعلمون؟.. أبشركم.. أبناؤنا اليوم يعرفون أكثر منا ويفهمون ربما أكثر منا.. ولكن ليس أكثر منا عندما كنا في عمرهم بل أكثر منا الآن.. في ظل هذه المتغيرات الهائلة التي صارت واقعاً حولنا سؤالي لكم هو.. ما هو دور المعلم؟.. حتى نجيب عن هذا السؤال علينا أن نكون واقعيين ونبتعد قليلا عن العاطفة قليلاً ونعترف بأن المعلم سيفقد دوره لصالح التكنولوجيا وشاشة الهاتف والذكاء الصناعي الذي بدأ يجتاح أهم مجالات الحياة اليوم كالصحة والنقل والتعليم ليس بعيداً عنه".

التعليم التقليدي

وفيما يتعلق بالمناهج قال الشيخ عبدالله "ندرك بأن ما بين أيدينا اليوم من مناهج لم يعد صالحا للطلبة اليوم وبالتأكيد ليس لنا وأنا هنا لا أتحدث عن دولة الإمارات فقط بل عن المنطقة والعالم ما عدا بعض الدول التي أخذت على عاتقها مهمة التخلص من التعليم التقليدي وإشراك الطلبة في تصميم المناهج مع المعلم كل حسب قدراته وميوله وإمكاناته الخاصة به فعاشق التاريخ سيدرس منهجاً يختلف عن من يهوى الحسابات الرياضية ومَن لديه ميول فنيّة سيكون في مجموعة لا شأن لها بمجموعة اللغات أو البرمجة.. الهدف من المنظومة التعليمية الجديدة التي بدأت تجتاح العالم ليس تلقين الطلاب نظريات فيثاغورث وحساب نصف قطر الدائرة والجدول الدوري للعناصر الكيميائية بل تعليمهم كيف يفكرون وكيف يبحثون ويستنبطون وكيف يمتلكون أدوات تمنحهم القدرة على المساهمة في تنمية مجتمعاتهم والمشي في ركب الحضارة الإنسانية."

أولادكم سهام حية

وذكر "أساتذتي لم آت اليوم لأُنظّر عليكم حول مستقبل التعليم فأنتم أهله وأدرى به ولكن جئت لأتحدث إليكم كأب وأقول لكم إن العالم خارج جدران المدرسة قد اتسع كثيراً وعالم أبنائنا صار أكبر منا كأولياء أمور ومنكم كمعلمين ومشرفين على العملية التعليمية.. دعونا نعمل سويا لنفهم هذا الجيل الجديد.. لنسعى ونكون على قدر المسؤولية الحضارية التي تواجهنا كمربين في القرن الحادي والعشرين".

وفي ختام كلمته ذكر الشيخ عبدالله كلمات لجبران خليل جبران تقول: "أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية.. قد رمت بها الحياة عن أقواسكم".

كلمة الشيخ عبدالله بن زايد في منتدى قدوة

&

برامج دعم المعلمين

في سياق متصل ذكر حسين الحمادي وزير التربية والتعليم الإماراتي أن دور المعلم أساسي في أي منظومة تعليمية بالعالم وأن الإمارات لديها برامج متكاملة لدعم المعلمين.
وسلط الحمادي الضوء على أهمية تمكين المعلمين كجزء من استراتيجية الإمارات لتطوير المنظومة التعليمية.ويركز المنتدى على «التعليم من أجل المستقبل.

دور المعلم هو الأهم

فيما قالت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي إن الاتصال المباشر بين المعلم والطالب لا تستطيع التكنولوجيا أن تقوم به لذا دور المعلم هو الأهم.

وناقش المشاركون في المنتدى أبرز القضايا التي تشغل المعلمين حول العالم.

تمكين المعلمين

ويتطلع منتدى المعلمين الدولي «قدوة» إلى تمكين المعلمين ودعم مسيرتهم المهنية وتقدير رسالتهم النبيلة حيث يجمع ضمن فعالياته أكثر من 900 مشارك من معلمين وخبراء ورواد في قطاع التعليم من الإمارات وجميع أنحاء العالم لتبادل التجارب والرؤى التي تلهم معلمي المستقبل وترتقي بمسيرة التعليم.

ويناقش «قدوة» قضية التعليم من أجل المستقبل وذلك من خلال جلسات تفاعلية ونقاشات وورش عمل مع خبراء ومؤثرين ورواد في قطاع التعليم من كل أنحاء العالم.

3 محاور

وانقسمت جلسات المنتدى إلى ثلاثة محاور رئيسية حيث ضم محور «اسأل»، جلسات حوار مع المعلمين بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وتم طرح قضايا التعليم الذاتي ومهارات القرن الحادي والعشرين، ودور أولياء الأمور كشركاء في التعليم. فيما ضم محور "شارك" جلسات بعنوان "قصص ملهمة" استعرضت حكايات وتجارب ملهمة لمعلمين من كل أنحاء العالم جمعوا بين الكفاءة العلمية والأخلاق والإنسانية فأصبحوا قدوة في التعليم.

وضم محور "تقدم" بالتعاون مع مؤسسة غنوبيه مسابقات عبر تطبيق "قدوة" للهواتف المحمولة حيث تنافس المعلمون على ابتكار أفكار تساعد في إيجاد حلول للتحديات التي تواجههم.

وتشكل جلسات "مختبر المعلمين" ورش عمل يديرها متخصصون ورواد في مجالاتهم للمساعدة في إحداث تغيير إيجابي في التعليم.

أما جلسات «حلقة مع الخبراء» فتتيح للمشاركين فرصة التعرف على مفاهيم وعلوم وأفكار واختبارات من خارج المناهج التعليمية.

خبراء عالميون

ومن أبرز الخبراء العالميين في جلسات المنتدى الدكتور سكوت بولاند المتخصص في علم الأعصاب الذي يتحدث عن دور الذكاء الصناعي في مستقبل التعليم وأهمية تطور علم الأعصاب في فهم الطبيعة البشرية. فيما شاركت سو يونغ كانغ مؤسس ورئيس تنفيذي لمجموعة أوايكن، غنوبيه في سنغافورة تجربتها في دمج القيم في العملية التعليمية وتطوير شخصية الطلبة.

وتحدث سوغاتا ميترا المتخصص في تقنيات التعليم في مدرسة التعليم والاتصالات وعلوم اللغات بالمملكة المتحدة عن دور التكنولوجيا في توفير التعليم للطلبة المحرومين منه.

ويضم المنتدى جلسات تحت عنوان "حوار المعلمين" والتي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ويشارك فيها معلمون من جميع أنحاء العالم يناقشون فيها: كيفية إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية، أهمية تحقيق التوازن بين المعرفة والتعلم القائم على الكفاءة، ومستقبل التعليم بين نقل المعرفة وبناء الكفاءات، وكيفية استيعاب المدارس لكل الفئات الاجتماعية، وإدماج "أصحاب الهمم" ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويقام «قدوة» بالشراكة مع مؤسسات محلية مثل وزارة التربية والتعليم ودائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي وهيئة المعرفة والتنمية البشرية ومجلس الشارقة للتعليم ومركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني بالإضافة إلى مؤسسات عالمية مثل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومؤسسة فاركي أما شركاء المعرفة فهم مؤسسة Teach for All «تيتش فور أول» وجوجل للمعرفة ومايكروسوفت ومؤسسة إدراك التابعة لمؤسسة الملكة رانية للتعليم والتنمية وماكنزي وشركاه وآرك سكيلز «Arc Skills» كما يحضر المنتدى نخبة من المعلمين وممثلي المنظمات غير الربحية والخبراء في مجال التعليم.