الرباط: اختتم رئيس الحكومة الروسية، ديمتري ميدفيديف، مساء اليوم، زيارةً رسمية للمغرب بتوقيع 11 اتفاقية تعاون بين حكومتي البلدين همت قطاعات الطاقة والفلاحة والثقافة والتعليم والاستثمار والتجارة. 

وقال ميدفيديف خلال لقاء صحافي مشترك مع نظيره المغربي سعد الدين العثماني إن مباحثاته مع المسؤولين المغاربة كانت مثمرة وغنية وتناولت مجالات جديدة للتعاون، كالتعاون في المجال العسكري والامني وفي مجال الطاقة النووية والطاقات المتجددة وتموين المغرب بالغاز الروسي، والتي وصفها بالأوراش المستقبلية لتطوير العلاقات بين البلدين.

وأشار ميدفيديف إلى أن الإتفاقيات الإحدى عشر التي وقعت أمس بمقر وزارة الخارجية المغربية في الرباط تشكل لبنة جديدة في بناء الصرح القانوني والمؤسساتي للشراكة الإستراتيجية التي تجمع البلدان، والتي وضعت أسسها خلال زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى موسكو في مارس 2016، وقال إن هذه الاتفاقيات الجديد جاءت لتكمل 16 اتفاقية تعاون وقعت خلال الزيارة الملكية في 2016.

كما نوه رئيس الحكومة الروسية بنتائج الملتقى الاقتصادي الذي نظمه وفد رجال الأعمال المرافق له مع نظرائهم المغاربة، مشيرا إلى أن هذه النتائج ستعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. 

وقال إنه جاء إلى المغرب على رأس وفد حكومي كبير يمثل الإتحاد الروسي بكل مكوناته، معززا ببعثة اقتصادية مهمة، وذلك بهذه فتح مرحلة جديدة في العلاقات مع المغرب. 

وأضاف رئيس الحكومة الروسية أن المغرب يعتبر شريكا استراتيجيا لروسيا على الصعيد العربي والإفريقي، وأن البلدين يجمعهما تشاور مستمر في القضايا السياسية الإقليمية والعالمية. وقال "المغرب شريك موثوق ومستقر. وعلاقاته مع روسيا عريقة، إذ كان هناك تعاون دبلوماسي وتبادل البعثات الدبلوماسية بين بلدينا خلال القرن 18، وعند استقلال المغرب كانت روسيا أول دولة اعترفت به. ومند ذلك الحين طورنا علاقاتنا بشكل كبير، ونحن اليوم نتوجه إلى فتح صفحة جديدة".

من جانبه، أكد رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، على الأهمية التي تكتسيها زيارة الوزير الأول الروسي، مشيرا إلى أنه أول رئيس حكومة للإتحاد الروسي الذي يزور المغرب. وأوضح أن البلدين "ملتزمان في إطار الشراكة الاستراتيجية العميقة ومتعددة الأبعاد التي أبرمناها خلال زيارة العاهل المغربي لروسيا في 2016. 

وأضاف أن الزيارة الحالية فتحت مجالات جديدة للتعاون، من بينها التعاون الأمني والعسكري بتوجيه من العاهل المغربي الملك محمد السادس. وأضاف العثماني أن من أبرز النتائج السياسية لهذه الزيارة إستشراف آفاق التعاون بين المغرب والمجموعة الاقتصادية الأوروبية - الآسيوية التي تضم 5 دول وتأوي زهاء 200 مليون من السكان، إضافة إلى آفاق التعاون الثلاثي بين المغرب وروسيا وإفريقيا. وأوضح العثماني أن هذه التوجهات الجديدة تعكس حرص العاهل المغربي الملك محمد السادس على توازن وتنويع العلاقات الدولية للمغرب.

من جهة اخرى، منحت جامعة محمد الخامس بالرباط، اليوم الأربعاء بالرباط، شهادة دكتوراه فخرية لرئيس الحكومة الروسية، وذلك تقديرا لجهوده المبذولة في مجال النهوض بالابتكار والتكنولوجيا.

واختارت جامعة الرباط، ترسيخا لتقاليدها الهادفة إلى الإشعاع الثقافي والعلمي والنهوض بالامتياز، تكريم ميدفيديف اعترافا باطلاقه سنة 2009 "برنامج التحديث ميدفيديف" الذي يهدف إلى تحديث المجتمع الروسي وخلق نموذج اقتصادي مبتكر يرتكز على تطوير واستخدام التكنولوجيا المتطورة .

وأكد رئيس الحكومة الفيديرالية الروسية، في كلمة بالمناسبة، أن المغرب يعد "شريكا عريقا وموثوقا"، مشيرا إلى أن روسيا تقيم علاقات استراتيجية مع المغرب منذ أكثر من قرنين واعتبرت المغرب على الدوام شريكا وحليفا استراتجيا "بما في ذلك خلال الحقبة السوفياتية".

وأبرز ميدفيديف، الذي قال إنه "فخور جدا بهذا التكريم"، مشيرا الى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الملك محمد السادس إلى روسيا والتي أثمرت عن عدة اتفاقيات ثنائية في المجال الاقتصادي، ستمكن من إعطاء زخم جديد للعلاقات الروسية - المغربية، مشيرا إلى أن هذه العلاقات "الديناميكية" لا تشكل فرصا استثمارية فحسب بل علاقات نوعية وللتعاون فى المجال الانساني.كما سلط ميدفيديف الضوء على دور الجامعة في نشر العلوم والثقافة وفي التنمية، مبرزا أن الاقتصاد العالمي يقوم على الابتكار والتكنولوجيا، وأن "الإنسان اليوم يستمر في التعلم طيلة حياته".

وقال ميدفيديف، من جهة أخرى "إن الاقتصاد الروسي ليس منغلقا بتاتا " وإن قطاع التعليم العالي الروسي اليوم يتوفر على جامعات من مستوى عال مع قدرات استقبال كبيرة، معبرا عن فخره بآلاف المغاربة الذين يتوجهون للدراسة في روسيا ويعودون لاستثمار الكفاءات والخبرات المكتسبة في بلدهم .

وأشار رئيس الحكومة الذى شجع أيضا الطلاب المهتمين بتعلم اللغة الروسية على الانضمام إلى البرامج التي تعدها بلاده في هذا المجال، إلى انه لدى الشعبين والبلدين العديد من الفرص لتحسين تعاونهما، وإعطاء دفعة جديدة للعلاقات التاريخية والاستراتيجية الثنائية التي تتطور باستمرار.

بدوره، أكد رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد أمزازي، أن هذا الحفل يعكس عمق العلاقات العريقة التي تربط المغرب بروسيا، مشيرا إلى أن هذا التكريم الذي يندرج في إطار إرادة الملك محمد السادس والرئيس فلاديمير بوتين لتكثيف وإضفاء دينامية جديدة على العلاقات الاستراتيجية بين المغرب وروسيا، يمثل يوما تاريخيا وشرفا بالنسبة للجامعة المغربية وللمغرب.

وأبرز أمزازي أيضا أن روسيا التي تضم حاليا أكثر من 25 مليون مسلم، تهتم بتدبير الشأن الديني بالمغرب بفضل إسلام التسامح والانفتاح الذي تدعو إليه المملكة.

وتابع أن المغرب "في نظر روسيا ليس مجرد بلد مغاربي بل قوة إفريقية حقيقية، تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي، وتمثل حلقة وصل بين أوروبا وإفريقيا وقادرة على تسهيل الاتفاقيات الاقتصادية والتعاون الأمني بين روسيا ومختلف بلدان القارة الإفريقية"، مذكرا بأن المغرب يعد أول شريك تجارى لروسيا بإفريقيا وبأن روسيا تعد سوقا أساسية للمنتجات الفلاحية المغربية.


.