إيلاف من الرياض: استبعد كتّاب وإعلاميون كويتيون لـ«إيلاف» انعقاد القمة الخليجية التي كان من المقرر أن تستضيفها الكويت في ديسمبر المقبل، لافتين الى أن التراشق الإعلامي الذي تولد عن الأزمة الخليجية بين السعودية والامارات والبحرين من جهة، وبين قطر من جهة أخرى، ترك في القلب ندوبًا يصعب تجاوزها حتى مرور الزمن.

وكانت «إيلاف» نقلت عن مصادر خاصة قبل أسبوع أن «لا قمة خليجية … وإذا عقدت ففي الرياض ومن دون قطر» (التفاصيل)

بداية تحدث الكاتب السياسي محمد الرميحي، فقال: "على الرغم من القول الشائع إن في السياسة توقع الامتوقع، فإن ما يظهر حتى الآن هو أن القمة الخليجية المفترض إقامتها في الكويت في ديسمبر هي في الأغلب في مهب الريح".

وبحسبه، منذ آخر مايو الفائت، عندما اندلعت أزمة الخليج، لم يجرِ أي اجتماع لأي مؤسسة مشتركة لمجلسي التعاون. وحتى تلك الاجتماعات التي كانت فنية ومقررة وبعيدة عن العمل السياسي المباشر، لم تحصل. فإذا اخذنا في الاعتبار أن أية قمة يحتاج التحضير لها الى وقت معقول، فإننا نجد انفسنا في إطار ترجيح تأخير القمة أو حتى عدم انعقادها. وإن قرأنا التصريحات والمقالات الصحفية من الجانبين، فسوف نتعرف على السوية العالية من الحساسية التي ما زالت عالقة بين الاطراف المختلفة».

أضاف الرميحي: «من هنا، المتوقع أولًا أن لا تعقد القمة في وقتها المحدد (ديسمبر 2017)، وربما تؤجل شكلًا الى وقت لاحق بعد أن تظهر أكثر ما سوف يكون من تطور في السياسة الأميركية تجاه إيران، والتي ستذهب إلى المطبخ في الأسابيع القليلة المقبلة، أي إلى الكونغرس، بعد أن يجولها رئيس الولايات المتحدة كما هو متوقع، عدا أن الملف الكردي العراقي الايراني التركي سيوضع على نار ساخنة في الأسابيع القليلة المقبلة، ما يشكل تحديات أخرى لمنظومة مجلس التعاون الخليجي. ومع التهديد الايراني الذي أطلقه قائد الحرس الثوري، فإن الاحتمال أن تتدخل ايران بشكل ناشط في الخليج من جانبين: الأول، إيقاظ الخلايا النائمة التابعة لها في بعض دول الخليج؛ والثانية، أن تستفيد من الشق الخليجي لتزيد من الانشقاق والتشرذم لتحقيق مصالحها وإزعاج حلفاء الولايات المتحدة».

مستقبل غامض

حول الحديث عن تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون، قال الرميحي لـ«إيلاف»: «لا أعتقد في الظروف الحالية أن نصل الى مرحلة تجميد عضوية قطر، فما زلنا في مرحلة البحث عن توافق معقول يرضي الأطراف كلها من دون أن يمس بالسيادة الوطنية، لا لسبب إلا لأن المخاطر في التجميد او العزل اكثر من المصالح المرتجاة، خصوصاً في ضوء أن التجميد يحتاج الى قرار أكثري أو جماعي، وهو غير متوافر الآن».

قلل الرميحي من شأن الشائعات التي تتحدث عن دعوة المعارضة القطرية لحضور القمة. قال: «لا أعتقد من السياسة الحصيفة دعوة معارضة قطرية لاجتماع مجلس التعاون، لأن فيها من المخاطر اكثر مما فيها من المكاسب. حقيقة الأمر أن كثيرين مثلي في حيرة شديدة، فالحديث عن مجلس التعاون والرغبة في اقامة تواصل بين دول الخليج تدفع إليها صلات القربى والمصالح المشتركة والأخطار الكبرى المحيطة بالجميع، وهي ثلاثية يشعر بها المواطن الخليجي بل إن بعض المؤسسات الطوعية الاهلية مثل منتدى التنمية الخليجي الذي يضم مهتمين في موضوع التنمية من ابناء الخليج، قد اقاموا تجمعهم حتى قبل ظهور مجلس التعاون كمؤسسة، وله اليوم 38 سنة، وهذا أحد الأدلة على الشعور العام بالمستقبل الواحد، حيث إن التطورات الكبرى في المنطقة لن تتيح للكيانات الصغرى العيش بسلام، فمجلس التعاون ملاذ آمن للجميع، عدا المصالح الاقتصادية التي ترتبت حتى الآن عن العمل معًا في هذه الرابطة».

لا حل قريباً

تابع الرميحي لـ "إيلاف": "من جانب آخر، لم تعد الدول الكبرى مهتمة بالمنطقة كما في السابق، بل إن عدم الاهتمام سيتزايد في المستقبل مع وجود بدائل للطاقة، فالافضل البحث الجدي عن استراتيجية خروج Exit Strategy من هذه الازمة، عقلانية ومستفيدة من دروس الازمة، ورأيي أن هناك من الحكماء في الخليج من يستطيع أن يتوصل الى تلك النتيجة، لأن الحسابات على الأرض كلها مؤدية، في نظري، الى خسارة بل وخسارة كبرى! شاهدنا أيضًا أن جميع الدول التي حاولت التدخل السياسي في الأزمة فضلت أن يكون الحل في البيت الخليجي، وهذا يعني أشياء كثيرة مهمة، فالدول تلك لا ترى سببًا في التدخل المباشر، وترى أهمية بقاء هذه المنظومة من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة ترزح تحت الاضطراب و الحروب".

وتحدث الكاتب سعد بن طفلة العجمي لـ "إيلاف" فقال: "أعتقد أن المعطيات تقول إن انعقاد القمة الخليجية صعب بسبب تعقد الأزمة الخليجية حاليًا. وإبعاد قطر مستبعد جدًا لأن الكويت تقوم بدور المضيف للقمة، ومن الصعب أن تستبعد أي طرف، خصوصًا أن الكويت تقوم بمجهود كبير للم الشمل الخليجي، والقيادة السياسية في الكويت ممثلة بالشيخ صباح الأحمد لن تتوقف عن الجهود المبذولة في محاولة رأب الصدع وحل هذه الأزمة".

أضاف العجمي: "بصراحة، متابع هذه الأزمة وعمقها بواقعية لا يمكن أن يتخيل حلها في القريب العاجل، فالتفاؤل شيء والواقعية شيء آخر، والتشاؤم نوع من الواقعية وربما يكون التفاؤل نوعًا من الرومانسية".

الإعلام عمّق الأزمة

وتابع العجمي: "لنعترف بأن الأزمة عميقة جدًا، وهي تتعمق يومًا بعد يوم من خلال وسائل الإعلام، وهذا يساعد على التباعد ويعزز التشاؤم، والأمل بأن يتم الحل داخل البيت الخليجي من خلال قيادة خليجية حكيمة وذات تجربة دبلوماسية وخبرة طويلة ممثلة بالشيخ صباح الأحمد".

قال العجمي لـ"إيلاف": "ما زلت أذكر ممارسات قناة الجزيرة وآذاها منذ انطلاقتها في منتصف التسعينيات الميلادية، وعايشت ذلك حين كنت وزيرًا للإعلام، لكن الأزمة أعمق من قناة، لذلك لا أعرف كيف يمكن معالجة الأزمة من دون معالجة خطاب الكراهية، ومن دون معالجة التراشق الإعلامي المؤلم الذي لم نعهده في الساحة الخليجية"، مؤكدًا أن الإعلام عمق الخلاف الخليجي.

وناشد العجمي كل المخلصين والحريصين على تجاوز هذه الأزمة التخفيف من حدة التراشق الإعلامي، "لأن عاجلًا أو آجلًا لكل مشكلة حل، لكن المشكلات تترك تبعاتها وآثارها، وكلما عمقنا الخلاف الإعلامي، ترك هذا الخلاف ندوبًا في قلوبنا وتاريخنا يصعب تجاوزها".