الرباط: دشن العاهل المغربي الملك محمد السادس الجمعة بالرباط مشروع توسعة "معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات"، والذي يهدف الرفع من القدرة الإستيعابية للمعهد من أجل مواكبة الطلب المتزايد للبلدان الإفريقية على المرشدين والمرشدات المؤهلين لتأطير الأئمة والوعاظ.

وأوضح أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي ، إن هذه التوسعة تعتبر الثالثة من نوعها منذ انطلاق المعهد في سنة 2015، وتهدف إلى مسايرة إشعاعه الدولي والإقبال الكبير الذي أصبح يصادف باعتباره مرجعا فريدا على الصعيد الإفريقي في مجال تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات.

 وأشار التوفيق إلى أن المشروع يتضمن بناء جناح ثالث باستثمار إجمالي قدره 165 مليون درهم(16 مليون دولار). ويمتد المشروع على مساحة 10 آلاف متر مربع، حيث ويشتمل على جناح بيداغوجي بسعة 640 مقعدا ، ومدرج كبير به 1100 مقعد، وجناح للسكن يضم 350 سريرا. 

العاهل المغربي لدى تسليمه شهادات التخرج من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات

وأكد التوفيق، في كلمة ألقاها خلال حفل التدشين، أن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات يعد "إنجازا عظيما في معناه وأهدافه” للعاهل المغربي، مضيفا أنه منذ إحداثه "وسمعته تطبق الآفاق، فلا يمضي أسبوع وإلا وحجت لزيارته الوفود، ولاسيما من الدبلوماسيين والإعلاميين الأجانب، وكذا من الشخصيات المرموقة التي تأتي في زيارات رسمية للمملكة الشريفة". وأضاف التوفيق، موجها كلامه للعاهل المغربي، أن المعهد صار بحق "عنوانا من عناوين وفائكم لشروط الإمامة العظمى، وعلامة بارزة على النهج الأمثل الذي رسمتموه لتبليغ حقيقة الدين وحمايته من الجاهلين والمنتحلين والمتطرفين"، مضيفا أن الملك محمد السادس أبى إلا أن يتم إدراجه ضمن مؤسسات جامعة القرويين في إصلاحها الجديد. 

وأبرز الوزير التوفيق أنه وبأمر من العاهل المغربي، باعتباره أمير المؤمنين، تم إحداث هذا المعهد النموذجي الذي يستقبل أفواجا من الطلبة الأجانب بقصد التكوين في مجال الإمامة والإرشاد، مضيفا أن الملك محمد السادس أمر بالرفع من طاقته الاستيعابية مرتين، وذلك "على أساس خبرة العاهل المغربي العميقة بالوضع الدولي الذي يواجه فيه عدد من البلدان الإرهاب بلبوس الدين، وعلى أساس تضامن الملك محمد السادس مع البلاد الإفريقية خاصة". 

ويستقبل المعهد، حسب التوفيق،كل عام نخبة من 150 من الشبان المغاربة الحاملين للإجازة بدرجة التميز، والحافظين حفظا تاما للقرآن الكريم، قصد إخضاعهم لتكوين لمدة 12 شهرا، يؤهلهم ليكونوا أئمة مرشدين مكلفين تأطير ومواكبة باقي الأئمة في مهامهم. كما يستقبل المعهد إلى جانب هؤلاء كل عام، مائة من الطالبات، بنفس المواصفات الجامعية، مع حفظ نصيب معين من كتاب الله العزيز، قصد التكوين في نفس المدة وبنفس المقرر الدراسي، ليتأهلن للعمل كمرشدات في المساجد وفي مختلف المؤسسات التربوية والاجتماعية، لتبليغ الدين والإجابة على أسئلة النساء خاصة. وأضاف التوفيق أن "مضمون التعليم في المعهد يشمل تَكمِلات في العلوم الشرعية واللغوية ومداخل للعلوم الإنسانية، كما يتضمن دراسات منهجية وتطبيقات عملية على الإمامة والخطابة والوعظ، تهتدي كلها بالقصد المتمثل في تصحيح معارف الدين بمقتضى الثوابت الحامية من الغلو والتطرف”. 

ويؤطر هذا التكوين، يضيف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية" ثلة من العلماء الذين يسيرون على هدي الإمامة العظمى في حماية الدين، الواعين بالسياق العصري الذي يتطلب فهم الأحوال وتوعية الناس بالاختيارات التي تنخرط فيها الأمة، مع حفظ دينها ووحدتها في توافق مع مسيرتها في الرقي والتنمية”. وقال التوفيق إنه وبأمر من العاهل المغربي، بصفته أميرا للمؤمنين والقائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تم في المعهد إحداث قسم خاص لتكوين الأئمة المرشدين المرشحين للتأطير الديني في صفوف القوات المسلحة الملكية، موضحا أن عدد طلبة هذا الفوج ناهز 100 طالب، حيث تم بالتنسيق مع القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية إعداد مشروع دليل لكافة المؤطرين الدينيين في صفوف هذه القوات، وسيعرض هذا الدليل قبل النشر على أنظار العاهل المغربي. 

وأشار التوفق ، من جهة أخرى، إلى أن تكوين الأئمة من البلدان الأجنبية، يشمل تكوينا أساسيا وتكوينا قصير المدى، مضيفا أن الجميع يشهد بأن فتح هذا التكوين بالمعهد ابتكار من الملك محمد السادس، وتتأكد في أنحاء العالم على الصعيدين الرسمي والشعبي الإشادة به وفهم مراميه وأبعاده. وحسب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، فقد استقبل المعهد طلبة للتكوين من كل من مالي وغينيا كوناكري وكوت ديفوار وتونس وفرنسا ونيجيريا وتشاد . 

حيث تخرج من المعهد من طلبة هذه البلدان لحد الآن، 712 إماما ومرشدة في التكوين الأساسي التحقوا ببلدانهم. كما استفاد من دورات التدريب القصير الأمد الخاص بالأئمة العاملين في المساجد، 35 من الغينيين و33 من الفرنسيين و107 من النيجيريين و79 من التشاديين و37 من التونسيين، بينما يبلغ عدد الأجانب الموجودين حاليا بالمعهد 778 طالبا. وأبرز التوفيق أن تفويج الطلبة يتم حسب بلدانهم، ويتلقون نفس التكوين في العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية، يضاف إليه بالنسبة لطلبة كل بلد، درس في تاريخ ذلك البلد ومؤسساته، يؤطره مدرس من البلد المعني.

كما أشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس أيضا، عقب أدائه لصلاة الجمعة بمسجد "الرحمة" بالرباط، على تسليم جائزة محمد السادس للنساء المتفوقات في برنامج محاربة الأمية بالمساجد برسم السنة الدراسية 2016- 2017. وسلمت الجوائز هذه السنة لخمس نساء من محافظات الراشيدية وطنجة وكرسيف وسلا وعين الشق.

ويسعى هذا البرنامج، الذي أطلق خلال سنة 2000 من طرف الملك محمد السادس، إلى فتح المساجد "لدروس محو الأمية الأبجدية والدينية والوطنية والصحية، وذلكم وفق برنامج محكم مضبوط"، حسب الخطاب الملكي ل20 أغسطس 2000، والذي أعلن فيه عن البرنامج. وبلغ عدد المستفيدين من هذا البرنامج برسم الموسم الدراسي 2016- 2017، نحو 303 ألف مستفيد، من بينهم 237 ألفا في المستوى الأول و65 ألفا في المستوى الثاني. وعبأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال هذا الموسم، نحو 6862 مسجدا، وكلفت حوالي 7470 مؤطرا، و986 منسقا ومستشارا تربويا و370 مكونا تربويا من أجل تنفيذ هذا البرنامج.