انتقدت صحف عربية عدة ما وصفته ب "ضيق الأفق" الذي دفع رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلي المضي قدما في الاستفتاء مما قاد إلى التطور الحاصل في كركوك.

يذكر أن مركبات مدرعة تابعة للجيش العراقي دخلت مدينة كركوك بعد التقدم لمدة لم تتجاوز 24 ساعة، ويأتي هذا بعد شهر من إجراء السلطات في كردستان استفتاء جاءت نتيجته لصالح الانفصال عن العراق.

وتقول الخليج الإماراتية في افتتاحيتها إن "التطورات المتسارعة التي شهدتها وتشهدها محافظة كركوك العراقية منذ يومين، ثبّتت المخاوف، التي أبداها الكثير من المراقبين من أن تتحوّل كردستان العراق إلى جبهة حرب جديدة".

وتضيف الجريدة أن ما يحدث هو "نتيجة لم يكن ليصل إليها العراق، لولا الحسابات الضيّقة التي حكمت قرار رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، بإجراء الاستفتاء، رغم مخالفته للدستور العراقي، ومعرفته المسبقة بأن إجراء كهذا لن تقبل به بغداد ولا أي من دول الجوار، وهي تركيا وإيران وسوريا".

وترى الخليج أن "الموقف، رغم خطورته، ما زال بالإمكان احتواؤه، إذا ما استجاب الأكراد لصوت العقل والانخراط في حوار سياسي شامل مع بغداد يضع الأمور في نصابها الصحيح، ويفرمل الانجرار نحو إشعال المنطقة بأكملها بحروب لا تبقي ولا تذر".

في السياق ذاته، يقول مازن حماد في صحيفة الوطن القطرية إن "ضيق الأفق كان واضحاً عندما احتلت القوات الكردية كركوك، وعندما نفذت استفتاء سبتمبر بشأن استقلال الأكراد، وعندما ضمت المدينة المتنازع عليها والمتعددة الاعراق الى مشروع الاستفتاء، وتعاملت معها كمدينة كردية، رغم ان نسبا عالية من العرب والتركمان تقطن كركوك منذ قرون".

ويضيف الكاتب أن "ما جرى إذن يقع في اطار تحرك داخلي شرعي تأديبي، لمحاسبة اقليم يهدد بالانفصال بالقوة ودون موافقة الحكومة المركزية، في انتهاك فاضح لمواد الدستور".

كتب محمد بركات في صحيفة الأخبار المصرية قائلاً إن "كل الأنباء القادمة من كركوك لا تبعث علي الاطمئنان، بل تدعو للقلق وتثير المخاوف من اندلاع شرارة القتال بين القوات العراقية والكردية، المحتشدة علي جانبي المدينة المتنازع عليها، وتحوله إلي حرب شاملة تهدد الإقليم والمنطقة كلها ويصعب السيطرة عليها أو وقف تمددها".

ويضيف بركات أنه "ليس خافيا علي أحد ان استقلال كردستان العراق لو تحول إلي واقع قائم ومنفذ بالفعل، سيكون بمثابة الخطر الجسيم علي مستقبل الدولة العراقية، التي تعاني بالفعل الآن من عدم الاستقرار، وسيكون هو البداية الحقيقية لتقسيم العراق، وما يتبعه من تداعيات محتملة ومتوقعة لانشقاق وانفصال أجزاء أخري عن الدولة العراقية كما نعرفها الآن".

"فتنة كركوك"

قوات عراقية قرب كركوك
Reuters

أما سمير السعداوي فقال في صحيفة الحياة اللندنية إن "تقدم القوات العراقية إلى كركوك خطر، والأخطر من ذلك أن يشارك فيه (الحشد الشعبي) الذي يعمل تحت إمرة القيادة العراقية بمباركة مرجعيته في النجف، ما يعطي جدية للتحذيرات من أخطار (حرب أهلية) في كركوك، في وقت لا تحتاج المنطقة إلى تصعيد مع بروز مخاوف أقرب ما تكون إلى مؤشرات لاحتكاك محتمل بين الإيرانيين والأمريكيين الباحثين عن فرصة إضافية للشكوى من طهران و (طيشها) الإقليمي، وميلها إلى افتعال المواجهات وصولاً إلى تسويات".

من جانبه، يقول جاسم الشمري في صحيفة الغد الأردنية "إن ما لا نتمناه أن تكون ورقة كركوك محاولة من بعض الأطراف الحكومية للدعاية الانتخابية ولو كانت تلك الدعاية مكتوبة بدماء الأبرياء تحضيراً للانتخابات المقبلة بعد أن وجدت الكثير من الأحزاب نفسها أمام نقمة شعبية نتيجة الأداء غير المنتج، بل والتدميري الذي نلمس آثاره في العديد من زوايا العراق ومنها كركوك التي ربما ستكون القشة التي ستقصم ظهر البعير وحينها لم يعد هنالك أي وجود لعراق موحد، ولا حتى لكردستان، والمحصلة ستكون هدية مجانية تقدمها السياسات الخاطئة لأعداء العراق والأمة".

ويمضى الكاتب موضحاً أن " هذا التصعيد الخطير في كركوك لا يمكن أن يقود القضية المعقدة لحلول منطقية في ظل الظروف السياسية والأمنية غير الواضحة التي يمر بها العراق، وربما ستكون فتنة كركوك الشرارة التي ستحرق العراق وتقسمه".