مدريد: بدا القادة الاستقلاليون في كاتالونيا متحفظين في كشف نواياهم في بداية اسبوع حاسم، بعد الاجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة الاسبانية لاستعادة السيطرة على منطقة تهدد بالانفصال.

ويعقد قادة الكتل البرلمانية في كاتالونيا اجتماعًا صباح الاثنين لدعوة النواب الى دورة جديدة بكامل الاعضاء، في جلسة يمكن ان تشكل فرصة لاعلان الاستقلال من جانب واحد.

وقال جوردي تورول الناطق باسم الحكومة الانفصالية الكاتالونية "يجب ان نتخذ القرارات باكبر قدر من الوحدة"، مديناً تدابير مدريد التي اعتبرها "انقلاباً على المؤسسات في كاتالونيا". واكد ان "كل السيناريوهات" مطروحة للتصدي لذلك.

وأعلن رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي السبت اجراءات تتضمن إقالة رئيس كاتالونيا كارليس بوتشيمون وجميع أعضاء حكومته، الذين أثاروا أسوأ أزمة سياسية تشهدها اسبانيا منذ عودة الديموقراطية في 1977.

ويتوقع أن يقر مجلس الشيوخ الاسباني الاجراءات بحلول نهاية الأسبوع المقبل. ويمتلك حزب راخوي المحافظ (الجزب الشعبي) الأغلبية في المجلس فيما تدعم أحزاب كبرى أخرى جهوده في منع انفصال جزء من البلاد. 

وستسيطر مدريد بموجب الاجراءات المقترحة على وزارات المنطقة. 

قضية حساسة

وأثار التحرك غضب الانفصاليين ونزل نحو نصف مليون متظاهر السبت إلى شوارع برشلونة، فيما اتهم بوتشيمون رئيس الوزراء الاسباني بشن "اسوأ هجوم على مؤسسات وشعب كاتالونيا منذ مراسيم الديكتاتور العسكري فرانشيسكو فرانكو". 

ورغم الانقسام العميق في اوساط الكاتالونيين بشأن الانفصال عن اسبانيا، تبقى مسألة الحكم الذاتي قضية حساسة في المنطقة التي تضم 7,5 ملايين نسمة وتدافع بشراسة عن لغتها وثقافتها وتتولى إدارة جهاز شرطتها وقطاعي التعليم والصحة.

وكان رئيس كاتالونيا كارليس بوتشيمون اعلن ان تسعين بالمئة من الذين شاركوا في الاستفتاء صوتوا لصالح الانفصال عن اسبانيا، مؤكدا ان نسبة المشاركة في التصويت بلغت 43 بالمئة.

ويقول مؤيدو انفصال كاتالونيا ان الاقليم الغني يمكن ان يزدهر اذا ما مضى في خطته، لكن المعارضين يقولون ان كاتالونيا أقوى كجزء من اسبانيا وان الانفصال يمكن ان يؤدي الى كارثة اقتصادية وسياسية.

ويعتبر اقليم كاتالونيا الواقع في شمال شرق اسبانيا، والذي توازي مساحته مساحة بلجيكا، احدى المناطق الاكثر استراتيجية لاسبانيا، ورابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

ويمثل الاقليم الذي يملك لغة وثقافة خاصتين به ويحاذي البحر المتوسط وجبال البيرينيه، 6,3 بالمئة من مساحة اسبانيا و16 بالمئة من سكانها وخمس اجمالي ناتجه الداخلي، ويمكن ان يترك عدم استقراره آثارًا سلبية جدًا على الاقتصاد الاسباني، حتى ان مدريد راجعت توقعاتها للنمو في 2018 من 2,6 الى 2,3 بالمئة من الناتج الاجمالي.

في ما ياتي تذكير بأبرز الأحداث منذ الاستفتاء حول تقرير المصير الذي اجراه في الاول من اكتوبر القادة الانفصاليون في كاتالونيا، وأغرق اسبانيا في اخطر ازمة سياسية تواجهها منذ عودة الديموقراطية في 1977:

الاول من اكتوبر: استفتاء وعنف

بعد توتر استمر ايامًا، احتشد الاف الكاتالونيين امام مراكز الاقتراع للمشاركة في استفتاء حول الاستقلال، أجري على رغم حظره بقرار من المحكمة الدستورية وقاطعته الاحزاب التي تعارض الاستقلال.

حاولت الشرطة منع اجراء الاستفتاء في حوالى مئة مركز. وراقبت قوى الامن المتظاهرين واطلقت الرصاص المطاطي واستخدمت هراواتها. وسقط 92 جريحا على الأقل.

واكد رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي انه "لم يجرِ استفتاء" وان قوات الأمن "تقوم بواجبها".

بروكسل تعرب عن قلقها

اكدت الحكومة الانفصالية ان "نعم" للاستقلال فازت بـ 90% من الاصوات، حسب النتائج الجزئية.

ودعت المفوضية الاوروبية الى تجنب اعمال العنف والى حوار بين الحكومة المركزية والانفصاليين.

تظاهر في برشلونة والاقليم الاف الاشخاص للدفاع عن الاستفتاء والتنديد بأعمال العنف.

خطاب الملك

اضراب عام بناء على دعوة حوالى اربعين منظمة نقابية وسياسية واجتماعية. وتظاهرة يشارك فيها 700 الف شخص في برشلونة للاحتجاج على اعمال العنف التي تقوم بها الشرطة.

وفي المساء، يعلن الملك فيليب السادس في كلمة تلفزيونية نادرة ان على الدولة "تأمين النظام الدستوري". وانتقد "عدم الولاء غير المقبول" للقادة الكاتالونيين.

رفض وساطة

رئيس الاقليم كارليس بوتشيمون يؤكد ان حكومته تستعد لاعلان استقلال كاتالونيا في الايام المقبلة ويأخذ على الملك انه "تجاهل بصورة متعمدة ملايين الكاتالونيين" الذين صدمتهم اعمال العنف التي قامت بها الشرطة، وكرر دعوته الى وساطة دولية، سارعت مدريد الى رفضها.

الاوساط الاقتصادية محمومة

على خلفية تراجع البورصة، اعلن بانكو سابادل، ثاني مصرف في كاتالونيا نقل مقره الى خارج المنطقة.

وسيقوم بالخطوة نفسها في اليوم التالي، عدد من المؤسسات منها ثالث مصرف في اسبانيا كايشابنك او مجموعة غاز ناتشرال للغاز الطبيعي.

خطوات تهدئة خجولة

النتائج النهائية للاستفتاء نقلت الى البرلمان الاقليمي: 90،18% يؤيدون الانفصال مع مشاركة 43%.

وتدعو الحكومة الاسبانية القادة الكاتالونيين الى حل برلمانهم والدعوة الى انتخابات اقليمية مبكرة.

الاسبان في الشارع

في 7 اكتوبر، تظاهر عشرات الاف الاشخاص في عدد كبير من المدن الاسبانية للمطالبة ب "حوار" بين الكاتالونيين وبقية انحاء البلاد.

في اليوم التالي، تظاهر ما بين 300 الف شخص كما تقول الشرطة في برشلونة، وحوالى مليون، كما يقول المنظمون، للدفاع عن وحدة اسبانيا.

ضغوط

زعيم الحزب الاشتراكي الاسباني بيدرو سانشيز، يطلب من بوتشيمون ان يتخلى عن اعلان الاستقلال من جانب واحد.

واعلن أدا كولو، العمدة اليساري الواسع النفوذ لبرشلونة، معارضته اعلان الاستقلال.

انجيلا ميركل تؤكد لراخوي دعمها اسبانيا موحدة، فيما يدعو الانفصاليون الاسكتلنديون مدريد الى احترام نتيجة الاستفتاء.

بوتشيمون يعلق اعلان الاستقلال

امام البرلمان، يعتبر بوتشيمون ان كاتالونيا "ستصبح دولة مستقلة على شكل جمهورية"، قبل ان "يعلق" اعلان الاستقلال، الذي وقعه لتوه مع نواب حزبه والاحزاب الحليفة.

وتعتبر الحكومة الاسبانية الاعلان الضمني لاستقلال كاتالونيا "غير مقبول".

مدريد تهدد

راخوي يهدد بتعليق الحكم الذاتي لكاتالونيا اذا ما اصر الرئيس الانفصالي على انه يريد قيادة منطقته الى الاستقلال.

وتذكر المفوضية الاوروبية انها تنتظر "احترامًا تامًا للنظام الدستوري الاسباني". وتنتقد باريس وبرلين وروما الطابع "غير الشرعي" و"غير المقبول" لاعلان الاستقلال.

خطر الانفصال

مدريد وصندوق النقد الدولي يحذران من ان الأزمة يمكن ان تهدد النمو في 2018، فيما تعمد عشرات المؤسسات الى نقل مقارها الى خارج كاتالونيا. وتحدثت ستاندارد اند بورز "عن انفصال ربما على الارجح".

اولى الاعتقالات

كتب بوتشيمون الى راخوي مؤكدًا ان اولويته هي "الحوار" للشهرين المقبلين. 

وحددت له مدريد مهلة اخيرة مدتها ثلاثة ايام للرد "بوضوح".

تم الاستماع الى قائد الشرطة الكاتالونية جوزب-لويس ترابيرو، المقرب من الرئيس الكاتالوني، للمرة الثانية بتهمة التحريض على الانفصال.

وفي اليوم نفسه، وضع في الاعتقال رئيسا هيئتين انفصاليتيين كاتالونيتين، هما خوردي سانشيز وخوردي كويسارت، بالتهمة نفسها.

سجناء سياسيون

احتجاجا على هذه التوقيفات، نزل 200 الف شخص الى شوارع برشلونة، وتحدث بوتشيمون عن "سجناء سياسيين".

انتهاء فترة الانذار

كتب بوتشيمون الى راخوي لابلاغه بأن برلمان كاتالونيا لم يصوت لاعلان الاستقلال، لكن يمكن ان يفعل ذلك اذا ما تابعت مدريد "القمع" من خلال تعليق الحكم الذاتي.

في مدريد، اجابت الحكومة انها تواصل تطبيق المادة 155.

المادة 155

اعلن راخوي انه سيطلب من مجلس الشيوخ السماح له باقالة الحكومة الكاتالونية والدعوة الى انتخابات اقليمية في غضون ستة اشهر.

حوالى مليون شخص يتظاهرون في برشلونة. بوتشيمون ينتقد "اسوأ هجوم على المؤسسات والشعب الكاتالوني منذ الديكتاتور العسكري فرانشيسكو فرانكو".