واشنطن: تعهدت الولايات المتحدة الاثنين تقديم ستين مليون دولار مساعدة الى قوة منطقة الساحل الافريقية لمكافحة الجهاديين، لكنها رفضت مطالب فرنسية وافريقية بمنح الأمم المتحدة دورا قياديا في هذا الملف.

واعلن وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون ان الولايات المتحدة تعهدت المساهمة بالمبلغ قبل ساعات من اجتماع لمجلس الأمن الدولي الاثنين للبحث في سبل دعم قوة مجموعة دول الساحل الخمس (بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد) التي أطلق عليها "جي5"(قوة مجموعة دول الساحل الخمس). 

وقال تيلرسون "انها معركة يجب ان نكسبها وهذه الاموال ستلعب دورا اساسيا في انجاز هذه المهمة". ووصف دول الساحل الخمس بـ"الشركاء الاقليميين".

وعبرت واشنطن سابقا عن دعمها لهذه القوة وتنشر قوات وطائرات بدون طيار في المنطقة لمساندة عمليات ضد الجهاديين.

ياتي هذا الدعم المالي نتيجة للضغوط الدبلوماسية الملحة لفرنسا التي تسعى الى زيادة المساعدات لمجموعة دول الساحل الخمس، المنطقة غير المستقرة التي تنشط فيها باريس عسكريا من خلال عملية برخان.

وابلغت سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة نيكي هايلي المجلس "نعتقد بان قوة +جي5+ ينبغي ان تكون اولا وقبل كل شيء بتصرف دول المنطقة"، مضيفة ان دول هذه القوة يجب ان "تتولى التصرف بها بشكل كامل". وتابعت أن "هذا الاتجاه سيكون الأكثر فاعلية في النهاية لتحرير المنطقة من الارهاب".

ورفضت هايلي مقترحات للسماح لقوة الامم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما)، بمساعدة القوات المشتركة، مشددة ان مواردها يجب الا تستنزف. كما رفضت بشكل ضمني مقترحا من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش بافتتاح مكتب للمنظمة في الساحل يمكنه تقديم بعض المساعدة والاشراف على القوة، خصوصا للحفاظ على حقوق الانسان.

لكن هايلي قالت "لدينا ايضا تحفظات جادة ومعروفة حيال استخدام موارد الامم المتحدة لدعم انشطة غير تابعة للامم المتحدة".

تدابير غير مكتملة
واستمع مجلس الامن الى وزراء خارجية فرنسا ومالي ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فقي محمد الذين طالبوا بدعم متعدد الاطراف لمساعدة دول الساحل في تعزيز امنها.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ان الدعم المتعدد الاطراف سيكون بمثابة "اشارة دعم مهمة من الاسرة الدولية لدول +جي5+ في كفاحها ضد التنظيمات الارهابية".

بدوره قال وزير خارجية مالي عبد الله ديوب إن التمويل من خلال الامم المتحدة سيكون "الخيار الوحيد الذي سيضمن تدفق مستدام" للموارد لعمليات القوة المشتركة. وحذر رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي من أن "التدابير غير المكتملة لن تكون كافية". 

وأكد دبلوماسيون فرنسيون ان الولايات المتحدة لم تغلق الباب بوجه دعم الامم المتحدة للقوة، والذي يمكن تحديده في مشروع قرار جديد لمجلس الامن. واشار لودريان للصحافيين في ختام اجتماع المجلس الى مشروع قرار مقترح يحدد اوجه التعاون بين مينوسما وقوة جي5. وتنشر فرنسا 4000 جندي ضمن عملية برخان لمواجهة الجهاديين في دول الساحل.

خيارات الأمم المتحدة الأربعة
وتحولت منطقة الساحل الشاسعة إلى مسرح للتطرف والعنف وغياب القانون منذ انتشار الفوضى في ليبيا منذ العام 2011 وسيطرة الإسلاميين على شمال مالي عام 2012 وظهور جماعة بوكو حرام في شمال نيجيريا. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر، نصب مسلحون مرتبطون بتنظيم الدولة الاسلامية كمينا ادى الى مقتل أربعة جنود أميركيين كانوا في دورية استطلاع برفقة جنود نيجريين قرب الحدود بين النيجر ومالي.

وخسرت بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي 17 عنصرا جراء هجمات العام الحالي، في حصيلة تعد بين الأعلى ضمن عمليات حفظ السلام الحالية.

وقال غوتيريش للمجلس ان الدعم السياسي والمادي للقوة "لا يمكن الاستغناء عنه"، موضحا أن المنظمة الاممية يمكن ان تعبئ سريعا لمساعدة القوات.

وفي تقرير ارسله للمجلس هذه الشهر، عرض الامين العام اربعة خيارات مقترحة لدعم الامم المتحدة تراوحت من انشاء مكتب في الساحل وحتى مشاركة الموارد من بعثة الامم المتحدة الكبيرة في مالي. لكن الولايات المتحدة، أكبر مساهم مالي في الأمم المتحدة، رفضت الخيارات الاربعة على الارجح.

ياتي رفض واشنطن دعم الامم المتحدة لقوة الساحل بعد ان تفاوضت الادارة الاميركية لاقتطاع 600 مليون دولار من ميزانية قوات حفظ السلام العام الحالي.

وتقدر تكلفة عمليات القوة في عامها الاول ب 423 مليون يورو (نحو 491 مليون دولار)، لكن مسؤولين فرنسيين قالوا إنه يمكن خفض التكاليف لتصل إلى ما يقرب من 250 مليون يورو.

وقبل التعهد الاميركي بتقديم الستين مليونا، تم جمع 108 ملايين يورو فقط، بينهم 50 مليونا من دول الساحل نفسها. ومن المقرر عقد مؤتمر للدول المانحة في بروكسل في 14 ديسمبر.