وضع الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقف محرج عندما شكك في صحة تقارير حول داعش كان الأخير استند إليها في تصريحات سابقة.

إيلاف من موسكو: فاجأ دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين الاوساط السياسية والاجتماعية في روسيا وخارجها بالتصريحات التي أدلي بها اليوم وأعرب فيها عن شكوكه تجاه التقرير الصادر عن "مركز صوفان"، وهو مجموعة اميركية استشارية، حول ان عدد المنحدرين من أصول روسية الذين انضموا الى صفوف تنظيم "داعش" الارهابي يبلغ قرابة ثلاثة آلاف وخمسمائة.

وفيما قال بيسكوف انه "لا يقيّم بأي شكل نتائج هذا التقرير"، لكنه يؤكد "ان روسيا لا تفهم مدى مصداقية هذه البيانات، وعلى أي أساس جرى تحضيرها، وما هي مصادر المعلومات المتوفرة لدى هذه المنظمة"، ومن ثم فقد خلص الى القول انهم في روسيا "أقرب الى التشكيك في هذه المعلومات". 

وقد اثارت هذه التصريحات الصحفية التي ادلى بها المتحدث بالكرملين الكثير من الدهشة على خلفية ما سبق واعلنه رسميًا الرئيس فلاديمير بوتين في اكثر من مناسبة حول ان عدد مواطني روسيا الذين التحقوا بصفوف تنظيم "داعش" يبلغ قرابة الاربعة آلاف، فيما يزيد الرقم بمواطني بلدان الفضاء السوفييتي السابق ليتراوح بين 7-9 الاف مقاتل. 

وكان بوتين اشار في احتفالات روسيا بذكرى الدفاع عن الوطن او ما كان يسمى حتى الامس القريب بـ"عيد الجيش الاحمر" في 23 فبراير الماضي، وفي لقائه مع ممثلي القوات البحرية من المشاركين في العمليات العسكرية لمكافحة الارهاب في سوريا، الى ان عدد الروس الذين يقاتلون في صفوف "داعش" يبلغ اربعة آلاف، بينما يبلغ عدد المقاتلين من بلدان منظومة الكومنولث ( الاتحاد السوفييتي السابق) خمسة آلاف. 

ورغمًا عن ذلك، فقد عاد الناطق الرسمي باسم الكرملين ليستشهد بما قاله بوتين لدى شرحه لمبررات العملية العسكرية الروسية التي بدأتها موسكو في سوريا في 30 سبتمبر 2015 أن بلاده تعرب عن مخاوفها من احتمالات عودة اولئك المقاتلين من سوريا الى روسيا وبلدان الكومنولث . 

وأكد بوتين أن هذه المهمة تقف في صدارة اولويات اجهزة الامن الروسية، وهو ما اكده نيكولاي باتروشيف سكرتير مجلس الامن القومي الروسي ومديرو أجهزة الامن والمخابرات في روسيا . وكانت وكالة انباء "تاس" نقلت تصريحات الرئيس بوتين التي قال فيها إن "نظام حرية تنقل المواطنين المعمول به بين الكثير من بلدان الاتحاد السوفييتي السابق يحمل في طياته الأخطار التي تهدد أمن هذه البلدان، ويمكن أن تكون "نبتة" لظهور الارهاب وخاصة بالنسبة لنا في روسيا". وأضاف بوتين أن الذين انضووا تحت لواء "داعش" من روسيا ، ينتمون في معظمهم الى منطقة شمال القوقاز. 

وبهذا الصدد ايضًا، ننقل عن الرئيس بوتين ما قاله في اكتوبر 2015 في قمة رؤساء بلدان منظومة الكومنولث أي في الشهر التالي لبدء العملية العسكرية الروسية في سوريا، انه " وبموجب مختلف التقديرات، فإن عدد الذين يقاتلون في صفوف "داعش" يتراوح بين خمسة – سبعة الاف من مواطني روسيا وبلدان الاتحاد السوفييتي السابق، وهو ما لا نستطيع معه السماح بأن يعود امثال هؤلاء ليمارسوا ما اكتسبوه من خبرات قتالية في سوريا لدينا في بلداننا". واذا اضفنا الى كل ما اشرنا اليه ما سبق واعلنته مصادر شيشانية حول عودة المقاتلين الشيشان الى الاعلان عن انفسهم بعد انتهاء الحرب الشيشانية الثانية 1999-2000 بالانضمام الى صفوف المعارضة السورية، فاننا نكون امام صورة مغايرة لما يقوله الناطق الرسمي باسم الكرملين. 

وكانت صحيفة "كوميرسانت" الروسية نقلت عن عثمان فيرزاولي الذي كان يزعم بأنه "وزير دفاع جمهورية الشيشان المستقلة" اعترافاته حول وجود ما يزيد عن المائتي شيشاني ممن قال إنهم يقاتلون في صفوف قوات المعارضة السورية. وكشف فيرزاولي الذي كان يقيم في إحدى الدول الغربية حسب اشارة "كوميرسانت" عن ان غالبية هؤلاء الشيشانيين ينحدرون عن عائلات شيشانية غادرت الشيشان وشمال القوقاز في اعقاب الحربين الشيشانيتين الاولى 1994-1996 ، والثانية في 1999-2000، فيما قال إنهم يصلون الى سوريا عبر الحدود المتاخمة لتركيا، استجابة لدعوات من جانب دوكو عمروف امير امارة شمال القوقاز وبمساعدة عيسى عمروف أحد اقارب مولادى اودوغوف الذي سبق وشغل منصب وزير الاعلام في حكومة الرئيس الشيشاني الاسبق جوهر دودايف. 

وقال فيرزاولي إن عيسى عمروف يقيم في سوريا لكنه يتحرك بحرية حتى داخل الاراضي الروسية التي يزورها من آن لآخر لتجنيد المقاتلين المرتزقة من الشيشانيين وابناء شمال القوقاز.وكانت وزارة الخارجية الروسية كشفت في بيان لها صدر آنذاك عن وجود ما يزيد عن المائتين من المرتزقة من أبناء الشيشان وشمال القوقاز في صفوف المعارضة السورية المسلحة وأيضًا ضمن مقاتلي "جبهة النصرة" الارهابية. 

وفي هذا الشأن، نعيد الى الاذهان ما قامت به السلطات الروسية عبر ممثلي جمهورية الشيشان من جهود خلال الاسابيع القليلة الماضية لاعادة من بقي من اطفال وعائلات المقاتلين الشيشان، الذين سبق وانضموا الى المنظمات الارهابية في سوريا والعراق، الى الوطن الام بعد تحرير المناطق التي كانوا يقيمون بها.