الجزائر: بدأ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاربعاء أول زيارة له الى الجزائر بصفته رئيسًا للجمهورية حيث يزورها "صديقًا"، رافضًا ان يكون "رهين الماضي" المؤلم بين باريس ومستعمرتها السابقة.

وهبطت الطائرة الرئاسية ظهرا في العاصمة الجزائرية. وكان في استقبال ماكرون في المطار عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الامة الجزائري، ثاني مسؤول في الدولة، ورئيس الوزراء احمد اويحيى ووزير الخارجية عبد القادر مساهل.

وقال ماكرون في مقابلة مشتركة مع صحيفتي "الوطن" الناطقة بالفرنسية و"الخبر" الناطقة بالعربية نشرت الاربعاء، "أنا هنا في الجزائر بصفتي صديقا، وشريكا بنّاء يرغب في تعزيز الروابط بين بلدينا خلال السنوات القادمة، من أجل إثمار علاقاتنا الكثيفة".

واضاف "العلاقات الجديدة التي أود بناءها مع الجزائر، والتي أقترحها على الطرف الجزائري هي علاقة شراكة ند للند، نبنيها على أساس الصراحة والمعاملة بالمثل والطموح"، فيما تلقي مسألة الاستعمار 130 عامًا للجزائر (1830-1962) بثقلها على هذه العلاقات.

واكد الرئيس الفرنسي" لديّ نظرة رجل من جيلي، نظرة رئيس تم انتخابه على أساس مشروع انفتاحي، أنا أعرف التاريخ ولكنني لست رهين الماضي. لدينا ذاكرة مشتركة، يجب أن ندرك ذلك".

وقال "على فرنسا أن تبني مع الجزائر محورًا قويًا، محور أساسه الحوض المتوسط ويمتد إلى إفريقيا. بالطبع هناك صعوبات، ولكن يجدر بنا أن نتجاوزها مع كل الفاعلين في مجتمعينا، ومن أجل هذا علينا أن نعمل معا في مجالات التربية وتطوير الاقتصاد والمبادلات الثقافية".

ولفت الرئيس الفرنسي الى انه "على الجزائر أن تنفتح أكثر. هناك العديد من العراقيل التي تعيق الاستثمار في ما يتعلق بمراقبة المساهمات وقواعد سعر الصرف في الجزائر"، فيما تبقى فرنسا اكبر جهة مشغلة في الجزائر لكنها بدأت تخسر حصصها في السوق امام الصين ودول اخرى.

انتظار طويل، زيارة قصيرة

وسيلتقي المواطنين في وسط العاصمة بعد ان يضع اكليلاً من الزهر امام نصب ضحايا حرب الجزائر.

وبعد الظهر، سيزور نظيره عبد العزيز بوتفليقة (80 عامًا) في منزله في زيرالدة غرب العاصمة.

ولا يستقبل بوتفليقة الذي يتولى السلطة منذ 1999، الا القليل من القادة الاجانب منذ اصابته بجلطة دماغية في 2013.

ولن تستمر الزيارة سوى 12 ساعة. وعنونت صحيفة "ليبرتيه" الناطقة بالفرنسية الاربعاء "انتظار طويل، زيارة قصيرة" ملخصة بذلك الاجواء العامة لدى الصحافة الجزائرية.

وخلال محادثاته مع القادة الجزائريين وبينهم رئيس الوزراء احمد اويحيى، سيتطرق الرئيس الفرنسي الى الازمات في منطقة الساحل وليبيا والتي تثير قلق باريس والجزائر.

وسيحاول ماكرون تسريع نشر القوة المتعددة الجنسيات في منطقة الساحل (تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا) خلال اجتماع يعقد في 13 ديسمبر في باريس.

والجزائر التي لها نفوذ في المنطقة تولت رعاية محادثات لفترة طويلة افضت عام 2015 الى اتفاق سلام في مالي يواجه صعوبات في تطبيقه، ما تسبب بنفاد صبر باريس.

وقال الرئيس الفرنسي:"أنا أنتظر تعاوناً تامًا من قبل جميع من يشاركنا الهدف ذاته، وهو السلم المستدام في مالي. وبالفعل أتوقع الكثير من الجزائر في هذا المجال".

في موازاة ذلك، عبرت رابطة "اصدقاء غيسلان دوبون وكلود فيرلون" للصحافيين من اذاعة فرنسا الدولية "ار اف اي"، اللذين قتلا في مالي في 2013 عن املها في ان تؤدي زيارة الرئيس الفرنسي الى الجزائر الى دفع التحقيق قدمًا، فيما يشتبه قضاة التحقيق بأن القتلة المشتبه بهم لا يزالون في جنوب الجزائر.