جنيف: التقى الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس وفدي الحكومة والمعارضة في الأمم المتحدة في جنيف، غداة دعوته الطرفين للتخلي عن "الشروط المسبقة" والتركيز على انجاز "تقدم حقيقي" في جولة المفاوضات الراهنة.

ودعا دي ميستورا الوفدين الى الأمم المتحدة في توقيت واحد قبل ظهر الخميس. ولم يحدث أي لقاء مباشر بين الوفدين اللذين جلسا في قاعتين متقابلتين، تولى دي ميستورا ومساعدوه التنقل بينهما.

وقبل بدء اجتماعه المغلق مع الوفد الحكومي داخل إحدى القاعات، قال دي ميستورا أمام وسائل الاعلام "نحن هنا لأننا نريد أن يكون لدينا اليوم، أو نتمنى أن نرى اليوم، هذا النوع من التقارب في المناقشات، بطريقة متوازية".

 ولم يدل أي من الوفدين بتصريحات للصحافيين، في وقت أعلنت الأمم المتحدة عن مؤتمر صحافي يعقده دي ميستورا في وقت لاحق الخميس. 

وكان المبعوث الدولي يأمل بعقد مفاوضات مباشرة بين الطرفين في هذه الجولة الثامنة من محادثات السلام التي تركز بشكل خاص على موضوعي الدستور والانتخابات.

وأبدت المعارضة في اليومين الأخيرين استعدادها لمفاوضات مباشرة. وقال رئيس الوفد نصر الحريري لصحافيين الأربعاء "نريد التحرك سريعاً نحو مفاوضات مباشرة" مع دمشق.

وعقدت قوى المعارضة السورية الأسبوع الماضي اجتماعاً في الرياض شكلت خلاله وفداً موحداً الى المفاوضات. وغيّرت تسميتها من الهيئة العليا للمفاوضات الى هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية.

في المقابل، جزم مصدر سوري مطلع على مجريات المفاوضات لوكالة فرانس برس أنه "لن تكون هناك من مفاوضات مباشرة مع وفد الرياض"، في اشارة الى المعارضة، خلال هذه الجولة.

وحدد دي ميستورا الاربعاء عدداً من الضوابط لضمان سير المحادثات، معتبرا أن "الوقت حان للتركيز على تحقيق تقدم حقيقي في العملية السياسية من أجل الشعب السوري".

وحث الموفد الدولي الوفدين على "المشاركة بجدية في المباحثات بدون أي شروط مسبقة"، مطالباً الطرفين بالامتناع عن "الادلاء بأي تصريحات تهدف إلى الطعن في شرعية أي من المدعوين الآخرين". 

خفض سقف الشروط؟ 

ووصل الوفد الحكومي الى جنيف الأربعاء بعد تأخر ليوم واحد احتجاجاً على تصريحات لرئيس وفد المعارضة والمشاركين في اجتماع الرياض تمسكت بمطلب تنحي الرئيس بشار الأسد قبل المضي في الانتقال السياسي.

وتتوقع مصادر دبلوماسية في جنيف أن تخفض المعارضة السورية سقف شروطها لإعطاء دفع للمحادثات. لكن قياديين في وفد المعارضة ينفون تعرضهم لأي ضغوط بهذا الصدد.

وأكد قيادي في الوفد المعارض لوكالة فرانس برس رافضاً الكشف عن اسمه، تمسك المعارضة "بتحقيق الانتقال السياسي وفق ما نص عليه بيان جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة"، معتبراً أن التخلي عن مطلب تنحي الأسد "يعني نهاية المعارضة".

ويشارك الوفد الحكومي في هذه الجولة بعد تحقيقه سلسلة انتصارات ميدانية بدعم مباشر من حلفائه خصوصاً روسيا، ما يعزز موقعه التفاوضي، بحسب محللين.

لم يتفاوض معنا؟

وتتهم المعارضة السورية موسكو بمحاولة "الالتفاف على مسار جنيف" وممارسة الضغوط للتوصل الى تسوية تستثني مصير الأسد. 

وقال القيادي المعارض "في حال كان النظام قادراً على الحسم والتوصل بمفرده الى تسوية سياسية، فلماذا يقبل المجيء الى جنيف للتفاوض معنا؟".

وتبذل قوى دولية عدة جهوداً كبرى لإعادة الزخم الى مفاوضات جنيف، بعدما طغت عليها محادثات آستانا التي أثمرت التوصل الى اتفاق خفض التوتر في أربع مناطق سورية، ما أدى الى تراجع القتال الى حد كبير.

واتفقت موسكو مع طهران وأنقرة الأسبوع الماضي على تنظيم مؤتمر حوار بين الحكومة والمعارضة السورية في سوتشي في روسيا. وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "فرصة حقيقية" لانهاء النزاع، في مبادرة أثارت شكوكاً حيال توقيتها وخشية غربية من أن تطيح بعملية جنيف. 

ولم يُعلن موعد رسمي لهذا المؤتمر الذي ترفض المعارضة حتى الآن المشاركة فيه، فيما أكدت واشنطن وباريس الاثنين أن مسار جنيف هو المسار "الشرعي الوحيد" لحل النزاع السوري.

وتشهد سوريا نزاعاً منذ منتصف آذار/مارس 2011 بدأ باحتجاجات سلمية ضد النظام السوري، قبل أن يتم قمعه بالقوة ويتحول الى حرب مدمرة تسببت بمقتل أكثر من 340 ألف شخص.

وخلال سنوات النزاع، تصاعد نفوذ التنظيمات الجهادية على رأسها تنظيم الدولة الاسلامية الذي مني في الأشهر الأخيرة بخسائر بارزة في سوريا على ايدي القوات الحكومية المدعومة من روسيا وايران، وكذلك على ايدي قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن.

وأعلن التحالف الدولي بقيادة أميركية الخميس أن أكثر من 400 مقاتل من قوات مشاة البحرية الأميركية سيعودون قريباً إلى بلادهم بعد دعمهم قوات سوريا الديموقراطية في طرد التنظيم من الرقة (شمال) التي كانت تعد معقله الأبرز في سوريا.