الرباط: لم يحسم المجلس الوطني ( برلمان ) لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض خلال اجتماعه اليوم في الصخيرات (ضاحية الرباط) في موضوع استقالة أمينه العام إلياس العماري.

وقرر المجلس في ساعة متأخرة من مساء اليوم ترك اجتماعه مفتوحا وإرجاء مواصلة نقاش استقالة العماري إلى اجتماع آخر، دون تحديد موعد لذلك.

وواجه العماري خلال الإجتماع سيلاً من الانتقادات الغاضبة من الطريقة التي قدم بها استقالته من الأمانة العامة للحزب. وأجمع أعضاء المجلس الوطني على مؤاخذة العماري على كونه اتخذ قراره بشكل انفرادي من دون الرجوع إلى أجهزة الحزب ومن دون اتباع الإجراءات التي تنص عليها أنظمة الحزب في مثل هذه الحالة. كما انتقدوا قيامه بإعلان استقالته عن طريق الصحافة بدل طرحها على المجلس الوطني للحزب، باعتباره أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر العام للحزب، وممثلاً للقواعد الحزبية التي انتخبته أميناً عاماً.

غير أن أعضاء المجلس الوطني اختلفوا في ما يتعلق برفض أو قبول استقالة العماري. ففي حين اعتبر بعض أعضاء المجلس الوطني أن استقالة العماري أصبحت أمرًا محسومًا كونه اتخذ قراره وأعلنه عبر وسائل الإعلام ولا مجال لمناقشتها، اعتبر آخرون أن استقالة العماري مرفوضة ولاغية نظرًا للطريقة المخالفة للقواعد التي قدمها بها. 

وطالب أعضاء في المجلس الوطني للحزب من العماري سحب استقالته. 

وقال بعض الأعضاء أنه سيكون على المكتب السياسي بكامله أن يقدم استقالة جماعية في حال تشبث العماري باستقالته من الأمانة العامة وفي هذه الحالة سيكون على المجلس الوطني أن يدعو إلى مؤتمر استثنائي لإعادة انتخاب الأمين العام والأجهزة التنفيذية للحزب.

وانطلق اجتماع المجلس الوطني للحزب صباح اليوم وسط أجواء متوترة. ورغم أن المنظمين وجهوا الدعوة للصحافة أياما قبل انعقاد الاجتماع، إلا أن الصحافيين منعوا من ولوج قصر المؤتمرات بدعوى أن اجتماع المجلس الوطني مغلق، وأنه شأن داخلي للحزب.

وفي بداية الإجتماع ألقت فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، خطابا تناولت فيه الظرف السياسي لانعقاد الإجتماع وختمته بقراءة جدول الأعمال المتضمن لأربع نقاط، تصدرها تقديم التقرير السياسي من طرف المكتب السياسي للحزب، ثم تقارير لجان المجلس الوطني، فمناقشة مقترحات تعديل بعض مقتضيات القانون الداخلي لتنظيم المؤتمرات الجهوية للحزب، وأخيرا "إخبار باستقالة الأمين العام". 

وما أن أتمت المنصوري تلاوة نقاط جدول الأعمال حتى اهتزت القاعة بالاحتجاجات، وارتفعت الأيدي تطالب بالتدخل في إطار نقطة نظام لمناقشة جدول الأعمال. واستمرت المناقشة أزيد من ساعة، طالب خلالها بعض الاعضاء حصر جدول الأعمال في مناقشة نقطة واحدة هي استقالة العماري ، وإلغاء باقي النقاط. وشرع العديد من المتدخلين في مناقشة استقالة العماري ، وطرح معظم الاعضاء أسئلة حول سبب إدراج هذه النقطة التي اعتبروها مهمة في آخر جدول الأعمال واعتبارها مجرد إحاطة أو إخبار.

في غضون ذلك ، انقلب جدول أعمال الإجتماع رأسًا على عقب، وأصبحت استقالة العماري هي الموضوع الرئيسي. فأخذ العماري الكلمة لتفسير موقفه. وأخبر أعضاء المجلس أنه هو من اقترح على رئيسة المجلس إدراج موضوع استقالته في شكل إخبار في ذيل جدول الأعمال.

وحول أسباب استقالته ، تمسك العماري بنفس الأسباب التي عبر عنها خلال المؤتمر الصحافي الذي اعلن فيه استقالته بداية أغسطس الماضي، معتبرا أنه قدم استقالته تجاوبًا مع مضمون الخطاب الملكي بمناسبة عيد الجلوس، والذي تضمن انتقادات شديدة للمسؤولين في الأحزاب والإدارة ، داعيا إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة وإلى استقالة من يتهاون في القيام بمسؤولياته. 

وقال العماري أنه شعر بأنه مسؤول عن ضعف أداء منتخبي الحزب في البلديات والبرلمان باعتباره المسؤول عن انتقائهم وتزكيتهم. واضاف أنه كان يتوقع أن يحذوا باقي زعماء الأحزاب السياسية حذوه ، لكنهم لم يفعلوا.

وبعد ذلك ، واصل الاجتماع أشغاله طبقًا لجدول الأعمال الأصلي حيث استمع المشاركون إلى تقارير المكتب السياسي ولجان المجلس، بالإضافة إلى التعديلات المقترحة على النظام الداخلي للمؤتمرات الجهوية للحزب. 

وبعد الانتهاء من التقارير طلب أزيد من 80 عضواً أخذ الكلمة لمناقشة الإستقالة والتقارير المطروحة على الاجتماع. واستمر النقاش إلى ما بعد التاسعة مساء قبل أن يقرر المجلس ترك اجتماعه مفتوحًا، وإرجاء الحسم في موضوع الاستقالة المثيرة للجدل.