بكين: أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ عزمه بناء جيش حديث يرقى إلى مصافي أقوى جيوش العالم بحلول 2050. وإن كان الأمر يثير قلق جيرانها الآسيويين، فإن المحللين يرون أن طموحات بكين العسكرية لا تمثل تهديداً استراتيجيًا وشيكًا.

مع شراء وبناء مقاتلات وسفن حربية وأسلحة متطورة، ارتفعت ميزانية الدفاع الصينية على المدى الثلاثين سنة الماضية بثبات لكنها لا تزال مع ذلك أقل بثلاث مرات من ميزانية الولايات المتحدة. وبالتالي تسعى بكين إلى تقليص الفارق.

أكد شي أمام 2300 مندوب، مشاركين في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، "علينا أن نحدِّث دفاعنا الوطني والجيش في سنة 2035 وفي حوالي منتصف القرن أن نجعل من الجيش الشعبي جيشاً يرقى الى المستويات العالمية".

وقال الخبير العسكري في جامعة التكنولوجيا في نانيانغ في سنغافورة إنه "خطاب يداعب المشاعر القومية لدى الرأي العام"، وهو كذلك رسالة "إلى الدول الأخرى ليعرب لها عن رغبة بكين في حيازة جيش بمثل قوة اقتصادها" الثاني عالمياً.

خسرت الصين في كل النزاعات التي خاضتها منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وقال الاستاذ في معهد بحث استراتيجية الدفاع في شنغهاي ني ليشيونغ، "يحدونا حلم، أكثر من أي بلد آخر، في بناء جيش قوي. ليس بهدف ترهيب الشعوب الأخرى وإنما لكي ندافع عن أنفسنا (...) الاطاحة بأنظمة الحكم في العراق وليبيا شكلت تنبيهاً لنا بشأن ضرورة ذلك".

- جيران قلقون -

لم تشارك الصين في أي نزاع منذ حرب خاطفة خاضتها ضد فيتنام في سنة 1979. لكنها عززت حضورها الدولي.

ودشنت الصين هذه السنة أول قاعدة عسكرية في الخارج في جيبوتي. وتشارك بحريتها منذ سنة 2008 في عمليات مكافحة القراصنة قبالة الصومال وفي خليج عدن. وهي أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. إذ تنشر الصين 2500 جندي وخبير عسكري في إطار هذه المهام.

ولكن الصين تثير قلق جيرانها.

فهي تختلف مع الهند على عدة مناطق حدودية وخاضعت معها مواجهة غير عسكرية في الهيمالايا على مدى شهرين.

وتبدي اليابان انزعاجها من الدوريات البحرية الصينية المنتظمة بالقرب من جزر "سنكاكو" التي يسميها الصينيون "دياو"، وتطالب بها الصين. وتقول طوكيو إن تعزيز القوات الصينية هو "عامل قلق على أمن المنطقة".

وتطالب الصين بأحقيتها على القسم الأكبر من بحر الصين الجنوبي وتتنازع على أجزاء منه مع فيتنام والفيليبين وماليزيا. ومنذ وصوله إلى الحكم في 2012، عزز شي جينبينغ الحيود المرجانية التي تسيطر عليها الصين لإقامة منشآت عسكرية ومدارج هبوط.

ولكن جولييت جنيفاز الباحثة في معهد البحوث الاستراتيجية في الكلية العسكرية الفرنسية قالت إنه "ليست لدى الصين نزعات قتالية. ولكن لا جدال في أن زيادة قوتها العسكرية تقود إلى سباق تسلح في آسيا". وأضافت أن "اليابان تتحدث عن تسليح نفسها، وكوريا الجنوبية تنصب نظامًا لاعتراض الصواريخ، ونشهد زيادة سريعة في ميزانيتي الدفاع الفيتنامية والفيليبينية".

- حرب مفتوحة - 

في سنة 2016، بلغت النفقات العسكرية الصينية 215 مليار دولار وفق المعهد الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم لتصبح في المرتبة الأولى في آسيا، متقدمة بأشواط عن الهند التي بلغت نفقاتها 56 مليار دولار واليابان (46 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (37 مليار دولار).

لكن التوتر تراجع خلال الأشهر الماضية مع فيتنام والفيليبين. ومع الهند قال مانوج جوشي من مكتب مؤسسة الرصد البحثي في نيودلهي إنه "قد تكون هناك بالطبع بعض الخلافات هنا وهناك مع الهند ولكن من غير المتوقع اندلاع حرب مفتوحة بين الجارتين النوويتين".

وقال جيمس تشار إنه كان على شي جينبينغ أن يستعرض عضلاته على رأس الجيش خلال سنوات حكمه الأولى ولكنه بعد أن ضمن "السيطرة المطلقة" للحزب الشيوعي على الجيش بعد التخلص من اثنين من كبار الضباط بتهمة الفساد، فالأرجح أن يتوخى الحذر في المستقبل.

واضاف: "الآن وقد عزز سلطته، لم يعد بحاجة الى افتعال أزمات خارجية ويمكن أن نتوقع أن تعتمد بكين سياسة دبلوماسية أقل عدائية على المديين المتوسط والقصير. وستواصل الصين تعزيز حضورها أبعد من سواحلها وربما تقوم بتدشين قواعد جديدة في الخارج".

وأضاف لكنها وفي حين ستواصل الدفاع بشراسة عن أحقيتها في مناطق متنازع عليها، "فالأرجح أن تتصرف بتأنٍ على الساحة الدولية ولن تنخرط في حملات ردع خارجية كتلك التي يقوم بها الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان".