كراكاس:  بدأ نحو عشرين مليون فنزويلي الإدلاء بأصواتهم لانتخاب رؤساء بلدياتهم الاحد في اقتراع يبدو الرئيس نيكولاس مادورو شبه واثق بالفوز فيه في مواجهة معارضة مشرذمة، قبل ان يخوض الانتخابات الرئاسية للفوز بولاية ثانية العام المقبل.

وقد فتح حوالى 14 الف مركز اقتراع ابوابه عند الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (10,00 ت غ)، على ان تعلن النتائج الاولية بين الساعة 22,00 ومنتصف ليل الاحد الاثنين (بين 02,00 و04,00 ت غ).

وبعد ثلاثة اشهر من التظاهرات التي طالبت باستقالته، وقتل خلالها 125 شخصا، في هذا البلد النفطي الذي يشهد ازمة اقتصادية حادة بسبب تراجع اسعار النفط، ما زال رئيس الدولة الاشتراكي ثابتا وحتى في موقع اقوى على ما يبدو.

وفي مواجهته، تبدو المعارضة الممثلة في "تحالف الطاولة الديموقراطية" الذي يضم نحو ثلاثين حزبا، باهتة.

وبعد سنتين على انتصارها التاريخي في الانتخابات التشريعية والذي اتاح لها الفوز للمرة الاولى منذ 1999 بالاكثرية في البرلمان، تبدو المعارضة ممزقة بين تيارين يدعو احدهما الى الحوار بينما يريد الآخر اتباع خط اكثر تشددا.

وقد قررت احزاب قادة المعارضة الثلاثة انريكي كابريليس وليوبولدو لوبيز وهنري رامون الوب عدم تقديم مرشحين لانتخابات الاحد، منددين ب"غياب الضمانات" وخوفا من ان يتكرر سيناريو انتخابات الحكام التي جرت في تشرين الاول/اكتوبر وحقق فيها المعسكر الرئاسي فوزا كبيرا على الرغم من الاتهامات العديدة بالتزوير.

ولاحظت ريسا غريس-تارغو، من مؤسسة اوراسيا، ان مقاطعة الاحزاب الرئيسية الثلاثة في "تحالف الطاولة الديموقراطية" "سيضعف على الارجح معنويات القاعدة الانتخابية للمعارضة".

واضافت ان ذلك "سيؤمن نجاحا جيدا للحكومة، ويؤدي بالتأكيد بعد عرض القوة خلال الانتخابات المناطقية في أكتوبر، الى تعزيز ثقة الرئيس مادورو بحظوظه بالتحكم في نتيجة الانتخابات العام المقبل".

وتشكل هذه الانتخابات المحلية اختبارا للرئيس الذي انتخب في 2013 والمصمم على الترشح لولاية رئاسية ثانية في 2018 على الرغم من تراجع شعبيته الى نحو عشرين بالمئة فقط.

إحباط

في المعسكر المنافس لمادورو، يبدو الاحباط واضحا حيال هيمنة التشافيزية (تيمنا باسم الراحل هوغو تشافيز، الذي كان رئيسا من 1999 الى 2013) على كل المؤسسات تقريبا. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال نرفر هرتا، مصمم الغرافيك (38 عاما) "لا اريد أن اذهب وادلي بصوتي، لاني لا اصدق شفافية المجلس الوطني الانتخابي".

وتعبيرا عن الإستياء العميق المتفشي، قال سائق سيارة الاجرة فيكتور توريس في ماكاريبو (شمال شرق) "ذهبت لشراء الموز في أحد الأيام. فكان سعره 1900 بوليفار في الصباح، و3000 بعد الظهر. لا يمكننا ان نعيش على هذا المنوال. رجال السياسة يخيبون آملي".

ومن اصل 335 مدينة في البلاد، يتولى حزب مادورو 242 والمعارضة 76 فقط. اما بقية البلديات فيترأسها مستقلون.

وزادت الهزيمة الفادحة التي مني بها تحالف "طاولة الوحدة الديموقراطية" في انتخابات المناطق، من انقساماته: فقد انسحب منه عدد كبير من القادة البارزين، امثال ماريا كورينا ماشادو وكابريليس.

وقالت ماشادو ان المشاركة في الانتخابات تعني الاعتراف بشرعية الجمعية التأسيسية الواسعة الصلاحيات حتى انها تتجاوز البرلمان، المؤسسة الوحيدة التي تتولاها المعارضة، والمؤلفة بالكامل من انصار مادورو.

ويتعين على حكام المناطق ورؤساء البلديات، بعد انتخابهم، ان يقسموا يمين الولاء امام هذه الهيئة التي يرفضها قسم كبير من المجموعة الدولية. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت ماشادو "هذه ليست انتخابات، بل عملية منح" مناصب للموالين، مشيرة الى ان المشاركة في الانتخابات "خيانة".

وتوقع الخبير السياسي لويس سلامنكا في تصريح لوكالة فرانس برس "انتصارا شبه مؤكد للحكومة، يترافق مع امتناع كبير عن التصويت". لكن آخرين يرفضون التنازل. واكد يون غويكوشيا، المرشح لبلدية أحد احياء كراكاس "سيحاولون ان يسرقوا منا التصويت، لكننا لن نقدمه لهم هدية".

لكن التيار التشافيزي يحتفظ بقاعدة انتخابية صلبة، هي ثمرة "بنية زبائنية" فعالة، كما يقول عدد كبير من المحللين. ولدى تسلمه قسيمة الميلاد التي تقول الحكومة انها توزعها على اربعة ملايين شخص، أقر ويليام لوغو (65 عاما) "على رغم كل شيء، ساعدني الرئيس، ولا يمكنني ان اكون ناكرا للجميل".