أعلن ماكرون الثلاثاء أنه يريد ضرب المهرّبين الذين يستغلون مهاجرين في ليبيا، كما ندد بـ"الجرائم التي لا جدال فيها" للاستعمار الأوروبي، وذلك في مستهل أول جولة أفريقية له وسط أجواء متوترة بين جنود فرنسيين ومتظاهرين في عاصمة بوركينا فاسو.

إيلاف: في خطاب القاه امام 800 طالب في جامعة واغادوغو، قدم الرئيس الفرنسي نفسه كممثل لجيل فرنسي يعتبر "ان جرائم الاستعمار الاوروبي لا جدال فيها" مع تاكيده انه كانت هناك ايضًا في هذا الماضي "اشياء كبيرة وتواريخ سعيدة".

واعلن ماكرون انه "سيقترح مبادرة اوروبية افريقية (...) لضرب المنظمات الاجرامية وشبكات المهربين" التي تستغل مهاجري افريقيا جنوب الصحراء في ليبيا. كما اعلن عن "دعم مكثف لاخلاء اشخاص في خطر" في ليبيا واصفا بيع مهاجرين كعبيد في سوق بليبيا بانه "جريمة ضد الانسانية". تلت الخطاب اسئلة واجوبة.

ومن المقرر ان يزور ماكرون لاحقا ابيدجان، حيث تعقد قمة الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي ثم غانا. ويسعى ماكرون الى اقناع شباب افريقيا، الذي تزداد معارضته للوجود الفرنسي في القارة على خلفية تهديد منظمات ارهابية وتجد القوات الفرنسية في المنطقة صعوبات في مكافحتها ومكافحة تدفق مهاجرين تريد اوروبا وقفه.

ستكون مسالة الهجرة الافريقية الى اوروبا والامن في قلب القمة الافريقية الاوروبية الخامسة بابيدجان.

تظاهرة احتجاج في واغادوغو
تزامن وصول ماكرون مساء الاثنين الى واغادوغو مع توتر. فقبل ساعتين من وصوله، القى ملثمان قنبلة يدوية على آلية للجيش الفرنسي في احد الاحياء الشمالية لعاصمة بوركينا فاسو واغادوغو. ولم يصيبا هدفهما، لكنهما تسببا في جرح ثلاثة مدنيين، اصابة احدهم خطرة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.

وتقيم فرنسا القوة المستعمرة السابقة تعاونا عسكريا لم ينقطع مع سلطات بوركينا فاسو منذ حصول هذا البلد على الاستقلال باسم فولتا العليا في 1960. ومنذ 2010 عندما توضح التهديد الجهادي في منطقة الساحل والصحراء، تقدم عناصر من القوات الخاصة الفرنسية متمركزون في واغادوغو دعمهم لقوات الدفاع التي تدخلت خصوصا خلال اعتداء يناير 2016 (30 قتيلا) بعدما اطلق جهاديون النار على شرفات في وسط المدينة.

وشهدت العاصمة في اغسطس 2017 اعتداء مماثلا اسفر عن سقوط 19 قتيلا. وقال الرئيس الفرنسي الذي تطرق باقتضاب الثلاثاء الى الهجوم من دون اعطائه اهمية، عند وصوله ان بوركينا "هي رمز التطلع الى الديموقراطية عند الشباب الافريقي"، مشيرا بذلك الى الانتفاضة الشعبية التي اطاحت الرئيس بليز كومباوري بعد 27 عاما في السلطة وقادها الشباب الذي يشكلون اكثر من نصف السكان.

لكن التوتر استمر الثلاثاء، حيث اقام عشرات المتظاهرين حواجز على الجادة المؤدية لجامعة واغادوغو للتعبير عن احتجاجهم على زيارة ماكرون.

ورفع المحتجون شعارات منها "يسقط استغلال الغرب لافريقيا"، وعطلوا تحرك السيارات المتجهة الى الجامعة لحضور خطاب ماكرون. وتمركز المحتجون على بعد بضع مئات من الامتار من الجامعة وكانوا لا يزالون في مواجهة مع قوات مكافحة الشغب عند ظهر الثلاثاء.

جرائم لا جدال فيها
ويحتاج ماكرون إقناع شباب يرتاب كثيرا من فرنسا. ويطالب الشباب بانهاء كل ما يجسد في نظرهم الماضي الاستعماري اي "نهب الموارد" من قبل الشركات الفرنسية وربط الفرنك الافريقي باليورو... والوجود العسكري الفرنسي. واثناء تظاهر المحتجين اكد ماكرون في خطابه بالجامعة ان "جرائم الاستعمار الاوروبي لا جدال فيها" داعيا الى ارساء "علاقة جديدة".

من جهة اخرى تعهد ماكرون الثلاثاء اثر اجتماعه برئيس بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوري نزع السرية عن كل الوثائق الفرنسية المتعلقة باغتيال رئيس بوركينا السابق توماس سانكارا في 1987.

ملف اغتيال سانكارا الذي كان مناضلا ضد الاستعمار وداعيا الى الوحدة الافريقية، ظل من المحرمات لفترة 27 عاما من حكم الرئيس السابق بليز كومباوري الذي خلف "اب الثورة" البوركينية.

ويشتبه في مشاركة كومباوري الذي يعيش حياة المنفى في ساحل العاج منذ 2014، في مؤامرة اغتيال سانكارا ويعتبره الكثير من المواطنين يد فرنسا القوة المستعمرة السابقة والتي ازعجتها سياسات سانكارا المناهضة للاستعمار.

كما تطرق ماكرون الى ملف شائك آخر هو ملف فرنسوا كومباوري شقيق بليز الموقوف في فرنسا منذ نهاية اكتوبر في اطار تحقيق في اغتيال الصحافي نوربرت زونغو في 1998 والذي تطالب سلطات واغادوغو بتسليمه لها. وقال الرئيس الفرنسي "يعود للقضاء الفرنسي اتخاذ هذا القرار، وسافعل كل ما بوسعي لتسهيل ذلك".