"لا يمر يوم دون أن يسألني والداي متى ستتزوجين؟ نريد أن نرى أولادك، نريد أن نراك سعيدة". هكذا قالت مروة حسين رائدة من رائدات الأعمال في صعيد مصر.

كانت مروة تتحدث في مؤتمر يوم رائدات الأعمال الذي أقيم في القاهرة بدعم من إحدى مؤسسات البنك الدولي وبالتنسيق مع بعض المؤسسات المصرية الخاصة.

كان أكثر ما يلفت الانتباه عندما تدخل إلى قاعة المؤتمر وجود ملصقات ضخمة تحمل هاشتاغ "#حنفرح_بيكي_امتى؟". فقد اختار القائمون على المؤتمر أن يطلقوا عليه هذا الاسم لتسليط الضوء على مفهوم اجتماعي مغلوط من وجهة نظرهم. وهذا سؤال تقليدي اعتادت عليه كل الفتيات في مصر تقريبا، إذ يربط معنى الفرحةعادة بالزواج وإنجاب الأبناء.

"أردنا تحويل هذه العبارة السخيفة إلى شيء إيجابي. نريد أن نقول إن قيمة المرأة لا تقاس بوضعها الاجتماعي، كما أن تمكين المرأة يقوم بالأساس على منحها حرية الاختيار لتفعل ما تشاء، فمن حقها أن تختار أن تكون ربة أسرة وأما، ومن حقها أن تتطلع لتأسيس العمل الخاص بها وأن تغزو السوق وعالم ريادة الأعمال،" كما تقول مي عبد السلام، إحدى القائمات على المؤتمر ومؤسسة مجلة What Women Want، موضحة سبب اختيار هذا الهاشتاغ كعنوان للمؤتمر.

مي عبدالسلام
BBC
مي عبدالسلام - مؤسسة مجلة What Women Want

"كنت دائما أقول إن سعادتي تنبع من نجاحي المهني ومن نمو شركتي يوما بعد يوم. لكن هذا الرد لا يبدو مقنعا لأهلي وأصدقائي"، كما توضح مروة التي أسست، قبل ست سنوات، شركة مقرها محافظة سوهاج بجنوب مصر، لتدريب وتعليم أبناء وبنات الصعيد على تكنولوجيا المعلومات وفن ريادة الأعمال.

"يوم رائدات الأعمال"

تواجه امرأة مثل مروة تحديا صعبا أكبر بكثير من قريناتها اللاتي يعشن في العاصمة مثلا. فسكان الصعيد أكثر تمسكا من غيرهم بالمعتقدات والأفكار التقليدية التي تضع المرأة في قالب الزوجة والأم أولا وقبل كل شيء. كما أن مدن الصعيد هي من أقل مدن البلاد في معدلات التنمية والخدمات.

مروة حسين
BBC
مروة حسين أسست شركة في سوهاج لتدريب أبناء وبنات الصعيد على تكنولوجيا المعلومات وفن ريادة الأعمال.

"لا توجد امرأة لا تحلم بالزواج. لكنني لا أتعجل الأمر وحتى يحين الوقت المناسب سأظل أدرس وأعمل. فلا أستطيع أن أصف حجم سعادتي عندما أرى من يترددون على شركتي من المتدربين والمتدربات ممن نجحوا في إقامة مشاريعهم الخاصة في الصعيد، لأننا نحاول أن نوفر لهم الدعم من بعض المؤسسات المانحة. فالصعيد ينقصه الكثير، ولا تعرف رائدات الأعمال لمن يلجأن من أجل المشورة إذا واجهن عقبات."

ويحاول المؤتمر أن يقدم هذا الشكل المطلوب من الدعم، إذ يأتي احتفاء بمباردة أطلقتها ناشطة وكاتبة أمريكية قبل ثلاثة أعوام. ففي عام 2014 قررت ويندي ديماوند إنشاء مؤسسة "يوم رائدات الأعمال" الخيرية، بهدف تقديم الدعم اللازم لتمكين المرأة في أكثر من 140 دولة حول العالم. واختارت المؤسسة 19 من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام للاحتفال برائدات الأعمال في الدول التي تعمل بها، لتقام حتى نهاية الشهر فعاليات مختلفة تعزز مفهوم تمكين المرأة. كما قررت المؤسسة أن تختار عددا من السفيرات في بعض الدول، كان من بينهن مي عبد السلام في مصر.

وتشرح لنا مي قائلة: "نحاول أن نقدم أولا الدعم المعنوي من خلال قصص نجاح ملهمة لسيدات الأعمال ناجحات، كما أننا نوفر قناة للتواصل ما بين السيدات الناجحات وأولئك المبتدئات. ونسعى في المستقبل إلى توفير الدعم المادي من خلال مشاركة بعض الجهات المانحة في المؤتمر التي ستوفر التمويل والتدريب."

"تمكين المرأة يبدأ من المنزل"

وترى مي أن المفاهيم المجتمعية تظل عقبة أمام رائدات الأعمال المصرية مشيرة إلى أن المجتمع "لا يزال يشعر الفتاة أنها دائما ما ينقصها رجل، فتمكين المرأة يبدأ من المنزل، فالفتاة تحتاج إلى أب وأم يؤمنان بها وبقدرتها على النجاح".

عزة فهمي
BBC
عزة فهمي، مصممة الحلي المعروفة

عبرت عزة فهمي، مصممة الحلي المصرية الشهيرة، عن فكرة مشابهة بعض الشيء عندما سألتها عن أكبر مشكلة واجهتها في بداية طريقها وقبل أن تتحول لاسم لامع في مجالها على مستوى العالم العربي "كانت مشكلتي الأسرة فأنا أتحمل جميع أعباء المنزل وتربية الأولاد. ودائما ما تلام الأم العاملة إذا كان هناك أي تقصير في احتياجات الاسرة".

وتضيف: "فالمرأة العاملة تحتاج إلى رجل متفهم، يشاركها الأعباء ويرفع عن كاهلها بعض المسؤوليات حتى يدفعها للنجاح. لكن بعيدا عن ذلك لم أواجه عقبات تذكر، فكنت مصرة على تحقيق حلمي حتى وإن تعثرت، كنت أنجح في تخطي العثرات".

أما رنده عبده، التي كانت من أوائل من أسسوا شركات للتسويق في مصر في منتصف التسعينيات، فترى أن جزءا كبيرا من نجاح المرأة يرجع إلى ثقتها بنفسها. وتقول "إذا نظرت المرأة لنفسها باعتبارها كائنا أقل من الرجل، فسيعاملها الآخرون على هذا الأساس، إما اذا كانت ترى نفسها مساوية للرجل فستنجح في أن تكتسب ثقة واحترام الجميع".

وتؤكد رنده أن بعض الأصدقاء الذين ساندوها في بداية مشوارها المهني كانوا من الرجال.

رندة عبده، من أوائل من أسسوا شركات للتسويق في مصر
BBC
رندة عبده، من أوائل من أسسوا شركات للتسويق في مصر

ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد رائدات الأعمال في مصر لكن بعض المشاركات في المؤتمر يعتقد أن العدد يتجه نحو الزيادة خلال السنوات المقبلة.

وترى رنده "أن المجتمع بات أكثر تشجيعا لفكرة ريادة المرأة للأعمال من ذي قبل. فالأمور تتجه نحو الأفضل".

سألت رنده كم مرة طرح عليها سؤال #حنفرح_بيكي_امتى؟ فتجيب: "كانت أمي ترد دائما على هذا السؤال نيابة عني. كانت تقول إنها سعيدة بي كما أنا، وأنني مسلحة بعلمي وعملي وهما لن يخذلاني أبدا."