باريس: انتخبت اودريه ازولاي (49 عاما) وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة، مساء الجمعة مديرة عامة لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في مواجهة القطري حمد الكواري، في استحقاق غلب عليه الطابع السياسي غداة انسحاب الولايات المتحدة واسرائيل من المنظمة.

ويأتي فوز ازورلاي بهذا المنصب بعد ست جولات من التصويت، في وقت باتت اليونسكو مسرحا لمواجهة دبلوماسية خصوصا بين الدول العربية واسرائيل التي تتهم المنظمة الاممية بالانحياز للفلسطينيين.

وخيم التوتر على انتخاب خليفة المديرة السابقة البلغارية ارينا بوكوفا، إذ اعلنت واشنطن انسحابها من المنظمة التي اعتبرتها "معادية لاسرائيل" التي انسحبت هي الاخرى.

وسيتعين على المديرة الجديدة ازولاي لم شمل المنظمة ومحاولة اقناع الطرفين بالعدول عن قرار الانسحاب. 

ووفق النتائج الرسمية، حصلت ازولاي على ثلاثين صوتا فيما حصل خصمها حمد بن عبد العزيز الكواري، وهو وزير ثقافة سابق ومستشار في الديوان الاميري منذ 2016، على 28 صوتا من الاعضاء ال58 للمجلس التنفيذي.

وسيصادق المؤتمر العام للدول الاعضاء في المنظمة على هذه النتيجة في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر.

وشغلت ازولاي منصب وزيرة الثقافة في آخر حكومات الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند.وسبق لها ان عملت مديرة مالية في المركز الوطني للسينما قبل ان تصبح نائبة مدير المركز. 

واودري ازولاي ابنة اندريه ازولاي مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس وتلقت دروسها في المدرسة الوطنية للادارة التي تخرج نخبة الشخصيات الادارية الفرنسية.

وسيكون امام الوزيرة الفرنسية السابقة مهمة صعبة لاصلاح البيروقراطية المترهلة في المنظمة التي تم تأسيسها قبل نحو 70 عاما.

وأشاد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بفوزها على تويتر قائلا إن "فرنسا ستستمر في الكفاح من أجل العلم والتعليم والثقافة في العالم".

وقالت ازولاي للصحافيين قبل اقتراع الجمعة الحاسم إنها إذا انتخبت ستعمل على "استعادة فعالية ومصداقية" اليونسكو، التي قالت انها تمر ب"أزمة سياسية عميقة".

انقسام عربي

واستفادت ازولاي من انقسام عربي حاد لتامين الفوز بمنصبها المرموق. 

وفشل القطري الكواري الذي ظل متقدما خلال معظم جولات التصويت في ضمان دعم الدول الخليجية، التي تشكل جزءا من التحالف الذي تقوده السعودية ضد بلاده، في الجولة الاخيرة للتصويت.

وخلال جولة جديدة من التصويت بعد ظهر الجمعة حصلت المرشحة الفرنسية على 31 صوتا مقابل 25 صوتا للمرشحة المصرية مشيرة خطاب، ليتم استبعاد الاخيرة. 

وسارعت الحكومة المصرية الى الدعوة للتصويت لصالح مرشحة فرنسا أمام المرشح القطري علما أن مصر من الدول الأربع التي قطعت علاقاتها مع الدوحة منذ حزيران/يونيو.

وقال عضو في حملة المرشحة خطاب أن وزير الخارجية المصري سامح شكري "يدعو كل أصدقائه للتصويت لفرنسا" خلال الدورة الأخيرة للتصويت. 

في حزيران/يونيو الفائت، قطعت السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر متهمة اياها بدعم مجموعات متطرفة والتقرب من ايران.

وفرضت الدول الاربع حظرا على قطر التي رفضت كل الاتهامات الموجهة اليها واعتبرتها تدخلا في سياستها الخارجية.

ودفع هذا السيناريو غير المتوقع اليونسكو الى تنظيم جولات مرحلية لتوزيع اصوات المرشحتين في مواجهة المرشح القطري. 

"انحياز ضد اسرائيل"

وتعاني اليونسكو من غياب الاجماع ومن الحاجة الى الاصلاح، وخصوصا بعد اعلان الولايات المتحدة واسرائيل الخميس انسحابهما منها.

وأعلنت وزارة الخارجية الاميركية في بيان أن "القرار لم يتخذ بتسرّع وهو يعكس قلق الولايات المتحدة من متأخرات الدفع المتزايدة في اليونسكو والحاجة الى اصلاحات اساسية في الوكالة ومواصلة انحياز اليونسكو ضد اسرائيل".

وعلقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت قائلة "هل سنواصل دفع مزيد من الاموال لمنظمة منحازة ضد اسرائيل"؟

وأعربت المديرة العام السابقة بوكوفا عن "الاسف العميق" للقرار الاميركي. وقالت الجمعة لاذاعة "فرانس انفو" ان "الطابع العالمي للمنظمة مهدد" مشددة على ان "العديد من المؤسسات الثقافية في الولايات المتحدة ومنظمات غير حكومية" عبرت عن "خيبة املها".

وبعد ساعات على الاعلان الاميركي، أعلنت اسرائيل بدورها قرارها بالانسحاب من المنظمة، معتبرة انها "مسرح للعبث يشوه التاريخ بدلا من الحفاظ عليه".

وكان التوتر كامنا منذ سنوات على خلفية مواقف اليونسكو المثيرة للجدل حول القدس والخليل.

وزاد انضمام فلسطين الى المنظمة في العام 2011 من التوتر، وأدى الى تعليق المساهمات المالية الاسرائيلية والاميركية التي توازي قسما مهما من ميزانيتها.

في تموز/يوليو، حذرت واشنطن من انها ستعيد النظر في علاقتها مع اليونسكو، معتبرة أن قرار المنظمة اعلان الخليل في الضفة الغربية المحتلة "منطقة محمية" في التراث العالمي "اهانة للتاريخ".

وأثار القرار غضب اسرائيل، إذ يقيم نحو 800 يهودي تحت حماية عسكرية في الخليل التي يبلغ عدد سكانها 200 الف فلسطيني.

ويدخل الانسحاب الاميركي من المنظمة حيز التنفيذ اواخر 2018، وستحتفظ بمقعدها بصفة مراقب.

وهذه ليست المرة الاولى التي تنسحب فيها الولايات المتحدة من المنظمة، فقد قامت بذلك في العام 1984 ابان حكم رونالد ريغان احتجاجا على سوء الادارة المالية للمنظمة ولم تعد اليها الا العام 2002.