جبل الشيخ: منذ حوالى ست سنوات، يعبر العديد من الجرحى المصابين في النزاع السوري بمساعدة مهربين، الى الجزء الذي تحتله اسرائيل من هضبة الجولان حيث يكون في انتظارهم جنود اسرائيليون ينقلونهم الى مستشفيات لتلقي العلاج.

ويصل الجرحى عادة على ظهر حمير، خلال الليل. ويتكرر الامر مرات عدة أسبوعيا. في الوقت ذاته، يعيد الجنود المصابين الذين أنهوا علاجهم الى الجانب السوري.

وتشير أرقام عسكرية اسرائيلية الى أن أكثر من 3100 جريح في الحرب السورية تلقوا العلاج في اسرائيل منذ 2013.

في المساء الذي كانت وكالة فرانس برس تتواجد في المكان، تأخر وصول خمسة مصابين بسبب تبادل النيران، ثم وصلوا على الحمير، عبر الطرق المتعرجة من الجانب جبل الشيخ من الجانب السوري، اعلى نقطة على هضبة الجولان. ويشير الطبيب تومير كولار من الوحدة 210 المسؤولة عن الجبهة السورية الى ان ثلاثة منهم يعانون من كسور نتيجة اصابتهم، بينما أصيب الآخران بشظايا قذيفة وهما في حالة خطرة.

ويقول لوكالة فرانس برس "في بعض الحالات، نحن على تواصل مع الاطباء على الجانب الاخر. ولكن في الغالب، يصل المصابون وحدهم. وهم يعرفون ان هناك اماكن معينة للتوجه اليها حيث نكون في انتظارهم".

ويضيف "لا توجد سيارة إسعاف على الجانب الآخر. في بعض الاحيان يصلون في شاحنة او سيارة، ولكن في جبل الشيخ، يأتون على ظهر الحمير. وعندما يصلون في الشتاء وسط الثلوج، فإنهم يكونون في حالة خطرة للغاية".

ويتم نقل ثلثي المصابين الى مركز الجليل الطبي في نهاريا في شمال اسرائيل. وتم تخصيص قسم في المستشفى تحت الارض للرجال وهو يخضع لمراقبة مستمرة. بينما تعالج النساء والاطفال في اقسام اخرى.

- مقاتلون ضد الاسد -

ويتلقى أحد المصابين، هاني (28 عاما، اسم مستعار) الذي فقد جزءا من وجهه خلال عملية لقوات النظام السوري، العلاج في نهاريا منذ أكثر من عام. وقد فقد عينا واحدة وخضع لعمليات جراحية عدة.

ويقول "أصدقائي الذين عادوا (الى سوريا) يقولون لي إبق لتلقي العلاج في اسرائيل. لا يوجد علاج هناك"، موضحا ان الكثير ممن عادوا الى سوريا أخبروه ان العلاج في اسرائيل "قوي للغاية".

ويقول لوكالة فرانس برس "أريد ان أشكر اطبائي والممرضين الذين ساعدوني بطريقة لم اكن اتوقعها. أشكر دولة اسرائيل على مساعدتها للسوريين".

ووصل سامح (31 عاما) الى المستشفى قبل ثلاثة اسابيع، وتم بتر ذراعه بعد إصابته في قتال مع الجيش السوري.

ويقول سامح "سأعود الى عملي بعد العلاج وأقاتل مع الجيش الحر".

ويضيف "النظام وضح لنا صورة ان اسرائيل عدو، وممكن التعامل مع أي كان، مع الشيطان إلا مع اسرائيل، لكنني ممتن لما فعلته لي اسرائيل".

ويشير الشاب الى أنه فوجىء برؤية هاني على قيد الحياة في المستشفى في اسرائيل بعد اصابته الخطيرة.

ومنذ بداية الحرب في سوريا في 2011، تتابع اسرائيل باهتمام تطور الاوضاع لدى جارتها، مشددة على أنها لن تتدخل في النزاع، إلا أنها تحتفظ لنفسها بحق ضرب قوافل اسلحة لحزب الله او مواقع للقوات النظامية السورية عندما تشعر أن أمنها في خطر.

- المسألة الدرزية -

وسعت اسرائيل الى تفادي الانخراط بشكل مباشر في الحرب الاهلية السورية المستمرة منذ ست سنوات، لكن جيشها يرد على إطلاق النار اذلي يطال الاراضي الاسرائيلية من الجانب السوري.

وأعلن الجيش الاسرائيلي الجمعة في بيان غير معهود استعداده لتقديم المساعدة لقرية الحضر السورية الدرزية التي يسيطر عليها الجيش السوري في هضبة الجولان، ووعد بعدم السماح بسقوطها في أيدي الفصائل التي تقاتل القوات السورية.

وجاء البيان في محاولة لارضاء الأقلية الدرزية في اسرائيل، والدروز من سكان هضبة الجولان المحتلة الذين اتهموا اسرائيل بمساعدة المتمردين. 

وترفض اسرائيل تاكيد او نفي التقارير التي تتحدث عن وجود عناصر في جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية بين الجرحى الذين تستقبلهم.

ويقول الطبيب تومير كولار "عندما يصل احدهم، لا اسأله الى اي جانب ينتمي. انا ارى مصابا واقوم بعلاجه".

ويشير الى ان غالبية المصابين هم من "المدنيين"، ولكنه لا يستبعد "امكانية وجود مقاتلين ايضا".

ويقول الباحث الاسرائيلي ايلي كارمون المتخصص في مكافحة الارهاب ان المساعدات التي يقدمها الجيش الاسرائيلي للمصابين تندرج في اطار "مصالحه التكتيكية" مثل الهدوء على خط فض الاشتباك، وايضا مصالح "استراتيجية: كابقاء منطقة عازلة (يسيطر عليها مقاتلو المعارضة السورية) وتعزل اسرائيل عن حزب الله والقوات الايرانية التي تقاتل في جنوب سوريا".

ومنذ حرب حزيران/يونيو 1967، تحتل اسرائيل 1200 كلم مربع من هضبة الجولان، في حين ان 510 كيلومترات مربعة من الهضبة تحت السيادة السورية.

والمعروف ان خط فض الاشتباك بين سوريا واسرائيل في هضبة الجولان يعتبر هادئا، وتوتر الوضع نسبيا في هذه المنطقة بعد اندلاع الاحداث في سوريا عام 2011.