لندن: في عام 2014، قام البيولوجي الكيمياوي فلويد رومزبيرغ وفريق من العلماء في معهد سكريبس للبحوث في ولاية كاليفورنيا الأميركية بتوسيع الأبجدية الوراثية الطبيعية لتضم حرفين آخرين في سلالة من بكتيريا إيكولاي.

في دراسة جديدة، اظهر فريق العلماء أن هذه السلالة الاصطناعية جزئيًا من بكتيريا إيكولاي قادرة على تحليل التعليمات من قواعدها النيوكليوتيدية الإضافية X وY للتعبير عن بروتينات جديدة. 

قال رومزبيرغ لرويترز: "هذه هي المرة الأولى التي ترجمت فيها خلية أحد البروتينات باستخدام حروف أبجدية وراثية جديدة. وهو أول تغيير للحياة على الاطلاق". 

لا تعطيل

لكن فريق العلماء أكد انه لا يعتزم استخدام دراسته بما يؤدي إلى نشوء أشكال هجينة جديدة من الحياة. واوضح رومزبيرغ أن قواعده النيوكليوتيدية الإضافية لا تستطيع الارتباط بالقواعد الطبيعية للحمض النووي، وأن هذه الكائنات العضوية شبه الاصطناعية لا تستطيع البقاء خارج المختبر. أكثر من ذلك، إنها لا تستطيع الهرب من مكانها. 

على الرغم من هذه التأكيدات، شدد البروفيسور براين إنغولز من جامعة واترلو الأميركية لموقع فيوتشرزم على أهمية توخي الحذر إزاء محاولات التلاعب بالحياة. قال: "لا جدوى من محاولة التمييز بين الطبيعي والاصطناعي، لكننا نستطيع أن نميز الجديد من القديم، وهنا ينبغي أن ننظر بقلق إلى إمكانية نشوء كائنات عضوية جديدة تُخل بالأنظمة البيئية الموجودة". 

لاحظ البروفيسور إنغولز أن دراسة رومزبيرغ وفريقه مصممة لمنع هذا الإخلال بالبيئة الطبيعية. قال: "من المستبعد جدًا أن تتفاعل الكائنات العضوية الجديدة مع الكائنات العضوية الموجودة بطرائق لا يمكن التنبؤ بها". 

روبوتات بيولوجية

وهكذا، من المستبعد أن تعطل الكائنات العضوية شبه الاصطناعية التي أوجدها فريق رومزبيرغ الحياة الموجودة على الأرض. لكن، هل يمكنها أن تؤدي دورًا في تطوير ذكاء اصطناعي عضوي بتصميم روبوتات ذات اجسام بيولوجية جزئيًا على سبيل المثال؟

قال رومزبيرغ لموقع فيوتشيرزم: "الكائن العضوي شبه الاصطناعي الذي لدينا الآن يحفظ معلومات أكثر ويستعيدها. والسؤال هو: ماذا يفعل المرء بهذه المعلومات؟ إذا أمكن تطوير ذكاء اصطناعي جيني، أحسب أن الكائن العضوي شبه الاصطناعي يمكن أن يُستخدم لاستضافته، وأن المعلومات الإضافية والأنواع المتاحة من البروتينات الممكنة يمكن أن تكون مفيدة". 

لكن، ثمة تطبيقات واقعية أكثر لهذه الكائنات العضوية شبه الاصطناعية، تتعدى تصميم روبوتات شبه عضوية. فهي يمكن أن تساعد في حلّ الكثير من مشكلات البشرية الكبرى في مجالات الصحة والزراعة والصناعة وغيرها. 

علاجات بروتينية

يأتي في مقدمة هذه التطبيقات تطوير علاجات دوائية جديدة ذات أساس بروتيني، ذلك أن كثيرًا من البروتينات المستخدمة في العلاجات الدوائية سرعان ما تغادر الجسم من طريق الكليتين. ويمكن استخدام الحمض النووي شبه الاصطناعي الذي طوره فريق رومزبيرغ لإيجاد بروتينات تحمل جزيئات دهنية تمنع طردها بسرعة من الجسم.

إلى جانب العلاجات الدوائية، يمكن استخدام الكائنات العضوية شبه الاصطناعية لتحسين البيئة. قال رومزبيرغ إن بالامكان إعطاء البكتيريا بروتينات تمكنها من تفتيت هيدروكاربونات معينة لاستخدامها في تنظيف بقع النفط المتسربة. 

يعتزم رومزبيرغ وفريقه مواصلة بحوثهم لدراسة الكائنات العضوية شبه الاصطناعية على مستويات جديدة، ويأملون في توسيع الأبجدية الوراثية لخلايا كائنات عضوية أكثر تعقيدًا من بكتيريا إيكولاي مثل الخميرة أو البشر. وبدأوا يفكرون أيضًا في عمل الشيء نفسه مع كائنات عضوية طبيعية بالكامل.

 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "فيوتشريزم". الأصل منشور على الرابط: 

https://futurism.com/scientists-took-giant-leap-forward-quest-create-artificial-life/